فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم كله حين وافق على طلب نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون بلقائه والتباحث حول الملف النووي الكوري الشمالي، في وقت يتشدد فيه إزاء الاتفاق الدولي مع إيران حول ملفها النووي.
وتميزت العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية بالتوتر والعداء منذ العام 1953، ويتبادل الطرفان التهديدات وصولا إلى إعلان بيونغ يانغ أكثر من مرة قدرتها على استهداف أراض أمريكية بصواريخ قامت بتجربتها فعليا.
السلوك المتناقض للرئيس الأمريكي في الملفين الإيراني والكوري الشمالي أثار تساؤلات مراقبين وحيرتهم في الوقت ذاته، ففي حين ينتقد سلفه باراك أوباما بسبب الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، يسعى للتفاوض مع كوريا الشمالية التي اعتبرها مرارا أكبر راعية للإرهاب.
اقرأ أيضا: تسارع جهود عقد القمة الأمريكية الكورية وإطلاق سجناء
"إدارة سيئة"
وفي هذا السياق، يرى المستشار في "مجموعة مريديان الاستراتيجية للأبحاث السياسية" خالد صفوري، أنه "من الصعب إيجاد إجابة تحدد سبب تناقض ترامب، لأن كل أسلوب إداراته مليء بالتناقضات".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "مشاهدة الاستقالات في إداراته بشكل مستمر والفوضى العارمة التي تعيشها واشنطن تحت حكم ترامب، يجعل المقارنة في مواقفه واستعمال المنطق أمرا صعبا جدا، هذا أولا".
ويضيف صفوري: "اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن وبدعم من اليمين الأمريكي والمسيحي، هو الذي يضغط ويحاول إلغاء الاتفاق النووي الإيراني؛ لأنهم يعتبرون إيران العدو الرئيسي لإسرائيل".
ويكمل: "بالتالي في الملف الإيراني هناك ضغوطات كبيرة على ترامب من المتبرعين لحملته الانتخابية، الذين جلهم من الأثرياء اليهود، بعكس الملف الكوري، فإسرائيل غير معنية به".
"مطالب ليكودية"
ووافق المحلل السياسي سعيد عريقات صفوري في رأيه بأن هناك اختلافا بين الملف الكوري الشمالي والإيراني، في النظرة التي تسود البيت الأبيض في ظل إدارة ترامب.
ويقول عريقات لـ"عربي21": "في الملف الإيراني ترامب ينفذ المطالب الليكودية الإسرائيلية، حيث وعد منذ اللحظة الأولى لسعيه للفوز بالانتخابات قاعدته اليمينية والتجارية، بأنه سيلغي هذا الاتفاق الذي يعتبره الأسوأ في التاريخ، وهي بالنسبة له قضية مختلفة لأنها تطال امن إسرائيل".
اقرأ أيضا: بعد التضارب في واشنطن.. ما عقبات لقاء ترامب بجونغ اون؟
وأضاف: "أما بالنسبة لملف كوريا النووي، يرى ترامب نافذة لحل الأزمة، لأنه صعّد كثيرا من اللهجة التي كان يخاطب بها كوريا الشمالية، ومن هذا المنطلق عندما سنحت له الفرصة التقطها من خلال الكوريين الجنوبيين اللذين تفاجؤوا هم أيضا بقبول ترامب لقاء كيم".
كيم والتجربة الإيرانية
وعلى الجهة المقابلة يبرز تساؤل بشأن المسار الذي ينوي كيم جونغ أون سلوكه في التفاوض مع الولايات المتحدة في حال أجري اللقاء مع ترامب.
وهنا يجيب سعيد عريقات على ذلك بالقول إن كيم جونغ أون "يسعى لنيل بعض الاستحقاقات مقابل تجميد برنامجه النووي، وسيكون هناك ربما إقرار من أمريكا بأن كوريا الشمالية أصبحت دولة نووية".
ويضيف: "بكل تأكيد الرئيس الكوري الشمالي لم ينف ولن ينهي برنامجه النووي، ولكنه قد يجمده، وبالتالي هو يريد أن يحصل مقابل ذلك على تخفيف بعض العقوبات أو وقفها كلها، وأن يكون هناك انفتاح بين بلده والدول الأخرى وتعزيز التبادل الثقافي والتجاري مع كوريا الجنوبية".
أما خالد صفوري فيلفت إلى أنه "ليس بالضرورة أن تتكرر التجربة الإيرانية في الملف نووي الكوري الشمالي، فبيونغيانغ تمتلك السلاح النووي، بينما إيران ليس لديها وكان عندها برنامج نووي واعد ولكنها أوقفته".
ويردف قائلا: "لم يحصل أن التقى رئيس أمريكي بنظيره الإيراني منذ الثورة الإيرانية وخروج الشاه من الحكم، بالتالي هناك فارق كبير ولا نستطيع المقارنة بين الحالتين، وهنالك فارق في التفاصيل ووقائع الأحداث بين الدولتين".
"انتصار سياسي لكيم"
وينوه صفوري إلى أن اللقاء المزمع عقده بين كيم وترامب، هو "انتصار سياسي لكوريا الشمالية وقد يأتي بثمن أكبر، فالولايات المتحدة تقول إنها ستطالب كوريا الشمالية بتفكيك البرنامج النووي الخاص بها وهذا لن يحصل".
وخلص إلى القول: "في الحقيقة الرئيس ترامب تنازل حتى عن مطالب الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الملف، التي استمرت في طلبها منذ عهد الرئيس كلينتون، والإعلام الأمريكي لم يركز على هذا التنازل مقابل لقاء كيم فقط".
اقرأ أيضا: ما تأثير إقالة تيلرسون على رغبة ترامب إلغاء الاتفاق النووي؟
وينفى كل من خالد صفوري وسعيد عريقات قدرة الولايات المتحدة على استمالة كوريا الشمالية لسبب واضح، وهو أن الصين المنافس القوي لواشنطن لن تسمح بذلك.
ويستبعد صفوري دخول كوريا الشمالية في حلف مع أمريكا، "فهي تعيش على الدعم الصيني، ولولا الصين لماتت جوعا، فمعظم الصناعات على المناطق الحدودية الشمالية بجانب الصين هي المصدر الأساسي للعملة الصعبة".
أما سعيد عريقات فيرى بدوره أن الرئيس الكوري الشمالي "لن يتوجه للولايات المتحدة وكل ما يريده تخفيف العقوبات"، خاتما حديثه بالقول: "مقصد ترامب هو تجميد الخلافات بين أمريكا وكوريا وإبقاء الوضع على ما هو عليه بمعنى لا سلام ولا حرب".
هل استطاعت السعودية شراء الإعلام الأمريكي؟.. خبراء يجيبون
ما جدية دول غربية بتوجيه ضربة للأسد.. وما الذي يؤخرها؟
موالون لإيران يهاجمون ابن سلمان وقوة سعودية لأمنه بالعراق