نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن المساعي الدولية الرامية لبناء
تلسكوبات ومحطات بث عملاقة على سطح
القمر عوضا عن سطح الأرض، الذي أصبح يعج بالموجات المتعددة القصيرة والطويلة.
وقالت المجلة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن سطح الأرض أصبح مكتظا بأجهزة علم الفلك الراديوي، المنتشرة في غرب فرجينيا، وبورتوريكو، والصين ، والتشيلي، وأستراليا وجنوب أفريقيا، وغيرها من الدول الأخرى. لكن هذا لم يكن كافيا لإرضاء علماء الفلك الذين يحلمون بإقامة مقر لهم على سطح القمر.
وأضافت المجلة أن هذه الفكرة مجازفة خطرة ومكلفة، ما يجعل تطبيقها صعبا نوعا ما. لكن يبدو أنه هناك حاجة ماسة تدفع الفلكيين لإنجاز هذا المشروع. وحاليا، يعمل علماء الفلك الإشعاعي على جمع الضوء عبر أطول موجة طولية بإمكانها عبور الكون بأكمله، حتى وإن كانت عبارة عن إشارة ضوئية ضعيفة. وقد يعزز ذلك أمل العلماء في دراسة الموجات التي كانت سببا في بداية الكون؛ باعتبار أنه كلما كان الضوء الذي وصل إلينا أبعد، كان الأقدم.
وذكرت المجلة أن هذا الضوء الكوني القديم والضعيف من حيث الإشعاع، يواجه منافسة موجات الراديو التي تكتسح مساحات كبرى، والتي نستخدمها لتشغيل تكنولوجيات الاتصالات الخاصة بنا. ويمكن أن تغطي موجات الراديو مسافات شاسعة وطويلة، التي تمكننا من تشفير المعلومات.
وأشارت المجلة أنه مهما كانت جودة جهاز التلسكوب الذي تملكه، فإنه سيواجه مشكلة في التركيز على الضوء الصادر من نجم يبعد نحو 12 مليار سنة ضوئية، عندما يكون هاتفك الخلوي يبعد 12 ياردة فقط عن المجال الكهرومغناطيسي للإشارات الضوئية . فالهواتف النقالة، والأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع، وإشارات التلفزيون، وشبكات الواي فاي، وكل أشكال البث الإذاعي الأخرى منتشرة في كل مكان وتشكل ما يسميه العلماء بتداخل الموجات.
ونقلت المجلة عن عالمة الفلك بجامعة إنديانا، ليزي فان زي، أن "العلماء كسائر البشر متعلقون كثيرا بهواتفنا النقالة". لهذا السبب، عملت هذه العالمة مع مجموعة من زملائها من قادة لجنة الترددات اللاسلكية، بالإضافة إلى عدد من العلماء الذي يعملون مع لجنة الاتصالات الفيدرالية، على التأكد من أن القوانين تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات العلمية، كحظر الإشارات التي تتداخل بشدة مع عمليات الرصد.
وأشارت المجلة بأن إبرام الاتفاقات لن يكون كافيا لحماية علم الفلك الراديوي من ظاهرة تداخل الموجات، إلا أنه يمكن للقمر بالمعنى الحرفي القيام بذلك؛ نظرا لأن الجزء الأكبر من القمر يمنع كل تلك الموجات اللاسلكية من الوصول إلى الجانب الآخر. وحيال هذا الشأن، قال عالم الفلك بجامعة جونز هوبكنز، جوزيف سيلك، إن "أفضل مكان في النظام الشمسي الداخلي بأكمله لعلم الفلك الراديوي هو أبعد جانب من القمر.
وأوضحت المجلة أن اللوجستيات تمثل تحديا لهذا المشروع، فقدم الإنسان لم تطأ سطح القمر منذ سنة 1972. لكنجوزيف سيلك يعتقد أنه يتعين على علماء البنية التحتية محاولة التأقلم مع الخطط الإدارية الحالية لترامب لدعم التلسكوبات ومحاولة العودة إلى القمر. وفي حال كنا سنقيم معسكرا هناك فسنضع حتما تلسكوبات أيضا. وأضاف سيلك "أن هذه الفكرة مستقبلية وقد يستغرق تنفيذها وقتا، لكن لن يكون ليس هناك ما يمنعنا من القيام بذلك".
وأوردت المجلة أن معظم الأعمال على سطح القمر يمكن أن تتم بالاستعانة بالروبوتات، على الرغم من أنها قد تحتاج للرقابة والإشراف من قبل الإنسان؛ إذا ما وقع تأخير في الاتصالات مع كوكب الأرض. كما أضاف سيلك "أنه يمكن للمرء تخيل كيف سيتم تغطية هذه المنطقة الواسعة على سطح القمر بأجهزة التلسكوب، وربما المئات منها".
وأضافت المجلة أن الكثيرين يحلمون بزيارة القمر، ما يعني أنه يمكن أن تتداخل هذه المخططات مع علم الفلك الراديوي. وفي هذا الصدد، ذكرت عالمة الفلك جيل تارتر، المشرفة على مشروع علمي للبحث عن ذكاء خارج الأرض الذي يستخدم تلسكوبا لاسلكيا موجود في كاليفورنيا، "نحن نفكر الآن في إنشاء فرص جديدة ورائعة في الفضاء من شأنها تلويثه حتى قبل أن نحصل على فرصة استغلاله لعلم الفلك الراديوي".
وفي الختام، ذكرت المجلة أنه حتى من دون وجود أي خطط حالية لبناء
مرصد على القمر، سيكون من المفيد التخطيط مسبقا لذلك للتأكد من عدم تفويت هذه الفرصة؛ للحيلولة دون خلق نفس المشاكل التي نواجهها على الأرض. وتقترح تارتر على مختصي الاتصال بالقمر إما إنشاء أنظمة مرنة لا تؤثر على علم الفلك، أو تأسيس نظام تشاركي.