أعلن النظام السوري الخميس، أنه تمكن من السيطرة على نصف مساحة الغوطة الشرقية، وشطر المنطقة إلى قسمين، بعد تقدمه الميداني.
وكان النظام أعلن أنه أرسل تعزيزات إلى الخطوط الأمامية تقدر بـ700 مقاتل، في اشتباكاته مع فصائل المعارضة السورية.
واستمرت قوات بشار الأسد مع حليفتها موسكو بشن غارات تسببت منذ أمس الأربعاء، بمقتل أكثر من 62 مدنيا في الغوطة الشرقية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتأتي هذه التطورات على الرغم من طلب مجلس الأمن تطبيق وقف إطلاق النار في كامل سوريا، وذلك خلال جلسة مغلقة الأربعاء، تخللها وفق مصدر دبلوماسي دعم قوي لعرض قدمه الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا بالتوسط مع روسيا للسماح بإخراج من وصفتهم بـ"المجموعات الإرهابية" من الغوطة الشرقية، وهو المسمى الذي بات يطلقه المجلس على فصائل المعارضة.
ويتجاهل النظام السوري جميع النداءات الدولية بوقف إطلاق النار، ووقف الاشتباكات ويستمر بالتقدم ميدانيا وبارتكاب مجازر يومية بحق المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية.
وأكد المرصد السوري ما يروج له النظام السوري من أنه بات يسيطر على نصف مساحة الغوطة الشرقية، إلا أن فصائل المعارضة تصر على أن المناطق التي تقدم فيها النظام السوري غالبيتها مناطق زراعية ساقطة عسكريا، ولا يمكن خوض حرب مدن فيها.
اقرأ أيضا: نظام الأسد يفصل الغوطة ومجلس الأمن يجدد "التعبير عن قلقه"
وأعلن النظام أخيرا سيطرته على بلدتي الأشعري وبيت سوى، وعدد من المزارع في وسط وشمال المنطقة.
وبدأت حملة النظام السوري العنيفة في 18 شباط/ فبراير على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، يتخللها قصف جوي وصاروخي ومدفعي كثيف، ما تسبب بمقتل أكثر من 860 مدنيا بينهم أكثر من 180 طفلا، وفق آخر حصيلة أوردها المرصد.
غارات روسية
ونشر المرصد السوري أن بلدات عدة في المنطقة المحاصرة بينها سقبا وجسرين وحمورية وحزة تعرضت لغارات عنيفة شنتها طائرات سورية وأخرى روسية الأربعاء، ما تسبب بمقتل 62 مدنيا بينهم ستة أطفال.
وأكد أن معظم القتلى سقطوا جراء غارات روسية، وتحديدا في حمورية، حيث قتل 18 مدنيا على الأقل.
وشدد على أن طائرات روسية شاركت في حملة التصعيد على الغوطة الشرقية، الأمر الذي تنفيه موسكو.
عزل دوما
ويحاول النظام خلال تقدمه الميداني عزل مدينة دوما التي كانت تحت سيطرة جيش الإسلام، الذي انسحب من الشطر الشرقي مؤخرا بعد هزائم مني بها، ليعزل النظام بذلك القسم الشمالي حيث تقع مدينة دوما عن القسم الجنوبي، من خلال التقاء قواته التي تتقدم من جهتي الشرق والغرب.
وأكد قائد عسكري في تحالف يدعم النظام السوري، الخميس، أن القوات النظامية نجحت فعليا في شطر الغوطة الشرقية إلى قسمين، فيما توشك القوات التابعة للنظام التي تتقدم من الشرق أن تنضم إلى القوات الموجودة عند الطرف الغربي للجيب.
ولكن متحدثا باسم المعارضة نفى مزاعم القائد العسكري.
يذكر أن القطاع المتبقي من الأراضي التي تربط المناطق الشمالية والجنوبية من الجيب يبلغ عرضه كيلومتر واحد فقط، ويقع في مرمى نيران قوات النظام. وقال القائد العسكري إن هذا يعني "بالعلم العسكري" أن المنطقة تم تقسيمها.
وأكد القائد العسكري الذي طلب عدم نشر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، تقريرا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر في وقت متأخر الليلة الماضية أن الغوطة الشرقية انقسمت فعليا إلى شطرين.
ونفى وائل علوان المتحدث باسم فيلق الرحمن هذا الأمر.
ولم يسجل حتى الآن خروج أي من المدنيين أو المقاتلين منذ بدء تطبيق الهدنة.
وأعلن الجيش الروسي الثلاثاء أن "الممر الإنساني" عبر معبر الوافدين الذي كان مخصصا لخروج المدنيين خلال هدنة الساعات الخمس "فتح هذه المرة (...) للمقاتلين مع عائلاتهم" على أن يكتفوا بسلاحهم الفردي، في وقت نفت فيه أبرز الفصائل وجود أي مباحثات بهذا الصدد.
عجز مجلس الأمن
ولا يبدو مجلس الأمن الدولي عاقدا العزم على فرض وقف إطلاق النار على النظام السوري وروسيا، لا سيما بعد فشله بذلك الأربعاء في جلسة مغلقة، بهدف "زيادة الضغوط على روسيا وسوريا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعمليات الإخلاء من الغوطة الشرقية، إلا أنه بالتزامن مع عقد الاجتماع كان قصف النظام مستمرا في الغوطة.
وفي حين طلبت فرنسا وبريطانيا عقد اجتماع عاجل، أرسل النظام السوري المزيد من التعزيزات إلى الغوطة الشرقية، وواصل الغارات الجوية الكثيفة.
واستمع المجلس إلى المبعوث الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا عبر الفيديو من جنيف، حيث عرض المساعدة للتوسط في اتفاق مع روسيا من أجل السماح للفصائل المقاتلة بالخروج من الغوطة الشرقية، بحسب دبلوماسي.
وقال الدبلوماسي الذي شارك في الاجتماع إن هناك تأييدا قويا لعرض المبعوث في المساعدة على التفاوض على خروج مقاتلي الفصائل، إلا أن هذا الأمر يعد مرفوضا تماما من المعارضة التي تخشى تكرار سيناريو حلب من تهجير للأهالي والتغيير الديموغرافي.
وكانت أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، جيش الإسلام وفيلق الرحمن وحركة أحرار الشام، بعثت الأسبوع الماضي برسالة إلى مجلس الأمن أكدت فيها رفضها أي مبادرة تتضمن "تهجير" المدنيين.
اقرأ أيضا: رغم تقدم النظام.. "جيش الإسلام": لن نخرج من الغوطة الشرقية
وأبدت في المقابل التزامها "بإخراج مسلحي تنظيم هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة والقاعدة، وكل من ينتمي لهم وذويهم من الغوطة الشرقية إلى مدينة دمشق خلال 15 يوما من بدء دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الفعلي.
وأضاف الموقعون: "نرفض رفضاً قاطعا أي مبادرة تتضمن إخراج السكان من بيوتهم ونقلهم لأي مكان آخر".
منع وصول المساعدات
في سياق متصل، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن قافلة مساعدات كانت تتطلع لدخول منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة في سوريا اليوم الخميس تأجلت.
وكانت قافلة مساعدات وصلت للمنطقة القريبة من دمشق الاثنين الماضي، لكن لم يتسن تفريغها بالكامل، واستبعد مسؤولون حكوميون معظم الإمدادات الطبية منها.
وطالبت الأمم المتحدة الحكومة بالالتزام بوقف إطلاق النار اليوم الخميس للسماح بدخول مزيد من المساعدات.
ولم يتسن حتى الآن إدخال نحو نصف قافلة المساعدات الأممية المؤلفة من 46 شاحنة، التي وافق عليها النظام السوري، ومنع الأخير دخول جزء من الإمدادات الطبية والصحية من الشاحنات، بحسب الأمم المتحدة.
وعلى صعيد اتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية أكد أطباء في الغوطة الشرقية تعرض العشرات من المدنيين إلى الاختناق جراء استنشاق غازات سامة عقب قصف النظام السوري للمنطقة، ما يرجح استخدامه للسلاح الكيماوي، وفق ما أكده المرصد السوري.
وبحسب المرصد، فقد أصيب نحو 60 شخصا على الأقل
بصعوبات في التنفس في وقت متأخر الأربعاء في بلدتي حمورية وسقبا، عقب ضربات جوية
شنّها الطيران الحربي التابع للنظام وروسيا، التي نفت في السابق استهدافها للغوطة.
وأكد أطباء في مؤسسة طبية في الغوطة معالجة 29
مصابا على الأقل، ظهرت عليهم عوارض التعرض لغاز الكلور، بحسب الجمعية الطبية
السورية الأمريكية، وهي منظمة غير حكومية تقدم الدعم للمراكز الطبية في سوريا.
وأشارت الجمعية في وقت متأخر الأربعاء، إلى أنه
و"بسبب هجوم بغاز الكلور في الغوطة الشرقية، يعاني مرضى من صعوبات تنفسية
حادة".
وأكد المدنيون في أكثر من مرة تعرضهم لهجمات
كيماوية، منذ 18 شباط/ فبراير 2018، وأفاد المرصد السوري مرتين في الأيام الأخيرة
عن حالات اختناق مشابهة في الغوطة.
وفي حمورية غادر عشرات الأشخاص، من النساء
والأطفال، ملاجئهم حيث اختبئوا من القصف الجوي، ليجلسوا على الأسطح على أمل التنفس
بشكل أفضل.
ونزع الأهل ملابس أطفالهم الذين لم يتوقفوا عن
السعال من أجل تغسيلهم بالمياه، محاولين إزالة أي أثر لاحتمال وجود غاز سام على
أجسادهم.
ويأتي هذا الهجوم الكيماوي متجاهلا تهديد
واشنطن وباريس بشن ضربات في حال توفر "أدلة دامغة" على استخدام نظام
الأسد السلاح الكيميائي.
وكانت الرئاسة الفرنسية قالت إن الرئيسين
الفرنسي والأمريكي إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب تعهدا بـ"عدم التسامح أو
الإفلات من العقاب" لأي استخدام آخر للسلاح الكيماوي في سوريا.
وكانت الولايات المتحدة من مجلس الأمن الدولي
أوصت بتشكيل لجنة تحقيق جديدة حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، بعد ورود
تقارير جديدة تفيد باستخدام هذا السلاح في الهجمات العنيفة التي يشنها النظام ضد
الغوطة الشرقية.
ويدعو مشروع القرار المقدم من واشنطن إلى تشكيل
لجنة تحقيق دولية تحت اسم "آلية التحقيق الأممية المستقلة" (يونيمي)
بتفويض لمدة سنة واحدة، تتولى تحديد المسؤولين عن هجمات السلاح الكيماوي في سوريا.
أب يبحث عن نجله وابن ينتشل جثة أبيه من ركام الغوطة (شاهد)
قوات النظام تحاول اقتحام الغوطة الشرقية بغطاء روسي
دي ميستورا يجدد الدعوة لوقف "القصف المروع" على الغوطة