قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر، السبت، بعدم الاعتداد بأحكام بطلان ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، في حكم يؤكد وجهة نظر النظام العسكري الحاكم بشأن جزيرتي "تيران وصنافير"، وبأنهما غير مصريتين، وتسليمهما للسعودية.
ووقعت مصر والمملكة اتفاقية لتعيين الحدود البحرية بينهما في نيسان/ أبريل 2016، تضمنت تسليم الجزيرتين الواقعتين في مدخل خليج العقبة، وهي الاتفاقية التي أثارت جدلا واسعا واحتجاجات ومساجلات قضائية في مصر.
حكم الدستورية الذي اعتبر الاتفاقية من "الأعمال السيادية" التي تخضع لرقابة البرلمان، أكد أن نظر القضاء الإداري للاتفاقية يعد "عدوانا على اختصاص السلطة التشريعية؛ (ولذلك) فإنه يكون خليقا بعدم الاعتداد به"؛ ليلغي حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان توقيع الاتفاقية عام 2016، وحكم محكمة الأمور المستعجلة في 2017.
من جانب آخر، فإن الحكم يأتي قبل ساعات من زيارة ولي عهد السعودية الذي كان قد وقع الاتفاقية عن الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان لمصر.
والسؤال الذي يشغل بال الكثيرين في مصر، هو هل الحكم يعد باتا وقاطعا وينهي الصراع القانوني بين المعارضة والنظام على أحقية مصر بالجزيرتين؟ أم أن هناك أبوابا أخرى قد تلجا لها المعارضة؟
العودة للشرعية
وفي إجابته، أكد المستشار محمد سليمان أنه "لم يبق إلا إنهاء حكم (السيسي) من باع الأرض والعرض، وورط مصر في اتفاقيات لا يلغيها إلا إزاحته والإعلان عن كونه انقلاب على نظام حكم شرعي غير معترف بكل ما أبرمه من اتفاقيات".
القاضي سليمان، لـ"عربي21"، أشار إلى أن خيار عودة الرئيس الشرعي محمد مرسي لحكم البلاد مجددا كفيل قانونا بأن يكون قاطعا بإلغاء كافة ما عقده السيسي من اتفاقيات.
وتوقع صعوبة عودة الحراك للشارع بعد هذا الحكم كخيار لمواجهة النظام، ووقف الاتفاقية، مضيفا: "للأسف الظلم الباطش الطاغي تفشى وبث الرعب في قلوب الناس".
الحل وفقا لاتفاقية فيينا
وقال أستاذ مشارك قانون دستوري ونظم سياسية الدكتور ياسر حمزة، إن "جوهر حكم المحكمة الدستورية العليا يقوم على إعمال مبدأ السيادة، وإنشاء الاتفاقيات الدولية، وفقا للعلاقات السياسية بين الدول، وهي أعمال سياسية لا تخضع لرقابة القضاء، وإن كان دستور 2014 المعدل قيد هذا المبدأ وعلى أساسه صدرت أحكام مجلس الدولة".
الأكاديمي المصري، أوضح لـ"عربي21"، أنه "يحق لأية سلطة سياسية قادمة إبطال العديد من الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، استنادا لاتفاقية فينا للمعاهدات الدولية، والتي تنص في المواد 48، 49، 50، 51 والتي تقضي ببطلان الاتفاقية في حالة وجود الغلط أو التدليس أو فساد ممثل الدولة أو تهديده".
وأضاف حمزة أنه "يمكن القول إن اتفاقيات (تيران وصنافير) و(سد النهضة الإثيوبي) واستيراد الغاز من إسرائيل) تنطبق عليها هذه المواد وغيرها"، موضحا أن "القانون الدولي الذي أشارت إليه المحكمة الدستورية العليا في صالح مصر متي كانت هناك سلطة سياسية تسعى لاسترداد حقوق مصر المنهوبة"، مؤكدا أنها "حقوق لا تسقط بالتقادم وفقا للقانون الدولي والدستور المصري".
التحكيم الدولي
وأكد المحامي أشرف صالح أن الحكم بخصوص الجزيرتين نهائي وباتّ، ولا يجوز الطعن عليه؛ لأن المحكمة الدستورية الصادر منها الحكم هي المختصة بنظر تلك الدعاوي.
وأشار صالح في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "وفور صدور هذا الحكم تم التقدم لمحكمة الأمور المستعجلة بدعوى تطالب بسريان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، وبالفعل حكمت محكمة الأمور المستعجلة غير المختصة بنظر تلك الدعاوي بسريان الاتفاقية"، موضحا: "أننا واقعيا أمام حكمين متناقضين".
وأضاف: "هنا يأتي دور المحكمة الدستورية العليا التي تختص بالفصل في النزاع حول تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين"، قائلا: "أما وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بسريان الاتفاقية، فإنه لا مخرج من هذا المأزق إلا باللجوء للتحكيم الدولي".
"قرار مسيس وصدفة متوضبة"
وعبر مواقع التواصل، أثار الحكم الجدل، وفسره السياسي الدكتور محمد محي الدين بأنه "سريان للاتفاقية، وإمكانية التسليم الفوري للأرض؛ لحين رفع دعوي عدم دستورية قانون الاتفاقية، فتقبل المحكمة هذا الدفع، وتحيل القضية إلي الدستورية العليا".
ابن سلمان بالقاهرة قبل واشنطن.. هل طريق العرش يمر بمصر؟
السيسي يقتدي بالسعودية ويفرض ضرائب على المعتمرين
دعوات لمحاكمة دولية لطنطاوي وعنان والسيسي.. ما إمكانيتها؟