أثار قرار البنك المركزي
المصري بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ تحرير سعر الصرف، قبل أكثر من عام، حالة من التفاؤل مشوبة بحذر في أوساط المال والأعمال بمصر.
ومنتصف الشهر الجاري، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمئة على الإيداع والإقراض، إلى 17.75 بالمئة، و18.75 بالمئة على التوالي.
قرار الخفض قوبل بإشادة من جانب صندوق النقد الدولي، إذ قال رئيس بعثة الصندوق إلى مصر "سوبير لال"، إن "القرار جاء في التوقيت المناسب".
وأضاف "لال": "يتسق القرار مع اتجاهات التضخم المسجلة في الأشهر الأخيرة ومع هدف البنك المركزي المتمثل في خفض التضخم إلى أدنى مستوياته خلال 2018".
محاصرة التضخم
المحلل
الاقتصادي محمد عبد العال، قال إن قرار خفض المركزي المصري الفائدة بنسبة واحد بالمائة، رغم ضعف قيمة التخفيض، إلا أنه يوضح بعض التوجهات.
وأوضح أن القرار يعكس نجاح السياسة النقدية للمركزي في محاصرة التضخم ودعم مرحلة تحرير وتعويم الجنيه، ودعم الاحتياطي ورفع تحويلات العاملين المصريين في الخارج.
وتراجع معدل التضخم في مصر من 34.2 بالمائة في تموز / يوليو 2017 إلى 17 بالمائة في كانون الثاني / يناير 2018.
ورأى أن خفض الفائدة على الجنيه ربما يكون بداية لنهاية تشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة) لدى المركزي، وهو ما سيكون له أثر إيجابي في تحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة معدل النمو.
وتستهدف مصر تحقيق معدل نمو بحدود 5.8 بالمائة خلال العام المالي المقبل، ومعدل نمو عند 5.4 بالمائة في العام المالي الجاري بأكمله.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع تموز / يوليو حتى نهاية حزيران / يونيو من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.
ارتفاع الاحتياطي
المحلل الاقتصادي إيهاب العربي، قال: "إن نسبة خفض الفائدة واحد بالمائة بسيطة وتدريجية وبطيئة مقارنة برغبة المستثمرين وتعطشهم لخفض أكبر".
وأكد أن لتخفيض الفائدة إيجابيات على الاستثمار المحلي، منها تشجيع الاقتراض وزيادة الإنتاج المحلي والتشغيل وتحريك الإنتاج فيما يتوافق مع خطة الدولة لزيادة النمو.
واستبعد العربي انعكاس القرار سلباً على أصحاب المدخرات في ظل الانخفاض النسبي في أسعار الدولار نتيجة لارتفاع الاحتياطي والانخفاض البسيط المقابل في معدل التضخم العام الحقيقي.
ورأى أن خفض الفائدة بنسبة واحد بالمائة لن يؤثر على معدلات الادخار العائلي لكون أسعار الفائدة، على الأوعية الادخارية لدى البنوك المصرية، مازالت مرتفعة.
وفي أعقاب قرار المركزي، أعلن بنكا مصر والأهلي وقف إصدار شهادات الادخار ذات العائد 20 بالمئة واستبدالها بشهادات ذات عائد 17 بالمئة ويصرف عائدها كل 3 أشهر.
دعم الوقود
لكن المحلل الاقتصادي يوسف زياد، حذر من أن يؤثر خفض الفائدة على معدلات التضخم التي قد تعود للارتفاع مجددا، خصوصا مع قرب خفض الدعم عن الوقود والكهرباء.
وأوضح أنه إضافة لذلك، هناك احتمال تراجع شراء الأجانب لأذون الخزانة المصرية، بل والتخارج منها ما يدفع لصعود الدولار مجددا.
وقفزت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية نحو 20.2 مليار دولار منذ تعويم الجنيه، حسب وزير المالية المصري عمرو الجارحي.
ويوضح أن قرار وقف إصدار الشهادات المرتفعة العائد 20 بالمئة إلى 17 بالمائة "سينعكس إيجابيا للبنوك، لانخفاض تكلفة الأموال".
وحذر زياد من أن تنتقل السيولة المتوفرة لدى أصحاب الشهادات المرتفعة العائدة المنتهية المدة والمقدرة بنحو بمئات المليارات إلى السوق وبالتالي زيادة الطلب على الدولار والعقارات.
ويرفع البنك المركزي الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد وبالتالي يجعل سعر الأموال مرتفعا فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم.
فيما يخفض البنك المركزي الفائدة في حالة الركود الاقتصادي فيجعل سعر الأموال رخيصا فيزيد الاقتراض وبالتالي الإنفاق الاستهلاكي وينتعش الاقتصاد فيخرج من الركود.
خفض مرتقب
وتوقع بنك استثمار برايم في مصر أن يقدم المركزي المصري على خفض الفائدة في آذار / مارس وأيار / مايو بمقدار واحد بالمئة في كل مرة.
كما توقع في مذكرة بحثية حديثة، أن يتوقف المركزي المصري عن تيسير السياسة النقدية اعتبارا من حزيران / يونيو من العام الجاري، بسبب التوقع بعودة صعود التضخم مجددا.
ورجح أن خفض الفائدة بمقدار واحد بالمئة، سيؤدي إلى تراجع عجز الموازنة بنحو 0.15 بالمئة بما يعادل 9 مليارات جنيه تساوي نحو 511 مليون دولار خلال العام المالي الجاري.