نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية حوارا أجرته مع الطبيب السابق في تنظيم الدولة، عمر ماجوميدوف، الذي قدم المساعدة لعناصر التنظيم، قبل أن يحاول الهرب، ويتعرض للجلد، بعد أن أدرك أن أهداف التنظيم ليست سامية، كما كان يتوقع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلال سنة 2013، كان عمر ماجوميدوف، الذي يتحدر من داغستان، طالبا في جامعة ستافروبول الطبية. واهتم في البداية بالإسلام، حيث كان يجتمع مع زملائه للحديث عن الدين. ومن ثم، سرعان ما تحول إلى مشاهدة أشرطة الفيديو الدعائية الخاصة بالحرب السورية.
وردا على سؤال الصحيفة حول كيفية اتخاذ الطبيب الشاب لقرار الالتحاق بالتنظيم، أكد ماجوميدوف أنه لم يخبر أحدا بقراره، إذ اتصل بأفراد التنظيم عبر الإنترنت، واشترى تذكرة الطائرة نحو إسطنبول، حيث قضى ثلاثة أيام في شقة خاصة عالج فيها مسلحين جرحى.
وبعد ذلك، تمكن الطبيب من عبور الحدود رفقة عدد من المجندين العرب والشيشانيين دون التعرض لأية مشاكل.
وكانت بانتظارهم حافلة نقلتهم إلى جرابلس، نحو مقر التنظيم. وتجدر الإشارة إلى أن مقر تنظيم الدولة كان خاضعا للحراسة باستمرار، كما كان يُمنع على الجميع الخروج منه. ووفقا لما أفاد به الطبيب، لم يحاول أي أحد مغادرة المقر في البداية.
وعن تساؤل الصحيفة حول عدد الأشخاص المتواجدين في مقر تنظيم الدولة في ذلك الوقت، أوضح الطبيب أن مقر التنظيم ضم آنذاك بين 300 و400 شخص من جنسيات مختلفة، حيث يعيش النساء والرجال بشكل منفصل، وذلك حتى بالنسبة للمتزوجين.
وعند الدخول إلى المقر، يتم الاستحواذ على جميع الوثائق والهواتف، وتُجرى تحقيقات لمعرفة غاية الملتحقين الجدد من الانضمام للتنظيم.
وأفادت الصحيفة نقلا عن الطبيب الشاب، أنه بعد 10 أيام من إقامته في المقر، تم نقله مع رفاقه إلى معسكر تدريب للمجندين.
اقرأ أيضا: ما تبقى من نفوذ "داعش" بسوريا واستفادة النظام منه (خريطة)
وعادة ما يضم المعسكر 500 شخص، يتم تعليمهم في الأسبوع الأول قواعد الدين الإسلامي، التي يلمّ بها جميع المجندون تقريبا.
وبعد ذلك، يرتدي هؤلاء البدلات العسكرية. ويضم تنظيم الدولة العديد من المقاتلين الأجانب من مصر وتونس وليبيا والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الناطقين بالروسية؛ القادمين من الشيشان وداغستان والقوقاز.
وطرحت الصحيفة تساؤلا بشأن مسألة الأجور في تنظيم الدولة، حيث أجاب ماجوميدوف قائلا: "في حال تم تعيينك في 'الجماعة'، تُدفع لك شهريا 100 دولار، فضلا عن 40 دولارا مخصصة للطعام. أما في فصل الشتاء، فيتم تزويدنا بالملابس وأجهزة التدفئة".
وأضاف الطبيب أن "السكن مجاني. وفي حال لم تشعر بالراحة في مكان إقامتك، فيمكنك الاستيلاء على أحد منازل السكان المحليين، الذين فروا منها بسبب الحرب".
وفي السياق ذاته، أكد عمر ماجوميدوف أن "الحياة لم تكن رائعة في صفوف التنظيم، كما كان الراتب يتضاءل باستمرار، حيث وصل في سنة 2016 إلى 50 دولارا فقط".
ونقلت الصحيفة إجابة الطبيب عن سؤالها المتعلق بمدى توفر أي مصدر للمتعة أو الترفيه في تنظيم الدولة، إذ أفاد بأن "المتعة في سوريا منعدمة. في المقابل، كان بالإمكان الحصول على بعض الترفيه في الموصل، التي تقبع تحت سيطرة تنظيم الدولة، خاصة أن البنية التحتية في العراق تعد أفضل من تلك التي في سوريا".
على صعيد آخر، أورد عمر ماجوميدوف أن "هناك سوقا لبيع النساء في العراق، حيث أن أغلبهن كرديات. ويعتمد السعر في هذا السوق على المظهر والسن. ويتم شراء الجميلات والشابات من قبل قادة التنظيم، بينما يتم استغلال النساء ما فوق الأربعين سنة كخادمات".
وردا على سؤال الصحيفة حول نمط الحياة في تنظيم الدولة، أكد الطبيب أنه "لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث هناك. فقد يمضي الشخص شهرين أو ثلاثة أشهر، أو ربما ستة أشهر. ولكن في جميع الأحوال، لا يمكن توقع ما قد يحدث في الغد أو حتى في الساعة التالية".
اقرأ أيضا: دراسة تكشف أدوار المقاتلين الأمريكيين في تنظيم الدولة
وأضاف ماجوميدوف: "قد أعمل اليوم في المستشفى، ومن ثم أنتقل في الغد إلى مكان آخر، نظرا لأننا ننتقل من مدينة إلى أخرى. في الأثناء، يظل السبيل الوحيد للتخلص من هذه الحياة متمثلا في الهروب".
وذكرت الصحيفة نقلا عن الطبيب أنه يُمنع الاتصال بشبكة الإنترنت. أما في حال سُمح للمجندين بالولوج إلى الإنترنت لبعض الوقت فقط، فإنهم يخضعون لمراقبة شديدة. وفي المقابل، بإمكان قادة التنظيم الحصول على هذه الخدمة بكل حرية.
وعن تساؤل الصحيفة حول مصير المتهمين بالتجسس في التنظيم، أكد ماجوميدوف أنه "يتم إعدامهم علنا عن طريق إطلاق النار عليهم أو قطع رؤوسهم. ومن بين الطقوس التي يتبعها التنظيم؛ إبقاء جثة الشخص معلقة لأيام عدة".
وأفاد الطبيب بأنه "عندما شن الأكراد هجومهم خلال شهر شباط/ فبراير على مدينة الشدادي، قيل لنا إن الجميع سيضطر إلى القتال، بما في ذلك الأطباء، فهربت. ولكن، كُشف أمري بعد فترة وتم سجني".
ووصف ماجوميدوف السجن بأن "المرء يفقد الشعور بالوقت هناك. وبعد الاعتراف بالهرب، تم جلدنا ما بين 250 و300 جلدة".
وفي الختام، وردا على سؤال الصحيفة حول ما استخلصه الطبيب من هذه التجربة، قال ماجوميدوف: "لست سعيدا على الإطلاق بتجربتي في تنظيم الدولة. لقد كان ذلك غباء مني، ونتيجة مباشرة لقرار متسرع، فليس في ذلك المكان شيء على الإطلاق، حتى أنك قد تدفع حياتك مقابل المال".
ديلي بيست: هل تعد محاكمة ترامب لمقاتلي "الدولة" قانونية؟
نيويورك تايمز: هل يشهد تنظيم الدولة عودة جديدة قريبا؟
الغارديان: كيف أصبحت هذه الدولة الصغيرة مصدّرا لمقاتلي داعش؟