نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، بينت فيه أن استقرار الشرق الأوسط بات يواجه تهديدات جديدة، باعتبار أن إيران وإسرائيل دخلتا في صراع مباشر في سوريا، ولا أحد منهما يبدو مستعدا للتنازل. في الأثناء، يسعى نتنياهو للتهرب من المشاكل القانونية التي يواجهها في الداخل، ويحاول توريط الولايات المتحدة أكثر في المستنقع السوري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أحداث الأسبوع الماضي التي تسببت فيها إيران وإسرائيل في سوريا، وانتهت بإسقاط مقاتلة إف-16 إسرائيلية، تمثل تحذيرا للمجتمع الدولي من أن الأوضاع في المنطقة التي كانت دائما تتسم بالتوتر، أصبحت الآن هشة أكثر من أي وقت مضى.
وأضافت الصحيفة أن وجود الإيرانيين في سوريا يمثل واقعا لا مفر منه، وجب على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التعامل معه. ويضاف إلى ذلك التوتر الذي يمثله وجود حزب الله في لبنان، بما يمتلكه من ترسانة واسعة من الأسلحة التي حصل عليها من طهران.
وذكرت الصحيفة أن هناك احتمالين اثنين فيما يخص طريقة مواجهة إسرائيل لهذا التحدي، وكلاهما مرتبط بموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويتمثل السيناريو الأول في مواجهة التهديد النووي الإيراني، وإجهاض الاتفاق الذي وُقع في عهد باراك أوباما بين طهران والقوى العظمى، والذي يعد مرفوضا بالنسبة لإسرائيل.
ودعما لموقف نتنياهو، حدد ترامب مهلة زمنية سوف تنتهي في الربيع المقبل، قبل إدخال أي تعديلات على هذا الاتفاق. وفي ظل تمسك الأوروبيين بهذا الاتفاق، يبدو أن نتنياهو يحظى بدعم كبير في البيت الأبيض.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو يسعى للدخول في مواجهة مع الإيرانيين؛ لأن انهيار الاتفاق النووي يخدم بشكل كبير أهداف دول سنية أخرى في المنطقة، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية. وفي الوقت الحالي، أصبح الإسرائيليون والسعوديون على ظهر السفينة ذاتها، لذلك تأمل الرياض أن يسمح لها هذا التحالف بمواصلة الحرب التي تخوضها في اليمن، دون أن تتعرض لضغوط من الدول الغربية.
اقرأ أيضا: نظام دمشق يعلن التصدي لطائرات استطلاع إسرائيلية
أما السيناريو الثاني الذي يمكن أن يتبعه نتنياهو، فهو سعيه لإقحام الولايات المتحدة في سوريا، بشكل يتجاوز مجرد حضور بضع مئات من الجنود في شمال البلاد، ضمن المنطقة الكردية. ومن أبرز الأدلة على ذلك، تعبير مساعد رئيس الوزراء للشؤون الدبلوماسية والسفير السابق لواشنطن، مايكل أورين، عن أسفه من أن "الولايات المتحدة ليست مشاركة في اللعبة السورية".
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل تأمل في تدخل أكبر من واشنطن، يكون حاسما ضد الوجود الإيراني، إلا أن هذا أمر لن يحدث إلا في حال سقوط نظام بشار الأسد بالقوة. وفي هذه الحالة، ستفقد روسيا قواعدها العسكرية في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يعني تصعيد التوتر بين واشنطن وموسكو.
واعتبرت الصحيفة أن هذا التوتر بين البلدين ظهر خاصة من خلال حادثة فجر يوم السبت الماضي، عندما نجح صاروخ يعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي في إسقاط طائرة "إف-16" أمريكية الصنع، تمتاز بتطور تجهيزاتها الإلكترونية، وتعتبرها إسرائيل جوهرة قوتها الجوية.
وأشارت الصحيفة إلى أن آخر طائرة إسرائيلية تم إسقاطها كان سنة 1982، أي إن 36 سنة مرت دون أن تشعر الدولة العبرية بهذا الإذلال. وفي الجانب الآخر، سارعت إيران فور سقوط هذه الطائرة إلى إرسال طائرة من دون طيار نحو الأجواء الإسرائيلية، تمكنت من التوغل في شمال البلاد، قبل إسقاطها بعد دقيقة ونصف من عبور الحدود.
وقالت الصحيفة إن الأخبار المتواترة في الأوساط السياسية الإسرائيلية تشير إلى أن الدولة العبرية تستعد لصراع طويل الأمد مع إيران، ستدور أحداثه في سوريا ولبنان. وقد أكد نتنياهو على أنه لن يسمح لسوريا بأن تصبح نسخة ثانية من لبنان، حتى لو اضطره الأمر لاستعمال الضغط العسكري في هذا البلد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإسرائيليين، إلى جانب انتقادهم للدور المحدود لواشنطن، ينظرون بقلق للتدخل الروسي في سوريا. ومن جهته، شدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي مع نتنياهو يوم السبت، على ضرورة احترام سيادة الدولة السورية، وهو أمر لا تتقيد به إسرائيل، كما هو واضح.
وذكرت الصحيفة أن هذا الموقف مثل خيبة أمل بالنسبة لنتنياهو، الذي سارع بالظهور في وسائل الإعلام، والتأكيد على أن حادثة يوم السبت لن تؤثر على سياسة بلده في سوريا. ومن المنتظر أن تواصل إسرائيل توخي التحركات ذاتها تجاه سوريا، ما يعني أنه ستقع حوادث أخرى، عاجلا أم آجلا.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن نتنياهو يواجه ضغوطا متزايدة على الصعيد الداخلي، حيث تلاحقه اتهامات بالتورط في قضايا فساد، ما من شأنه أن يؤثر على سياساته الخارجية، وعلى الأوضاع الإقليمية في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: إسرائيل مصرة على الحد من نفوذ إيران بسوريا ولو أدى ذلك لحرب
إندبندنت: لهذا لا تحمل حرب سوريا أي مؤشرات لقرب نهايتها
أوبزيرفر: هكذا خذل الغرب سوريا.. ما هو دور أمريكا؟
فورين بوليسي: ما حقيقة تهديدات ترامب لإيران؟