قالت صحيفة "فيلت" الألمانية إن
الشباب في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير ونتيجة لممارسات عبد الفتاح
السيسي يشعرون
بالإحباط نتيجة الانتهاكات التي فاقت عهد مبارك.
وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته
"
عربي21" إلى أن الشبان يرون أن نظام السيسي بدد أحلامهم بتأسيس نظام
ديمقراطي في
مصر، وكل من يجرؤ على الاعتراض يزج به في السجن، ما دفع العديد منهم للتفكير
في الهجرة إلى أوروبا.
وقالت "فيلت" إن غالبية الشباب
المصري لم يكن يعتقد أنه سيرى رئيسا آخر غير مبارك. وبعد تنحيه عن السلطة سنة
2011، حلموا بدولة مختلفة تطبق مبادئ الديموقراطية، وتلك الشعارات التي هتفوا بها
في الميدان "عيش، حرية، عدالة اجتماعية". واعتقد الشباب أن مصر ستتحول
إلى أفضل بلد في العالم، وسيتمكنون أخيرا من تحقيق أحلامهم. ولكنهم في الوقت
الحاضر، يخشون من كتابة أي عبارات سياسية معارضة على مواقع التواصل الاجتماعي خوفا
من الاعتقال.
ونقلت الصحيفة شهادة "عمرو حسين"
الذي رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي خوفا من الاعتقال. وأكد أنه لأول مرة يبدي هو
وزملاؤه اعتراضهم على اختيار ممثلي الطلاب في الاتحادات الطلابية وفقا لميلوهم
السياسية. وكانوا ينظمون احتجاجات ضد العديد من ممارسات إدارة الجامعة. وفي
الحقيقة، لم يكن أغلبها سياسيا، وإنما كانوا يعترضون أحيانا على صعوبة الامتحانات.
وفي الوقت الحالي، عاد أغلب الطلاب الموالون للنظام مرة أخرى لاتحاد الطلبة.
وذكرت أنه منذ فوز الإخوان المسلمين
بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، خاف أغلب الطلاب من تحول مصر إلى دولة
ثيوقراطية. ولهذا السبب، أسس حسين مجموعة طلابية "ليبرالية"، كان
أعضاؤها مؤيدين للدكتور محمد البرادعي ولحزب الدستور اليساري العلماني، وأطلق عليها
"دولة الطلاب". وكان الهدف من وراء هذه المجموعة، أن ينشر حسين فكرة أن
مصر "الجديدة" ملك لهؤلاء الشباب. ولاقت هذه المجموعة تأييدا واسعا في
كافة الجامعات المصرية، وحققت نجاحات على مستوى انتخابات اتحاد الطلبة.
وأوضحت "فيلت" أنه نتيجة للأزمات
المتعاقبة خلال فترة حكم الإخوان المسلمين، "خرج الشعب مرة أخرى للشارع سنة
2013." وحيال هذا الشأن، أكد حسين أن السيسي انتزع الحكم من الإسلاميين في
الثالث من تموز/ يوليو بانقلاب عسكري، بينما تؤكد وسائل الإعلام المصرية أنها ثورة
ثانية. وفي هذا السياق، قال حسين "إننا متأكدون أن الجيش هو من أتى بالإخوان
إلى السلطة، وأعاق عملهم، ثم استرد السلطة منهم، ومنذ ذلك الحين، والحكومة تضرب
بيد من حديد" على حد وصفه.
وأفادت الصحيفة بأن حسين شعر بآثار هذا
الانقلاب في أول انتخابات طلابية بعد الانقلاب العسكري سنة 2013، حيث مُنع النشاط
السياسي في الجامعة. وجرّاء ذلك، تم اعتقال العديد من الطلاب من داخل أسوار
الجامعة، فيما فُصل آخرون. وفي السنة التالية، ألغت وزارة التعليم العالي
الانتخابات الطلابية لأسباب غير معلومة. وقد صرح حسين بأنه "من الواضح أن
طريق تحول مصر إلى دولة ديمقراطية بطريقة سلمية أصبح مسدودا".
وأشارت إلى أن حسين يعمل حاليا كطبيب في
القاهرة، وقد أوقف كافة أنشطته السياسية. وفي هذا الإطار، أكد أن العديد من الشباب
المصري مازال يحمل حلم العيش في دولة ديمقراطية حرة، ولكنهم يهتمون الآن بمستقبلهم
المهني.
وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة فريدريش إيبرت،
فإن قرابة 25 بالمئة من الشباب المصري مهتمون بالسياسة. وأفادت المؤسسة أن شابا من
أصل اثنين يحلم بدولة ديمقراطية، بينما واحد من أصل ستة يفضل رجل دولة قوي في
السلطة.
وذكرت الصحيفة أن الواقع السياسي في مصر يسلك
مسارا بعيدا عن هذه الأمنيات، حيث يقبع آلاف الناشطين والمعارضين في السجون
المصرية، ناهيك عن انخفاض سقف حرية الصحافة لدرجة أقل مما كانت عليه في عهد مبارك.
كما تحولت الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر، المزمع عقدها في آذار/ مارس، إلى
مسرحية هزلية.
وأشارت إلى أن مصر لم يعد لديها ما تقدمه
للشباب، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. وعلى الرغم من أن الحكومة تقوم بعدة
إصلاحات بمساعدة صندوق النقد الدولي، إلا أن احتكار الجيش لعدة قطاعات في البلاد
مازال يؤثر على الاقتصاد المصري بالسلب، فضلا عن استمرار هروب العديد من
المستثمرين، وخوف السياح من الذهاب لمصر.
ورأت الصحيفة بأن هذه الوضعية المتردية ألقت بظلالها
على الشباب، حيث بات ثلث المصريين الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، عاطلين عن العمل.
وفي السنوات القادمة، سيزداد الضغط على سوق العمل المصري "الهزيل"، خاصة
أن 40 بالمائة من المصريين تقل أعمارهم عن 18 سنة في الوقت الحالي.
ونوهت الصحيفة بأن الشباب يفكر حاليا في بناء
مستقبله خارج البلاد. ومن هذا المنطلق، يفكر حسين في السفر إلى ألمانيا خلال
السنوات المقبلة، مؤكدا أن أغلب شباب جيله يحلم بالسفر خارج أرض الوطن. واعتبر
حسين أن الفرحة التي عاشها في ميدان التحرير كانت مجرد وهم.