نشر موقع "فاين-بروميشليني كوريير" الروسي تقريرا بين فيه الأسباب التي تقف خلف هزيمة التحالف الدولي وخسارته لنفوذه في سوريا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن سوريا شهدت خلال السنوات الماضية حربا بين مختلف الأطراف المتنازعة، حيث كان هناك ائتلافان رئيسيان؛ الائتلاف الغربي "المعتدي" والائتلاف "المدافع". وقد اتفق الائتلاف الأول على الإطاحة برئيس النظام في سوريا بشار الأسد، بينما عزم الائتلاف الثاني على الحفاظ على سلامة البلد وسيادته تحت سلطة الأسد.
وقال الموقع إن "الحرب السورية اندلعت سنة 2011، إلا أن المرحلة الحاسمة انطلقت منذ بداية التدخل الروسي في سوريا". فبفضل جهود المستشارين الروس، تمكن الجيش السوري من التحول إلى قوة عسكرية قادرة على تحقيق انتصارات هامة ضد العديد من الخصوم، لعل أهمهم تنظيم الدولة. في المقابل، بدأت القوات المسلحة الأمريكية والتركية وغيرها، بشن حملات عسكرية نشطة على الأراضي السورية مع العديد من الجماعات المسلحة.
وأفاد الموقع بأن أهداف المتدخلين في الحرب السورية مختلفة، فضلا عن تنوع الوسائل المعتمدة والأسلحة والمعدات القتالية، واختلاف الخطط العسكرية والسياسية. ويعتبر التحالف الغربي هيكلا معقدا إلى حد ما، وهو يتكون من مجموعتين.
وتضم المجموعة الأولى، اتحاد الدول والجماعات المسلحة غير الشرعية، حيث تقدم دول مثل تركيا والولايات المتحدة والسعودية وقطر الدعم للجماعات المسلحة، علما بأن إسرائيل تؤيد هذا التحالف دون التدخل المباشر في الصراع. أما المجموعة الثانية، فتتمثل في تنظيم الدولة وجبهة النصرة، والجيش السوري الحر.
وأشار الموقع إلى تنوع أهداف دول التحالف، إذ تسعى السعودية وقطر لإنشاء خلافة سنية في سوريا والعراق تحت رعايتهما، بينما تحاول تركيا تمهيد الطريق لاستعادة مجد الإمبراطورية العثمانية الجديدة. ومن جهتها، حاولت الولايات المتحدة تحويل البلد الذي مزقته الحرب الأهلية إلى نقطة انطلاق جديدة للغرب.
وبين الموقع أنه كان للتشكيلات الكردية أهداف أخرى في سوريا، فهي لم تسع للإطاحة بالأسد بشكل مباشر وإنما أرادت الاستقلال عن سوريا والحصول منطقة حكم ذاتي، وهو طموح تعارضه كل من دمشق وأنقرة. وعلى الرغم من التناقضات فيما يتعلق بأهداف مختلف الأطراف المنضوية تحت راية التحالف الدولي إلا أن الرغبة في الإطاحة بالأسد تظل هي النقطة المشتركة بينهم جميعا.
ونوّه الموقع بأن الائتلاف المدافع عن الأسد يضم روسيا وإيران ومنظمة حزب الله شبه العسكرية، مع العلم أنه لكل طرف منهم أهدافه الخاصة. فمن ناحية، تسعى إيران للحفاظ على سوريا باعتبارها حليفا إقليميا رئيسيا يتيح لها فرصة الوصول للبحر الأبيض المتوسط، فيما يقدم حزب الله الدعم لإيران في هذا المجال. أما روسيا، إذا ما سقط الأسد، ستجد نفسها خلال فترة قصيرة في خضم حرب من أجل بسط نفوذها في القوقاز وآسيا الوسطى. وفي فترة لاحقة، قد تفقد روسيا سوق الطاقة الأوروبية، نظرا لتدفق الغاز القطري عبر الموانئ السورية.
وأورد الموقع أحد أهم أسباب نجاح الائتلاف الروسي الإيراني، الذي يتمثل في محاولة الحفاظ على التماسك طوال فترة الحرب، وتقديم الدعم لبعضهم البعض. كما تميز المستوى العسكري التقني للقوات المسلحة الروسية بقدراته العالية. ومن أهم عوامل نجاح الروس وفشل التحالف الدولي، شرعية التدخل العسكري الروسي في الصراع، لأن تدخل روسيا في الحرب كان بطلب من الحكومة السورية. ومن جهة أخرى، أثبتت القيادة العسكرية والسياسية الروسية تفوقا كبيرا مقارنة بالنخب الغربية.
وذكر الموقع أن أهم أهداف التحالف الدولي أو الائتلاف "المعتدي"، يكمن في هزيمة الجيش السوري والقوى المتحالفة معه، فضلا عن تدمير القوة العسكرية والصناعية في البلاد. لذلك، كانت مهمة الائتلاف المدافع في المقام الأول استعادة القدرة القتالية للقوات المسلحة السورية والحفاظ عليها، وهزيمة المجموعات المسلحة غير الشرعية، بالإضافة إلى تحرير معظم الأراضي السورية من تنظيم الدولة، ومنع تقسيم البلاد.
وأثناء الحرب السورية، استخدمت جميع أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل. ولم يتوان كلا الطرفين، في جميع مراحل الحرب، عن اللجوء لحرب المعلومات بنشاط للتأكيد على عدم وجود إطار قانوني لاستخدام الأسلحة لدى الطرف الآخر.
وأفاد الموقع بأن الوسائل الرئيسية في الحرب السورية كانت تعتمد بالأساس على الأسلحة التقليدية، خاصة أنه كانت هناك قواعد قانونية وأخلاقية دولية تسمح وتبرر اعتماد بعض الأسلحة دون غيرها. علاوة على ذلك، كانت كل من الولايات المتحدة وروسيا ملزمتان بقيود محلية ودولية لاسيما فيما يتعلق باستخدام القوات العسكرية الجوية التي تنفذ المهام الخاصة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم استخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب السورية، ما أسفر عنه سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين، إلا أن الخسائر المادية نتيجة هذه الهجمات الكيميائية لم تكن فادحة.
وفي الختام، أوضح الموقع أن الحرب السورية لم تصل بعد إلى مرحلة استخدام الأسلحة النووية، ومع ذلك أثر هذا المعطى بشكل غير مباشر على مسار الحرب ونتائجها. فقد ساهم التوازن النووي بين روسيا والولايات المتحدة مع إمكانية التدمير المتبادل، في استمرار مرحلة الاشتباكات المباشرة في سوريا. وفي حال تم استعمال الأسلحة النووية ستكون الحرب العالمية الثالثة حتمية.
"البنتاغون": نتفهم مخاوف تركيا إزاء القوة الأمنية حدود سوريا
هل ستمتد العملية العسكرية التركية إلى شرق الفرات؟
ماكرون يؤكد لترامب "أهمية احترام" الاتفاق النووي مع إيران