من أتباع تيار ديني في بنغازي يوصف بالمتشدد يوفر له الغطاء "الشرعي" و"الديني".
شكل في عام 2015 كتيبة للقتال في صفوف قوات الجنرال خليفة حفتر المدعوم من مصر ودول الخليج العربي، سماها "كتيبة التوحيد السلفية"، وهذا التيار يرى أن الحرب في بنغازي "دينية واجبة" ضد من يسميهم "خوارج العصر والدواعش والتكفيريين".
كسب شهرته وسمعته السيئة من خلال عمليات إعدام ميدانية ونبش القبور في شرقي ليبيا.
يمعن في لعب دور مغرق في التوحش والفظاعة يتماهى مع فيديوهات سابقة لتنظيم الدولة "داعش" آخرها ما نشر له وهو يعدم عشرة أشخاص في بنغازي وهم يرتدون زيا أزرق اللون ومكبلو الأيدي وأعينهم مغطاة.
الضابط السلفي، محمود مصطفى الورفلي آمر المحاور بالقوات الخاصة والقيادي بقوات "عملية الكرامة" بقيادة حفتر، المولود في عام 1974، متخرج من كلية عسكرية ليبية وحاصل على رتبة نقيب في عام 2009، ثم رقي في عام 2017 إلى رتبة رائد.
برز اسمه كقائد عسكري في عام 2014 مع انطلاق "عملية الكرامة" التي أطلقها حفتر، قبل أن يتسلم مهاما قيادية في القوات الخاصة (الصاعقة)، والتي كانت تستهدف حينها "تطهير مدينة بنغازي من الجماعات الإرهابية" التي ظلت لأكثر من ثلاث سنوات تسيطر على المدينة.
الورفلي ينفذ عمليات التصفية، من قتل وإعدام لمن يسميهم "الخوارج"، بخلفيات دينية واضحة، ومن خلال سرده للتبريرات الفقهية والعقائدية بشكل يرتقي إلى ما يشبه "الطقوس".
ورغم كل ما صدر في حقه من قرارات إيقاف وتحقيق من قبل قيادة الجيش الليبي والمنظمات الدولية، يواصل تنفيذ عمليات التصفية بالرصاص والتي تثير في كل مرة عشرات البيانات المشحونة بالاستنكار والتنديد، محليا وعربيا ودوليا.
من بينها ما نشر في آذار/ مارس عام 2017 في مقطع فيديو وهو يقوم بإعدام ثلاثة أشخاص مقيدي الأيدي في بنغازي، وسمع في الفيديو صوت أحد الأشخاص وهو يوجه للورفلي أمر تنفيذ الإعدام في المعتقلين الثلاثة، وأطلق الورفلي بعد ذلك وابلا من الرصاص على رؤوس الضحايا.
كما ظهر مرة أخرى في أيار/ مايو عام 2017 في مقطع مصور داخل غرفة وهو يعدم شخصا قال إنه "جزائري" يتبع "تنظيم الدولة"، وظهر الورفلي وهو يطلق على الضحية ثلاث رصاصات من مسدس كان يحمله؛ حيث أطلق الرصاص على رأسه مباشرة ومن مسافة قريبة جدا.
وقال الورفلي في خطبة له قبيل إعدام الشخص المذكور إن هذا الشخص "خارجي"، وإنه يعتبر إقدامه على قتل "الخوارج تقربا إلى الله تعالى"، وساق آراء فقهية تُجيز مثل هذا القتل.
جرائم الورفلي دفعت المحكمة الجنايات الدولية للمطالبة بتسليمه لها فورا.
كما طالبت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بتسليم الورفلي على الفور إلى محكمة الجنايات الدولية، مشيرة إلى أنها رصدت على الأقل 5 حالات إعدام وحشية ارتكبها أو أمر بها الورفلي في 2017 في بنغازي.
ودعت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في سبتمبر/أيلول الماضي إلى اعتقاله، وقالت إنه: "متهم بارتكاب جرائم قتل"، حيث تم إصدار مذكرة توقيف بحقه للاشتباه في تورطه في قتل 33 شخصا.
وهي دعوة ردت عليها القيادة العامة للجيش الليبي بإعلان إيقاف للورفلي وإحالته للتحقيق.
إجراء ردت عليه "المحكمة الجنائية الدولية"، أمام مجلس الأمن الدولي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بالقول إن "بعض التقارير تشير إلى اعتقال الورفلي، فيما تلقى مكتبها تقارير أخرى تفيد بأنه لا يزال طليقا".
وقالت في إفادتها: "على ليبيا التزام قانوني ينبع من قرار مجلس الأمن رقم 1970، يحتم اعتقال وتسليم الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية على الفور".
وطالت الاتهامات قوات "عملية الكرامة" بقيادة حفتر التي اتهمت هي الأخرى بارتكاب جرائم حرب بعدما سيطرت على أحد معاقل قوات مجلس "شورى ثوار بنغازي" ومنها نبش قبور وقطع رؤوس الموتى والتمثيل بالجثث.
وفي شباط/ فبراير عام 2017، تعرض الورفلي لمحاولة اغتيال بسيارة ملغمة استهدفت موكبه العسكري في محيط محطة للوقود على الطريق الرئيسي لمنطقة القوارشة غرب بنغازي، وأصيب الورفلي بجروح بليغة أُدخل على إثرها غرفة العناية في مركز بنغازي الطبي.
ليعود الورفلي فيما بعد ويعلن استقالته على خلفية اتهامه بقيادة مجموعة مسلحة هاجمت مقرا لمركز شرطة في بنغازي واشتبكت مع الموجودين داخله، مما أسفر عن مقتل ضابط شرطة برتبة نقيب، لكن ونيس بوخمادة آمر القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة لقوات حفتر رفض الاستقالة.
بوخمادة أكد أن الورفلي هو "أحد الرجال الذين قدموا الكثير في محاور القتال منذ سنين"، موضحا "أن القوات الخاصة لن تتخلى عن رجالها وكوادرها الـذين قدموا أرواحهم في سبيل الله ثم والوطن".
وطلب منه الاستمرار في عمله، وهو ما يضفي "غطاء شرعيا" على أفعاله وممارساته وجرائمه.
ويقول حقوقيون إن المحكمة الجنائية الدولية ترى أن الانتهاكات التي ارتكبها الورفلي على رأس أولويات التحقيق داخل أروقة المحكمة نظرا لمسؤوليته المباشرة عن مقتل العشرات.
وكنوع من التحدي واستنساخ التجربة ظهر الورفلي في تسجيل وهو يشرف على إعدام أشخاص ألبسوا الزي البرتقالي على غرار ما كان يقوم به تنظيم الدولة "داعش".
ويرى سياسيون أن جرائم الورفلي ليست مجرد أعمال فردية معزولة، بل كانت بأوامر من حفتر الذي ظهر في تسجيلات عدة يدعو إلى تصفية المعارضين في الميدان، ويقول إنه لا وقت للمحاكمات لأنها "كلام فارغ".
مخاوف حفتر من كشف دور "عملية الكرامة" في التغطية على انتهاكات الورفلي تمنعه من تسلميه للمحكمة الجنائية الدولية.
ولن يكون الورفلي في مأمن على حياته إذا ما وجدت ليبيا نفسها أمام خيار وحيد وهو تسلميه للمحكمة، فاعترافاته في لاهاي قد تجر أسماء كبيرة إلى قاعة المحكمة الدولية!