أعادت
الجزائر عتادا وتجهيزات كهربائية ثقيلة لشركة فرنسية، بعدما أثبتت التحقيقات أن تلك الأجهزة
إسرائيلية الصنع.
واتهم وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيتوني، الخميس، شركة بريطانية بالتحايل، وقال إنها تعاملت مع شركة فرنسية تسمى "سيرلاك"، التي زودت شركة إنتاج وتوزيع الكهرباء الجزائرية بعتاد يستعمل بدعم طاقة محطات الكهرباء، لكن المحققين كشفوا أن ذلك العتاد إسرائيلي المنشأ.
ويحظر القانون الجزائري أي عملية استيراد لأي منتج من الكيان الإسرائيلي، لاعتبارات تتعلق بالدعم الجزائري الثابت والدائم لفلسطين.
النائب عن الكتلة البرلمانية للتحالف الإسلامي، الأخضر بن خلاف، كان أول من فجر القضية من خلال سؤال كتابي وجهه لوزير الطاقة، مصطفة قيتوني، يستفسر فيه عن خلفيات استيراد عتاد كهربائي إسرائيلي المنشأ، حيث إن القانون الجزائري يحظر ذلك.
وقال بن خلاف، في تصريح لـ"
عربي21"، الخميس: تحصلت على وثائق تثبت استيراد الشركة الجزائرية عتادا صنع في إسرائيل، وصدمت لذلك، لكون الجزائر لا تربطها أي علاقة مع هذا الكيان المحتل".
وأضاف بن خلاف: "هذه سابقة تحدث في الجزائر، وعلى السلطات العليا تسليط الضوء على هذه القضية، ومعاقبة المتسببين فيها؛ حتى لا تتكرر ثانية"، متابعا: "طلبت إنشاء لجنة تحقيق في هذه القضية، لكن للأسف رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) سعيد بوجحة رفض ذلك؛ بحجة أن القضية حاليا بيد العدالة".
وقال بن خلاف: "أعلم جيدا أن السلطات الجمركية متشددة بقضايا إدخال منتجات من صنع إسرائيلي، لكني استغرب كيف فلت هذا العتاد من الرقابة على مستوى الميناء".
واستوردت شركة إنتاج وتوزيع الكهرباء (سونلغاز) الجزائرية تجهيزات وعتادا ومولدات من الشركة الفرنسية "سيرلاك"، التي تعمل في إطار شراكة مع إحدى الشركات البريطانية، التي وفرت التجهيزات المطلوبة من طرف الشركة الجزائرية.
وطالب وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيتوني، على هامش جلسة شفوية للبرلمان، الخميس، النواب بعدم التهويل بخصوص هذا الملف، من أجل السير الحسن لعمل العدالة، بعد أن رفعت سونلغاز قضية ضد شركة "سيرلاك الفرنسية"؛ لمخالفتها ما جاء في دفتر الشروط .
وقال قيطوني: "إن سماح سونلغاز بدخول تجهيزات من صنع إسرائيلي لم يكن عمدا"، مدافعا عن الشركة الفرنسية، التي أوضح أنها "تعرضت للاحتيال من طرف شركة أوروبية تتعامل مع إسرائيل"، ويقصد بها الشركة البريطانية.
وأفاد مسؤول رفيع في الشركة الجزائرية سونلغار، دون ذكر اسمه لـ"
عربي21"، الخميس، بأن "حيثيات القضية تعود إلى شهر نيسان/ أبريل من سنة 2017، بعد معاينة عتاد إسرائيلي دخل إلى الجزائر على أساس أنه ذو منشأ فرنسي، لتنتهي القضية بإعادته إلى المورد، واستبدل به عتاد آخر من صنع أوروبي في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد اعتراف المصنع الفرنسي وتحمله للمسؤولية الكاملة".
وأكد المسؤول ذاته أن "الشركة الجزائرية اتخذت جميع الإجراءات القانونية في قضية العتاد الذي اقتنته لإنتاج الكهرباء، ليتعين أنه مصنوع في إسرائيل"، موضحا أن "فرع الشركة الجزائرية الخاص بالهندسة كان أول من اكتشف العتاد الإسرائيلي بعد معاينته، ليبادر إلى إخطار المصالح المعنية من جمارك وأمن".
ولم تعلن السلطات الجمركية عن هذه القضية الحساسة بالنسبة للجزائريين، وفضلت معالجتها في إطار ضيق؛ حتى لا تثير ردود فعل غاضبة من الشارع الجزائري، الحساس لمثل هذه الأمور، غير أن كشفها من طرف النائب الأخضر بن خلاف أثار ردود فعل ساخطة من طرف الجزائريين.
وأثارت هذه القضية ضجة سياسية وإعلامية في الجزائر، وقال موسى بداوي، عن حزب جبهة التحرير الوطني: "إن ما حدث يناقض توجهات الدولة الجزائرية، الرافضة لأي
تطبيع مع الكيان المحتل، ويحظر قطعا أي تعامل مع الكيان الإسرائيلي، مهما كان نوعه".
وأفاد بداوي، في تصريح لـ"
عربي21"، الخميس: "أصدق رواية الوزير قيتوني بأن جلب معدات كهربائية ضخمة من فرنسا كان على أساس أنها فرنسية، ليتضح فيما بعد أنها إسرائيلية، خاصة أن الشركة الجزائرية معتادة على التعامل مع نظيرتها الفرنسية دون مشاكل من هذا النوع"، متابعا: "هذه القضية يجب أن تكون مدعاة لتشديد الرقابة أكثر عبر الموانئ".
غير أن خالد بن طبال، عضو المجلس الوطني للتجمع الوطني بالجزائر، لا يعتقد أن استيراد العتاد الإسرائيلي إجراء بريء، إذ يعتبر في تصريح لـ"
عربي21" أن "هناك تواطؤا ما في جهة ما أتاح إدخال العتاد الكهربائي الإسرائيلي إلى الجزائر، علما أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط منتجات إسرائيلية في ميناء الجزائر".
وتابع المتحدث بأن الشركة الجزائرية لإنتاج وتوزيع الكهرباء تتعامل مع شركات دولية، وسجلت توريد بعض العتاد من صنع إسرائيلي، في إطار تعاملاتها الدولية، غير أنها في كل مرة تعيده وتعوضه بعتاد آخر، وهذا ما يطرح علامة استفهام كبيرة، حيث إن عمليات مماثلة تم تسجيلها ومعالجتها سنتي 2013 و2015".