كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مقالا نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، يقول فيه إن إيران تستطيع بناء السياسة الأمنية للمنطقة في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة.
ويقول ظريف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "هزيمة هذا التنظيم الجهادي تبشر بعودة الاستقرار لمناطق واسعة، لكنها من جهة أخرى تشعل نزاعات وتوترات جديدة، ومنها إحياء (هستيريا) أربكت واقع السياسة الخارجية الإيرانية".
ويصف الوزير الإيراني تنظيم الدولة بأنه كشف عن عمق الشرور الإنسانية الظلامية، لكنه "منح فرصة للتعان ومواجهة هذا التهديد الوجودي"، مؤكدا أن علاقات التعاون التي توطدت في هذا القتال قد تقود إلى "مرحلة جديدة، ونحن بحاجة إلى مداخل ومصطلحات جديدة تعطي معنى لعالم يتنقل إلى مرحلة ما بعد النظام العالمي الغربي".
ويقدم ظريف مفهومين للمثال البارز في غرب آسيا، وهما: فكرة المنطقة القوية والشبكات الأمنية، التي تسهم فيها الدول الصغيرة والكبيرة، وحتى تلك الدول المعروفة بتنافساتها، في استقرار المنطقة.
ويرى الكاتب أن "الهدف من منطقة قوية -كفكرة مضادة للهيمنة واستبعاد الآخرين- متجذر بضرورة احترام مصالح المساهمين كلهم، فأي محاولة للتسيد تقوم بها دولة ليست غير مناسبة فقط لكنها مستحيلة، ومن يحاولون السير على هذا الطريق فإنهم يؤثرون على الاستقرار".
ويشير الوزير الإيراني إلى سباق التسلح في المنطقة، قائلا إنه "مثال على هذا التنافس المدمر، وهو بمثابة اختلاس للمصادر ووضعها في خزائن مصنعي الأسلحة، ولم يؤد إلى تحقيق السلام والأمن، فالعسكرة لا تؤدي إلا إلى المغامرات الكارثية".
ويجد ظريف أن "معظم طرق بناء التحالفات أصبحت قديمة ومهجورة، وأصبحت فكرة الأمن الجماعي في عالمنا المترابط ميتة، وخاصة في الخليج العربي؛ ولسبب رئيسي واحد: لأن الحديث عن الأمن الجماعي يفترض الاشتراك في المصالح، ومن هنا فإن فكرة الشبكات الأمنية هي فكرة ابتدعتها إيران؛ من أجل القضايا التي تتراوح من تباين المصالح إلى الفوارق في السلطة".
ويقوم النموذج الذي يقترحه ظريف على معايير بسيطة لكنها فعالة، فبدلا من محاولة تجاهل التصادم في المصالح، فإنه يعترف بالخلاف، ولأنه يقوم على مشاركة الكل، فإنه يعمل جدار حماية ضد ظهور حكم الأقلية في الدول الكبرى ويسمح للدول الصغيرة بالمشاركة.
ويلفت الوزير الإيراني إلى أن "قواعد هذا النظام الجديد واضحة: معايير مشتركة، والأهم من هذا الأهداف والمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، مثل السيادة المتساوية للدول، وتجنب التهديد أو استخدام القوة، والحلول السلمية للنزاعات، واحترام وحدة الأراضي للدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حق تقرير المصير داخل الدول".
ويؤكد ظريف أن "الشبكات الأمنية ليست مثالية، فهي الطريقة الحقيقية الوحيدة التي تخرجنا من الحلقة المفرغة في الاعتماد على القوى غير الإقليمية والتحالفات الخاصة، ووهم الأمن الذي يمكن تحقيقه من خلال البترودولار أو التملق، ويتوقع الشخص أن ترى الدول الأخرى، خاصة الجيران الأوروبيين، أن مصلحتها حث حلفائها في المنطقة، وتبني هذه السياسة".
ويعتقد ظريف أنه "للتحول من الاضطراب إلى الاستقرار فإنه يجب علينا أولا وأخيرا تبني الحوار وغيره من معايير بناء الثقة، ونعاني من عجز في الثقة، وعلى المستويات كلها في غرب آسيا، وملامح هذا الأمر واضحة بين الحكام والمحكومين، وبين الحكومات والشعوب، ويجب أن يهدف الحوار لتأكيد تشابه الاهتمامات والمخاوف زالتطلعات والآمال، ويجب أن يحل هذا الحوار محل الخطابات والدعاية، ويجب أن يرفق الحوار بمستويات بناء ثقة: تشجيع السياحة وقوى مشتركة للمهام الخاصة، وتتراوح من السلامة النووية إلى التلوث وإدارة الكوارث، وزيارات عسكرية مشتركة، وإبلاغ مقدم عن المناورات العسكرية، وإجراءات شفافية في مجال التسلح، وتخفيض النفقات الدفاعية، تقود كلها لمعاهدة عدم اعتداء".
ويختم الوزير الإيراني مقاله يالقول إن "الجمهورية الإسلامية تقترح، كخطوة أولى، إنشاء منبر إقليمي للحوار في الخليج، ودعوتنا الطويلة للحوار مفتوحة، ونتطلع لليوم الذي يقبل فيه جيراننا دعوتنا، وبتشجيع من حلفائهم، الأوروبيين وغيرهم في الغرب".
وول ستريت: كيف يحاول تنظيم الدولة العودة من جديد؟
أتلانتك: هل تؤدي الهواتف الذكية دورا بانتفاضة إيران؟
روسكايا فيسنا: كيف يمكن للاحتجاجات في إيران أن تهدد روسيا؟