أثار القرار الأمريكي بشأن القدس الاعتراف بالمدينة "عاصمة لإسرائيل"، وما تلاه من الموقف الفلسطيني لا سيما السلطة من الإعلان بأن واشنطن لم تعد وسيطا نزيها في أي مفاوضات مع إسرئيل، تساؤلات عن مآلات القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني.
وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا، استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، والكشف عن "صفقة القرن" التي تمثل تحديا جديدا يهدد القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل التقارير التي تحدثت عن تسارع جهود التطبيع العربي مع إسرائيل دون الالتفات لشكل ومصير عملية التسوية.
كسر الجمود
ويصف المراقبون الوضع الفلسطيني بـ"حالة من الجمود"، في ظل التطورات الأخيرة، على الرغم من لغة التصعيد التي برزت في خطاب القيادة الفلسطينية وتحديدا في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليبرز سؤال عن كيفية كسر هذا الجمود؟
وأجاب مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات، الكاتب المحلل السياسي هاني المصري، على هذا التساؤل بالقول: "يتطلب كسر الجمود السياسي الفلسطيني وحدة وطنية قائمة على أساس شراكة حقيقية كاملة".
وأضاف في حديث لـ"عربي21" المصري: "يجب أن ترتكز هذه الوحدة على أساس بلورة برنامج وطني يجسد القواسم المشتركة، ويفتح الطريق لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير بحيث تضم الجميع وتكون الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني قولا وفعلا".
ورأى أن السلطة الفلسطينية "مطالبة بإعادة النظر بشكلها ووظائفها والتزاماتها، حتى تكون سلطة تخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، وأداة من أدوات منظمة التحرير".
وقال: "بعد أن تتجسد الوحدة يتم الذهاب للانتخابات، التي يجب أن تكون جزءا من المعركة ضد الاحتلال، وليس فقط لحسم من يفوز من الأحزاب الفلسطينية أو من يحصل على الأغلبية كي يحكم".
وحدة الصف
بدوره، وافق المحلل السياسي مصطفى الصواف، ما ذهب إليه هاني المصري عن ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية، وأشار إلى أنها "الطريق الوحيد لكسر الجمود السياسي الفلسطيني، بحسب ما يعتقد".
وأضاف الصواف في حديثه لـ"عربي21": "وحدة الصف الفلسطيني تكسر أيضا كل المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني، فهو أن بقي على حالة الانقسام، ستسهل مهمة المتآمرين عليه ويصبح طريق تنفيذ مخططاتهم أيسر".
ورأى المحلل السياسي أنه "على من لديهم قناعة بالوحدة المضي قدما بها، وترك من لا يريدها خلف دروبهم، والسير وفق إستراتيجية فلسطينية بما يتم التوافق عليه بين الجميع"، بحسب ما قال.
وغير بعيد عن الصواف والمصري، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن "أهم أجراء يجب على الفلسطينيين اتخاذه لكسر الجمود السياسي بعد قرارات المجلس المركزي الأخيرة هو تحريك المصالحة الفلسطينية".
حد أدنى
وتابع في حديث لـ"عربي21" "باعتقادي تشكل قرارات المركزي، حدا أدنى متفقا عليه من الجميع، ولكن تنفيذها يحتاج لوضع فلسطيني يكون قادرا بالمعنى النسبي على دفع ثمن وبذل جهد جماعي، وهو عمليا كفيل بان يستدعي سياسة عربية أفضل".
وأشار عوكل إلى أن "التصعيد قادم سواء شاء الفلسطينيون ذلك أم أبوا"، معتبرا أن السلطة الفلسطينية "لا تستطيع تأخير تنفيذ هذه القرارات بسبب أن التصعيد الإسرائيلي والأمريكي سيكون كبيرا ونوعيا".
وتابع: "المسافة بين السياسة الفلسطينية والمخططات الإسرائيلية والأمريكية واسعة، والهوّة كبيرة، فإسرائيل تسبقنا بمخططاتها كثيرا".
خيارات محدودة
وأمام ما يراه المراقبون محدودية الخيارات، أكدوا ضرورة توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة، وهو ما عبر عنه الصواف بالقول: "خيارات الفلسطينيين سواء السلطة أو الفصائل محدودة".
ودعا الصواف القوى الفلسطينية إلى "الاختيار ما بين الهزيمة جميعا، أو محاولة إنقاذ الموقف من خلال وحدة ولو كانت مجزّأة".
من جهته، أكد المصري أنه "بعدما فشلت ما تسمى عملية السلام والرهانات على المفاوضات الولايات المتحدة الأمريكية، لا خيار سوى الرهان على الشعب وعلى عدالة القضية الفلسطينية وتفوقها الأخلاقي".
وتابع المصري: "يتطلب هذا الخيار من الساسة الفلسطينيين، التركيز على تعزيز عوامل الصمود والمقاومة الشعبية، حتى يصبح الاحتلال مكلف لإسرائيل ومن يدعمها".
أما المحلل طلال عوكل، فختم حديثه بالقول: "إن الخيار الوحيد والواقعي هو الإعلان عن أن الصراع على كل ارض فلسطين التاريخية"، مضيفا: أن |الحديث الفلسطيني عن السلام ووحل الدولتين، والبدائل وقرارات الأمم المتحدة هو خطاب علاقات عامة يفيد مرحليا في الصراع ولكن لا يجب عن أسئلة الصراع الحقيقي".
روسيا تجدد اهتمامها بمشروع التسوية.. والسلطة ترحب
أسرار تدفع إسرائيل لتوطيد علاقتها بالهند.. تعرف عليها
قصف إسرائيلي لموقع عسكري يتبع حماس في غزة