نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن أزمة الفلسطينيين في مخيم نهر البارد الذي يقع في شمال لبنان، بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية تجميد الأموال المخصصة لإعادة الإعمار التي تمنحها للأمم المتحدة في إطار برنامج الأونروا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن مخيم النهر البارد تحول إلى أرض خراب بعد المعركة الدامية
التي اندلعت في سنة 2007 بين الجيش اللبناني وجماعة فتح الإسلام المسلحة التابعة
لتنظيم القاعدة.
وفي هذا السياق، قال أحد الفلسطينيين عمر نبي، الذي
عاد للعيش في المخيم رغما عنه إن "المخيم كان الأفضل حالا مقارنة بجميع
المخيمات في لبنان، وذلك قبل اندلاع حرب سنة 2007".
وأضاف أن "الأعمال التجارية كانت مزدهرة، ولكن
الوضع الاقتصادي شهد تغيرا جذريا ولم ينتعش مطلقا، مما ساهم في ارتفاع معدلات
بطالة الشباب".
يشار إلى أنه أعيد بناء نصف المخيم فقط، وذلك بعد
مرور أكثر من عشر سنوات من الاشتباكات.
وأفادت الصحيفة أن معاناة جديدة تلوح في الأفق
بالنسبة للقاطنين في مخيم النهر البارد، التي تتمثل في تفعيل إدارة ترامب لتهديدها
القاضي بخفض المساعدات للفلسطينيين، وذلك يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/ يناير
الحالي، حيث علقت أمريكا 65 مليون دولار من مساعداتها للفلسطينيين عن طريق وكالة
الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
اقرأ أيضا: كيف يعاني اللاجئون الفلسطينيون من التهميش في لبنان؟
وأكدت الصحيفة أن الأونروا لم تتسلم سوى 60 مليون دولار
(49.2 مليون يورو) بدلا من 125 مليون دولار كانت ضمن مستحقاتها، قبل القرار الأمريكي
الأخير.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية تجميد الأموال تعد بمثابة عقاب للسلطة الفلسطينية
التي ترفض استمرار الوساطة الأمريكية في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، على
خلفية اعتراف الولايات المتحدة الأحادي الجانب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ونوهت الصحيفة إلى أن التخفيض من حجم الأموال
المخصصة للأونروا تعد ضربة أخرى للاجئين الفقراء، الذين يشعرون بأنهم سقطوا بالفعل
من حسابات المجتمع الدولي، الذي أضحى منشغلا بالأزمات الأخرى التي تدور في الشرق
الأوسط.
وعلى الرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها وكالة
أونروا منذ عدة سنوات، الأمر الذي أجبرها على التقليص من حجم مساعداتها لصالح لاجئ
المخيمات، إلا أنها تظل من أبرز الداعمين للفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة على لسان عمر نبي، العاطل عن العمل أن
"وكالة أونروا تعد شاهدا رئيسيا على عملية طرد آبائنا وأجدادنا من الأراضي
الفلسطينية، وإنكار حقنا في العودة".
اقرأ أيضا: أونروا بعين العاصفة بلبنان مجددا.. والوكالة ترد لـ"عربي21"
وذكرت الصحيفة أن "الأجواء في مخيم نهر البارد
باتت مضطربة، حيث أدى الفشل الذريع في إعادة إعمار المخيم من جديد إلى وقوع
اللاجئين في براثن الفقر، فضلا عن تغذية مشاعر الإحباط في صفوفهم".
وبينت الصحيفة أنه "على مر السنين، كانت مدرسة
غزة (الموجودة في مخيم نهر البارد في لبنان)، إحدى المؤسسات التي تديرها وكالة
الأمم المتحدة، في عدة مناسبات مسرحا لمظاهرات اللاجئين، الذين نددوا بانخفاض
مستوى الخدمات الأساسية وتباطؤ أشغال مواقع البناء، كما تعاني المدارس من نقص حاد
في المعدات والموارد، فضلا عن الازدحام الشديد على مستوى صفوف الدراسة".
وأوردت الصحيفة ما جاء على لسان أحد المتخصصين في
مجال التعليم الذي حذر من أن "مزيد خفض المساعدات المقدمة من شأنه أن يؤدي
إلى تدهور ظروف التعليم"، مضيفا أن "الأطفال يشكون بالفعل من عدم
الاستقرار في منازلهم، وبعد سنة 2007، انفجرت معدلات البطالة، فضلا عن أن نسبة
الفقر قد تفاقمت".
وأضافت الصحيفة أن "بعض الطلاب كانوا يعيشون
منذ فترة طويلة في المباني الجاهزة، التي يعيش فيها بضع مئات من الأشخاص، في مخيم
النهر البارد، وتعد هذه المباني غير صحية، في حين تفوح منها رائحة المراحيض
الكريهة، إلا أن هؤلاء الأشخاص مضطرون للبقاء هناك نظرا لأنهم لا يملكون مكانا آخر
يذهبون إليه".
اقرأ أيضا: فلسطينيو لبنان يصعدون الاحتجاج ضد الأونروا ويتوعدون بمفاجآت
وتناولت الصحيفة تصريحات سعيد، البالغ من العمر 52
سنة، الذي يعيش مع أمه المسنة، التي تبلغ 70 سنة، في مساحة ضيقة.
وفي هذا الصدد، قال سعيد: "نعاني من الاكتظاظ
والرائحة الكريهة والضجيج أيضا، فضلا عن انعدام المياه الصالحة للشرب في هذه
المباني".
من جهتها، أكدت أم سعيد أنها "أصيبت بمرض الربو
بسبب الظروف الصحية المزرية في هذا المكان، الذي تعيش فيه حتى الفئران".
وبينت الصحيفة أنه كان من المقرر أن تنتهي أعمال
البناء في المخيم خلال سنة 2011 أو سنة 2012، ولكن، لأسباب عديدة، تواترت حالات
التأجيل وذلك نتيجة النقص الحاد في الأموال.
إندبندنت: هل حذر بلير ترامب من تجسس البريطانيين عليه؟
مجموعة الأزمات الدولية: هذه أهم عشرة صراعات لعام 2018
صحفي أمريكي: إيفانكا تسعى للرئاسة الأمريكية