نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن تدخل
الاتحاد الأوروبي لإنقاذ عملية
السلام بين
الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يعتقد كلا الطرفان أن الاتحاد الأوروبي إلى صفّه. وبناء على ذلك، من المرجح أن تؤدي عملية السلام في الشرق الأوسط إلى حدوث انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زار قبل بضعة أسابيع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل؛ بهدف دفع الأوروبيين للموافقة على قرار ترامب. وفي الإطار ذاته، من المقرر أن يزور الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، العاصمة البلجيكية؛ بحثا عن دعم أوروبي للموقف الفلسطيني.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان الاتحاد الأوروبي يستطيع الحفاظ على التوازن المطالب به في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون التحيز إلى أحدهما. فمن المهم لأعضاء الاتحاد الأوروبي أن يتخذوا موقفا موحدا في هذه القضية الشائكة، دون السقوط في خندق تضارب المصالح في الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يحاولان استقطاب مجموعة من الدول الأوروبية إلى صفهما، مستغلين تباين الآراء داخل الاتحاد الأوروبي حيال قرار ترامب. فمن جانبها، وجهت منظمة التحرير الفلسطينية نداءها الأخير للأوروبيين؛ للمطالبة باتخاذ خطوات حقيقية؛ لتمكين الفلسطينيين من تأسيس دولة مستقلة.
وذكرت الصحيفة أن الأوساط الفلسطينية فتحت باب المفاوضات مع عدد من الدول الأوروبية؛ من أجل الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، ردا على اعتراف ترامب بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. ومن بين هذه الدول الأوروبية، تتجه أنظار الفلسطينيين إلى فرنسا والسويد.
مؤخرا، تعالت في فرنسا والسويد الأصوات الداعية إلى مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها؛ بسبب توسعها في بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية. ومن جانبها، تطالب منظمة التحرير الفلسطينية باتخاذ هذه التدابير ضد إسرائيل. من جهتها، أصدرت عدة وزارات إسرائيلية قائمة تضم 20 منظمة حول العالم تطالب بمقاطعة إسرائيل، ومنعت أعضاءها من دخول البلاد، من بينها 11 منظمة في أوروبا.
وأكدت الصحيفة أن اللجنة المركزية للاتحاد الأوروبي طالبت منظمة التحرير الفلسطينية في وثيقتها الأخيرة بالاعتراف بدولة إسرائيل كشرط للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين. وبالطبع، لن تتخذ السلطات الفلسطينية مثل هذه الخطوة إلا في حال اعترفت إسرائيل بدولة فلسطين وحدود سنة 1967، بالإضافة إلى رفع يدها عن القدس الشرقية، وإيقاف أعمال بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.
وبيّنت الصحيفة أن الفلسطينيين يسعون إلى كسب تعاطف العالم مع قضيتهم، خاصة الاتحاد الأوروبي، الذي يرون فيه وسيطا حقيقيا في عملية السلام. في المقابل، يرفض الفلسطينيون في الوقت الحالي أي وساطة أمريكية، بعد وقف المساعدات الأمريكية لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيمة 65 مليون دولار، كانت مخصصة لبرامج مساعدة اللاجئين.
وأبرزت الصحيفة أن معضلة اتخاذ قرار موحد داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تزداد سوءا. وفي هذا الصدد، صرح وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسيلبورن، بأنه من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يتدخل في الوقت الحالي كوسيط في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأوضحت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي أعلن في الوثيقة الأخيرة، التي أصدرها عقب اجتماعه على خلفية قرار ترامب، أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملتزمة بحل الدولتين، وأن موقفها تجاه مدينة القدس لم يتغير. وفي تجل واضح لانقسام الاتحاد الأوروبي، خالفت ست دول، هي كرواتيا وجمهورية التشيك ولاتفيا والمجر وبولندا ورومانيا، ما نصت عليه الوثيقة أثناء تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قرار ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك خلافا واضحا داخل الاتحاد الأوروبي حول القضية الفلسطينية. ففي حين تربط دول وسط وشرق أوروبا علاقات وثيقة بإسرائيل، يبدي غرب أوروبا، خاصة الدول الإسكندنافية، تضامنه مع القضية الفلسطينية. فعلى سبيل المثال، تغرد السويد خارج السرب الأوروبي، فقد كانت أول دولة تعترف بفلسطين كدولة مستقلة سنة 2014. ومن قبلها، اتخذت دول شرق أوروبا الخطوة ذاتها، ولكن في فترة الحقبة الاشتراكية.
وفي السياق ذاته، صرح أسيلبورن أنه في حال اعترفت فرنسا بحق فلسطين في أن تكون دولة مستقلة، ستتبعها عدة دول أخرى، على غرار لوكسمبورغ وبلجيكا وأيرلندا وسلوفينيا. وعموما، يحاول السياسيون الأوروبيون عدم الانجراف نحو هذا الانقسام.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل تحاول الحصول على اعتراف عدد من الدول الأوروبية. وحيال ذلك الشأن، صرحت وزيرة الخارجية البلغارية، إيكاترينا زاهاريفا: "تعد إسرائيل شريكا قويا لنا، وتربطنا بها علاقات إستراتيجية قوية". وحول قرار ترامب، أكدت زاهاريفا أنه "قرار غريب، ولكننا ماضون في عملية السلام".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الاتحاد الأوروبي لا ينحاز عامة للجانب الإسرائيلي، لكن عليه أن يتخذ موقفا من خطاب عباس الأخير، الذي يحمل نبرة معادية للسامية وللاتحاد الأوروبي. فقد لقب عباس إسرائيل بأنها "مشروع استعماري لأوروبا". وبما أن الاتحاد الأوروبي غالبا ما يتحيّن الفرصة من أجل إدانة إسرائيل، عليه الآن أن يعامل عباس بالمثل.