نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتبة كارين ماكفي، تقول فيه إن دراسة مسحية ذكرت أن عدد القتلى بين المدنيين جراء الغارات الجوية زاد عام 2017 بنسبة 42%.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الزيادة في الدراسة، التي اطلعت عليها "الغارديان"، نسبت إلى العمليات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة لإخراج تنظيم الدولة من الموصل في العراق والرقة السورية.
وتنقل ماكفي عن نواب في البرلمان البريطاني، قولهم إن الأرقام "مثيرة للقلق"، وطرحت أسئلة حول المعايير القانونية التي استخدمتها وزارة الدفاع البريطانية للتأكد من أن الهدف هو مقاتل تابع لتنظيم الدولة.
وتورد الصحيفة نقلا عن الحكومة البريطانية، قولها إنها لا تملك أدلة حول تسبب غاراتها بمقتل مدنيين، في الوقت الذي نشرت فيه الولايات المتحدة تقارير تفيد بأن غاراتها الجوية على العراق وسوريا تسببت بمقتل 801 مدني، بطريقة غير مقصودة.
ويفيد التقرير بأن منظمة "أكشن أون آرمد فيولانس/ الحملة ضد العنف المسلح" قامت بإجراء الدراسة المسحية ضمن جهودها لمتابعة أثر الانفجارات على المدنيين، وأشارت إلى أن حصيلة القتلى المدنيين زادت بنسبة 82%، ومن 4902 عام 2016 إلى 8932 عام 2017.
وتنقل الكاتبة عن المنظمة، قولها إن أكثر دولة عانت من آثار القصف الجوي كانت سوريا، حيث زاد عدد الضحايا المدنيين بنسبة 55% بحصيلة 8051 مدنيا، وفي العراق، حيث زادت النسبة إلى 50% بحصيلة 3271، وأفغانستان التي قتل فيها مدنيون غير مقاتلين بحصيلة 994 شخصا.
وتورد الصحيفة نقلا عن كلايف لويس مسؤول لجنة الدرونز، التي تمثل الأحزاب كلها في البرلمان البريطاني، تعليقه قائلا إن على وزارة الدفاع اتخاذ الإجراءات كلها من أجل طمأنة الرأي العام، التي تؤكد من خلالها التزامها بتجنيب المدنيين الأذى، والكشف عن عدد المقاتلين الذين قتلوا. وأضاف لويس: "من التحديات التي ظهرت أثناء جهودنا العسكرية ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا هو غياب الوضوح في ما يتعلق بالمعيار القانوني الذي تلتزم به وزارة الدفاع؛ للتأكد من أن هذا الفرد مقاتل من تنظيم الدولة".
وتابع لويس قائلا: "التفريق بين الذين يشاركون في أعمال عدوانية ومن لا يشاركون هو شرط مسبق للتفريق بين الأهداف الشرعية والمدنية".
ويلفت التقرير إلى أن الدراسة المسحية التي تم إعدادها بناء على التقارير الإخبارية الإنجليزية عن أحداث فردية هي أعلى من الأرقام الرسمية، لكنها أقل من الأرقام الواردة في تقارير جماعات الرصد، مشيرا إلى أنه بحسب "إيروورز"، التي تقوم بتسجيل عدد الضحايا في كل من سوريا والعراق، فإن عدد الضحايا المدنيين المحتملين جراء الغارات التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة هو ما بين 11 ألفا و18 ألف شخص.
وتذكر ماكفي أن وكالة أنباء "أسوشيتد برس" قدرت الشهر الماضي عدد قتلى الحملة على الموصل بحوالي تسعة آلاف شخص، حيث يرى مدير "أكشن أون آرمد فيولانس" إيان أوفرتون، أن الأرقام تلقي بظلال من الشك على مزاعم وزارة الدفاع بأن لا أدلة لديها على وجود قتلى مدنيين جراء الغارات الجوية على العراق وسوريا.
ويقول أوفرتون: "في محاولة لمواجهة الإرهاب تستخدم القوات الغارات الجوية ضد جماعة تعدها مهددة، وبهذه العملية يقتلون أعدادا كبيرة من المدنيين.. وتطرح سؤالا رئيسيا حول مزاعم قوات سلاح الجو الملكي بأن لا أدلة على مقتل مدنيين جراء عملياتها".
وتنوه الصحيفة إلى أن أفورتون ألقى باللائمة لـ"العام القبيح والدموي"، والزيادة في قتلى المدنيين على استخدام الإرهابيين القنابل البدائية، التي قتلت، كما يقول، حوالي 3874 مدنيا في عام 2017، وهو العدد المسجل ذاته العام الماضي.
وينقل التقرير عن مدير "إيروورز" كريس وودز، قوله: "هذا بالنسبة لحروب المدن، ولهذا حصلنا على أرقام مجنونة"، ويضيف أن "الحرب تنتقل إلى المدن، ولا يهم إن كانت روسيا أو التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أو القوات البرية التي تقود الهجوم، فإن النتيجة للمدنيين الذين يتعرضون للهجوم تكون فادحة، ولا يوجد هناك على ما يبدو اهتمام من التحالف أو الحكومة العراقية لفهم عدد الوفيات بين المدنيين، ونقوم بالقصف أيضا، ومتورطون في حرب المدن، وتقوم الجيوش والحكومات بالتقليل من الأثر"، مشيرا إلى أن قوات التحالف تعترف بزيادة عدد القتلى المدنيين عام 2017، أكثر من أعوام 2014 و2015 و2016 مجتمعة.
وتبين الكاتبة أن رئيسة لجنة الأحزاب في البرلمان ثانغام دبونير، دعت الأمم المتحدة والحكومات الوطنية لتخفيف الأضرار التي تتسبب بها التفجيرات على المدنيين، وقالت إن الأرقام تثير مشاعر القلق "وخلف هذه الأرقام هناك ناس ومدنيون يعانون ويستهدفون بشكل مستمر في النزاعات المسلحة، ويقتل الكبار والأطفال ويشوهون ويصبحون يتامى، أما الناجون منهم فيعانون من الآثار النفسية".
وتقول الصحيفة إن وزارة الدفاع البريطانية رفضت التعليق على قواعد الاشتباك، حيث تقول: "لم نشاهد أي أدلة بأننا تسببنا بضحايا مدنيين، ونعمل ما نستطيع لتقليل تعريض حياة المدنيين للخطر، وذلك من خلال التدقيق، والضربات المحددة، ومهنية فريق قوات سلاح الجو الملكي، ونتعامل مع تقارير عن قتلى بين المدنيين بجدية تامة، ونقوم بالتحقيق حول المزاعم الموثوقة".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الجيش الأمريكي رفض التعليق على هذا التقرير، بناء على طلب من الصحيفة.
ديلي بيست: لماذا لم تقبض أمريكا على أبي بكر البغدادي؟
فورين أفيرز: ما هي فرص عودة تنظيم الدولة من جديد؟
أتلانتك: ماذا عن الضحايا المدنيين الذين لم تذكرهم الإحصائيات؟