أعاد تأجيل محكمة مصرية النظر في قضية أقيمت لـ"وقف تنفيذ مخططات إعادة توطين الفلسطينيين بأراضي بشبه جزيرة سيناء"، الجدل بشأن حقيقة وجود مخطط لتفريغ شبه جزيرة سيناء ضمن ما بات يعرف إعلاميا باسم "صفقة القرن" التي قالت تقارير صحفية غربية إن الإدارة الأمريكية تتبناها بعد توافق مع السعودية ومصر وإسرائيل.
وتدفع التطورات السياسية والأمنية التي شهدتها شبه جزيرة سيناء في السنة الأخيرة، وما رافقه من حماسة مفاجئة من قبل النظام المصري لملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس وإحداث تغييرات في قطاع غزة، إلى التساؤلات حيال حقيقة وجود تفكير لدى الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة لتهيئة الظروف في سيناء لاستقبال الفلسطينيين.
ونقلت صحيفة الشروق المصرية الثلاثاء الماضي أن القضاء الإداري قرر تأجيل الدعوى المقامة من المحامي خالد علي (المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية)، والتي تطالب بوقف مخططات إعادة توطين الفلسطينيين بأراضي بشبه جزيرة سيناء لجلسة 24 نيسان/أبريل المقبل، انتظارًا لورود تقرير هيئة مفوضي الدولة".
وتستند الدعوى إلى "ما ذكره وزير إسرائيلي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم الأربعاء الماضي (27-12-2017) من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو سوف يتبنى مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة الرئيس المصري بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية وبذلك يمهد الطريق بسلام شامل مع الائتلاف السني".
إعادة توطين
كما يشير نص الدعوى إلى "تصريحات ترامب خلال مؤتمره الصحفي مع نتنياهو عن عملية سلام كبيرة يشترك فيها حلفاء عرب"، مضيفة أنه "باسم الحرب على الإرهاب تم تفريغ رفح من سكانها، وتهجير أهلها قسريًا، وهدم منازلهم، وحرق أشجارهم بزعم إنشاء منطقة عازلة لتستخدم في تلك الحرب، حيث شنت حملة عسكرية لتحقيق هذا الغرض منذ أكتوبر 2014، وبالرغم من مرور أكثر من سنتين لم يعد أهالي رفح لديارهم أوحقولهم، ويبدو أن المخطط هو ألا يعودوا إليها مرة أخرى".
ويختم المحامي والسياسي المصري في الدعوى: "يجبرنا تشابك الخيوط يومًا بعد يومًا على أن نحتاط تجاهه، وأن نتعامل بجدية مع كل ما يتعلق بمقترحات حل الصراع العربي الإسرائيلي التي تطرح في الآونة الأخيرة، وأبرزها مايسعى إليه البعض من منح الفلسطينيين جزءًا من سيناء يتم فيه إعادة توطين الفلسطينين به مقابل حصول مصر على جزء من صحراء النقب وبعض المميزات الأخرى".
"غزة الكبرى"
ما اعتمد عليه خالد علي في دعواه ليس المؤشر الوحيد على وجود خطة بهذا الشأن، والذي قد يضعه مؤيدو رئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في إطار الدعاية الانتخابية، إذ نشرت صحيفة "المصري اليوم" المؤيدة للسيسي في كانون الأول / ديسمبر 2017 تقريرا موسعا أشارت فيه إلى ما يسمى بـ"خطة غزة الكبرى".
وبحسب التقرير الذي نقلته عنها أيضا صحيفة صحيفة "جيروساليم بوست" الإسرائيلية فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ربما يتطلع إلى صفقة سلام إسرائيلية - فلسطينية تتضمن أن تتخلى مصر عن أجزاء من صحراء سيناء لحساب دولة فلسطينية ناشئة".
وتشير الصحيفة المصرية -بحسب الخطة- إلى أن تتخلى مصر عن 720 كيلومتراً مربعاً في منطقة رفح والعريش، والتي ترتبط بقطاع غزة على طول البحر المتوسط، بما يزيد أراضي غزة ثلاثة أضعاف"، مستشهدة بما أشار له الصحفي البريطاني جوناثان كوك في تموز/يوليو من العام الماضي بأن "الإعلام الإسرائيلي أشار في العام 2014 إلى أن السيسي ربما يكون قد وافق على التنازل عن 1.600 كيلومتر في سيناء لغزة، مما يوسع مساحة الجيب خمسة أضعاف".
وتضيف "المصري اليوم" أنه "سيَسمح الفلسطينيون للكيان بالاحتفاظ بنسبة 12 % من مساحة الضفة الغربية في المنطقة (ج)، وستظل الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة في يد الاحتلال، وبالنسبة لمصر سيمنحها كيان الاحتلال أرضاً في صحراء النقب كتعويض، كما سيُسمح لها بإنشاء نفق تحت البحر الأحمر يصلها بنقطة عند الحدود الأردنية السعودية، ربما فيه طريق بري وسكة حديدية".
وتوافق تقرير الصحيفة المصري مع ما كشفته أيضا صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية منتصف الشهر الماضي، ذهبت فيه إلى أن "مجمل السياسات التي ينفذها نظام السيسي بشبه جزيرة سيناء تؤشر لإِعداد هذه المنطقة لإقامة دولة فلسطينية فوقها".
وتشير الصحيفة في التقرير الذي أعده رئيس قسم العالم العربي والشرق الأوسط بالصحيفة راينر هيرمان، إلي أن "صفقة القرن تجاوز ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية لشمالي سيناء، إلى إثارة قضية تهجيرهم من القدس الشرقية إلى العريش ومحيطها".
ويشير هيرمان في تقريره إلى أن "تصور الوطن البديل اكتسب زخما كبيرا بعد استخدام عبدالفتاح السيسي مصطلح صفقة القرن عقب مباحثاته في أبريل/نيسان من العام الماضي بالبيت الأبيض مع نظيره الأميركي دونالد ترامب"، رابطا بين "صفقة القرن وإهمال السلطات المصرية لإعمار سيناء وتهجير أهلها".
تهجير وتفريغ
وبالحديث عن إهمال سيناء وتهجير أهلها، تشير تقارير حقوقية مصرية ودولية إلى تصاعد حملة الجيش المصري التي تستهدف هدم منازل مئات منازل المواطنين في مدينة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة في العام 2017.
وتأتي تصاعد الحملة ضمن المرحلتين الثالثة والرابعة لإنشاد المنطقة العازلة التي بدأ بإنشائها الجيش المصري نهاية العام 2014، بعد الهجوم المسلح على كمين للجيش في مدينة الشيخ زويد المجاورة لرفح، بحسب "التقرير المصري" الذي يرصد الأوضاع الحقوقية في مصر.
ووصف التقرير الذي صدر في الثاني من الشهر الجاري العام الماضي (2017) بأنه "الأصعب في تاريخ سيناء وربما يكون القادم أسوأ"، منوها إلى أن "الاستمرار في إنشاء المنطقة العازلة أدى إلى تهجير آلاف السكان من منازلهم وأراضيهم التي تُمثل مصدر رزقهم إلى المجهول من دون إعطائهم التعويضات اللازمة لإعادة السكن في المناطق التي رحلوا إليها في العريش وبئر العبد".
ويلفت التقرير إلى أن "سكان مدينتي رفح والشيخ زويد تحديداً عاشوا عاما صعبا، حيث انقطع التيار الكهربائي عنهم لأشهر طويلة على مدار العام، بسبب استهداف خطوط الكهرباء الواصلة للمدينتين، مما أدخل السكان في أزمات إنسانية طاولت كافة نواحي الحياة".
كما شهد العام المنصدم "تشديدات أمنية واسعة ضيقت على السكان حركتهم، من رفح شرقاً وحتى بئر العبد غرباً، حيث منعت قوات الجيش إدخال عشرات الأصناف من المواد الغذائية إلى مدينتي رفح والشيخ زويد، تحت ذرائع أمنية، حتى طاولت بعض أصناف الخضروات، من دون تقديم أي توضيحات للمواطنين أو التجار عن أسباب المنع"، وفق ما جاء في التقرير.
التبريرات التي تسوقها السلطات في مصر بشأن إجراءاتها في سيناء هو "محاربة الإرهاب"، إلا أن مراقبة لنشاط الجماعات وتحديدا ما يعرف بـ"تنظيم ولاية سيناء" يظهر تصاعدا في هذه العمليات التي تستهدف العسكريين والمدنيين على حد سواء كان أشدها ذلك الذي استهدف مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد وأدى لمقتل أكثر من 300 مدني.
وعلى الرغم مهلة السيسي لرئيس أركانه بـ"إنهاء الإرهاب في سيناء في غضون ثلاثة أشهر كحد أقصى"، يتواصل نشاط الجماعات المسلحة ويتواصل مسلسل التهجير لأهالي سيناء تحت هذه الذريعة، مما يطرح علامات استفهام حول حقيقة استفادة أطراف إقليمية ودولية من هذه الظروف لفرض "صفقة القرن" أن جزء منها.
هكذا علّق "نشطاء" على إعدام 15 مواطنا في مصر
هل ينجح وزير الخارجية المصري في "كسر الجمود" مع إثيوبيا؟
لماذا لا يستثمر "عباس" الضغط الأمريكي في تسريع المصالحة؟