فتح استحواذ شركة "إيغل كابتال"، التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، على أسهم شركة إعلام المصريين العديد من علامات الاستفهام حول أسباب قيام المؤسسة العسكرية المصرية بالكشف عن وجهها صراحة فيما يتعلق بالسيطرة على كافة مفاصل الاقتصاد المصري، سواء الربحي أو الترويجي.
وطبقا لمحللين اقتصاديين، فإن القوات المسلحة المصرية، بعد تحكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بمقاليد السلطة، تسيطر على ما يزيد من 60% من الاقتصاد المصري، وهذا ما يطرح تساؤلا إضافيا حول علاقة هذه السيطرة الاقتصادية بالانقلاب الذي جرى على الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.
وطبقا لمقربين من الرئيس مرسي، فإن المخالفات المالية كانت أحد الأوراق الرابحة له في عزل كل من المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، ونائبه الفريق سامي عنان، وهي المخالفات التي حصل عليها مرسي من رئيس المخابرات الحربية وقتها اللواء عبد الفتاح السيسي، مؤكدين أن مرسي عقد اجتماعا ثلاثيا مع طنطاوي وعنان واللواء محمد نصر، رئيس هيئة الشؤون المالية ونائب وزير الدفاع فيما بعد، صبيحة الثاني عشر من أغسطس/ آب 2012 وهو اللقاء الذي قدم فيه مرسي ملفا شاملا عن تربح طنطاوي وعنان من المشروعات الاقتصادية التي يقوم بها الجيش، وبالفعل كان الملف الورقة الرابحة لمرسي في صراعه مع المؤسسة العسكرية، والتي استخدمت الأوراق ذاتها فيما بعد لتعجيز مرسي وإفشاله ثم الانقلاب عليه.
وطبقا لشهادة أسامة ياسين، وزير الشباب خلال حكم مرسي، فإن كثيرا من المشروعات التي كان يتم الموافقة على تنفيذها بالأمر المباشر داخل مجلس الوزراء كانت تذهب مباشرة لصالح المؤسسات العسكرية، ممثلة في وزارة الإنتاج الحربي، أو الهيئة العربية للتصنيع، أو الإدارة الهندسية للقوات المسلحة؛ بحجة الحفاظ على الأمن القومي، حتى لو كان الأمر متعلقا بتجهيز ملاعب كرة القدم بمراز الشباب بالنجيل الصناعي، وهي المشروعات التي كان يتم إعفاؤها من الضرائب والسماح لها بتحريك الأسعار بنسبة 4% عن أسعار السوق.
غلق الشركات
وقد شهدت مصر مؤخرا حالة متزايدة من غلق شركات المقاولات بعد سيطرة الهيئة الهندسية على معظم المشروعات الإنشائية، وطبقا لمسؤول في شركة "إزميل العقارية"، فإنهم أبلغوا قبل ستة أشهر بتخفيض حجم مشروعاتهم إلى 30% لضرورات الأمن القومي الذي يتطلب أن تكون المشروعات الجديدة والقائمة تحت إشراف الإدارة الهندسة، وهو ما تكرر مع عدد آخر من الشركات لصالح شركات المؤسسة العسكرية، ومنها شركة النيل التابعة للمخابرات العامة، وشركة وطنية للمشروعات الإنشائية والطرق والخدمات، إضافة للهيئة الهندسية التي تقوم بتنفيذ كافة مشروعاتها بالأمر المباشر بناء علي المرسوم الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور في سبتمبر/ أيلول 2013، بتعديل القانون الصادر في عام 1998 بشأن المناقصات والمزايدات العامة، والذي يسمح للحكومة بتخطّي إجراءات المناقصة العامة في الحالات "العاجلة"، وهو ما زاد من الاستثمارات العسكرية المعفية من الضرائب، وفقا للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005، والمادة الأولى من قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986، والتي نصت على إعفاء واردات وزارتي الدفاع والإنتاج الحربي من أي ضريبة.
ممتلكات الجيش
ويمتلك الجيش المصري المئات من الفنادق، والمستشفيات، والنوادي، وقاعات الأفراح، والمجمعات التجارية، بل وحتى المقابر، إضافة لمصانع التعليب، والمخابز، وصناعة الألبان، والمشروبات، والمياه المعدنية، والمعكرونة، والمخابز المليونية، بالإضافة إلى 26 مصنعا تابعا لوزارة الإنتاج الحربي، التي تحولت لصناعة سلع استهلاكية للمصريين، فضلا عن شركة النصر للاستيراد المملوكة للمخابرات العامة، وهي المعنية الأولى بالاستيراد من الخارج، والتي لعبت دورا كبيرا في استيراد حليب الأطفال والأدوية بعد الأزمات التي شهدتها مصر عام 2016، وكذلك شركات الاستزراع السمكي والأسمنت والكيماويات، والأغذية المعلبة ومحطات الوقود، التي أصبحت صاحبة النصيب الأوفر في الطرق المصرية.
وقد كان للمصالح المتعددة داخل الجيش، والذي يتحكم في مؤسسات الدولة الرئيسية، دور في التوسع بالأنشطة الربحية، وكلما زاد الوجود السياسي للجيش توسع معه النشاط الاقتصادي، وهو ما لقي مؤخرا معارضة من رجال أعمال، تقلصت مشروعاتهم، ما دفع بالسيسي للرد على هذه الانتقادات بأن اقتصاد الجيش لا يزيد على 2% من الاقتصاد الإجمالي لمصر.
أراض ومدن
ويمتلك الجيش أكثر من 80% من أراضي الدولة طبقا للقانون، ما جعله يقوم برسم المخططات الهندسية للمدن الجديدة، وكذلك المحاور الحيوية، طبقا للأراضي المملوكة له، لضمان زيادة ربحيته، كما هو الحال مع مجمع طيبة العسكري الذي يربط مربع القاهرة الجديدة والمقطم ومدينة نصر ومصر الجديدة، ويضم المجمع ملعب الدفاع الجوي وقاعة المؤتمرات الكبرى للجيش، والتي أصبحت المكان الأكثر جذبا للاحتفالات بمصر الآن، وكان آخرها مهرجان القاهرة السينمائي، وهو ما تكرر في مدن زهراء مدينة نصر، والحي العاشر، وأبراج صفوة بمدينة نصر ومدينة الميثاق، والنزهة، والجبل الأخضر، والحلمية، وامتداد رابعة العدوية، ومشروعات أخرى بالإسكندرية في منطقة مصطفى كامل العسكرية الحيوية، وهي المدن التي كانت ثكنات عسكرية لوقت قريب، استغلها الجيش وحولها إلى مشروعات استثمارية.
وقد دعم هذه الإجراءات قرار السيسي رقم 446 لسنة 2015 بتولي جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة تجهيز وإعداد مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي يتم إخلاؤها، والقيام بجميع الخدمات والأنشطة التي من شأنها تحقيق أهداف الجهاز وتنمية موارده، وله في سبيل ذلك تأسيس الشركات بكافة صورها، سواء بمفرده، أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي.
وفي هذا الإطار أصدر السيسي القرار رقم 57 لسنة 2016، بتخصيص 16 ألفا و645 فدانا من الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس للجيش، وهي أراضي العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع زايد العمراني، المنتظر الانتهاء من إنشائهما في غضون من خمس إلى سبع سنوات، بتكلفة تصل الي300 مليار دولار، ومن المتوقع أن تشهد العاصمة الجديدة قداس أعياد الميلاد للمسيحيين بمصر في السابع من كانون الثاني/ يناير الجاري.
تنظيم الدولة يعلن مسؤوليته عن هجوم العريش الأخير
الجيش المصري يعلن قتل مسلحين وتدمير مخابئ في سيناء
لماذا يتعمد الجيش المصري إخفاء الحقائق و ينشرها المسلحون؟