ما يحدث في إيران منذ أيام ليس بالأمر السهل، ولا بالموضوع الهين الذي يمكن فهمه في إطار غضب شعبي مستحق؛ نتيجة سياسات النظام الخاطئة، والناتجة عن قراءة خاطئة لتحمل الشعب الإيراني وصبره على النظام الثوري الممتد لأربعة عقود تقريبا. فإيران دولة محورية ومركزية بالنسبة للعالم، ولولا أنها كذلك ما اجتمعت أوروبا وأمريكا من أجل الوصول إلى اتفاق بخصوص برنامجها النووي؛ الذي - وللتاريخ - أفلتت به وبمهارة شديدة من بين براثن الخصوم والمتربصين.. ولأنها دولة ذات مرجعية دينية تمثل الشيعة، ليس فقط داخل حدود إيران بل خارجها أيضا، وخصوصا أولئك الذين يقيمون في دول الجوار، وأعني دول مجلس التعاون الخليجي، فإن ما يحدث فيها لا يمكن عزله عما يجري خارجها ومن حولها.
الاتفاق النووي الذي تم بينها وبين أوروبا وأمريكا؛ قد أعطاها قبلة الحياة من جديد، ومنحها فرصة ذهبية للتحول الاقتصادي
يظل المواطن الإيراني عاجزا عن تحقيق حلمه في العيش الكريم، في ظل تراجع معدلات التنمية، وانخفاض متوسط دخل الفرد الإيراني
قد يشكل العامل الاقتصادي أحد أبرز عوامل الانفجار، ولكن العيش في دولة دينية يشبه إلى حد كبير العيش في دولة بوليسية
هناك صراع المتشددين مع الإصلاحيين، وهناك صراع المتشددين ضد بعضهم البعض وخصوصا صراع القادة السابقين مع القادة الحاليين، وقد يلجأ أحد الطرفين لاستغلال معاناة الناس لتحريك المظاهرات ضد أحد الأطراف لإثبات عجزه وفشله، في محاولة لإجباره على التخلي عن موقعه، أو على الأقل النيل من مصداقيته أمام الشارع الإيراني.
وهناك صراع على الكعكة المنتظرة بعد رفع الحصار، ومحاولة إدماج إيران في العالم الجديد بصفتها دولة نووية ذات موقع جغرافي يمكن الاعتماد عليه لحفظ أمن المنطقة في العقود القادمة (شرطي المنطقة). وهذا الصراع مرتبط برأسمال دول الجوار بصورة أو بأخرى، وهناك محاولات لسيطرة المؤسسة الدينية على كامل المشهد الاقتصادي كما الحال في السياسي.
هناك صراع المتشددين مع الإصلاحيين، وهناك صراع المتشددين ضد بعضهم البعض وخصوصا صراع القادة السابقين مع القادة الحاليين، وقد يلجأ أحد الطرفين لاستغلال معاناة الناس لتحريك المظاهرات ضد أحد الأطراف لإثبات عجزه وفشله
في إيران، كما في العالم العربي، هناك انفتاح حذر على تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الاجتماعي، وهي وسائل مؤثرة وفاعلة في تحريك المجموعات الغاضبة لصالح طرف هنا أو هناك.
وفي خارج إيران، هناك السعودية وأمريكا، وكلاهما يمنّيان النفس بثورة أو فوضى، أو أي أمر يأتي من السماء ليتخلص ترامب من عبء الاتفاق النووي الذي يراه مهددا لأصدقائه في دولة الكيان الصهيوني، ولمموليه في الخليج، والذين وعدوه بـ600 مليار دولار، للتخلص من صداع إيران المستمر، ومن أجل التطبيع الآمن مع الكيان الصهيوني.
السؤال المركزي الآن هو حول الطريقة التي ستتعامل بها السلطة في إيران مع هذا الانفجار؟ وهو سؤال سوف تلخص الإجابة عليه قدرة النظام على البقاء أو انزلاقه نحو الفناء
ورغم أن النظام يملك آلة عسكرية وأمنية ضخمة، لكن إيران غير المتصالحة مع جيرانها، والواقعة ضمن دائرة أعداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والكيان الصهيوني، لن تكون في مأمن إن هي تحركت بطريقة غير محسوبة مع شعبها في هذه اللحظات الحاسمة، وهو ما جعل الرئيس الإيراني يصرح مساء الأحد الماضي؛ بأن من حق الشعب أن يتظاهر ولكن عليه أن يعمل حساب للمؤامرة التي يتم طبخها في الخارج.
لا يزال من المبكر الحكم على ما ستؤول إليه الأمور في ايران، ولكن الواضح أن المظاهرات الحالية ستلقي بظلالها على السلطة الحاكمة في إيران قبل أن تتمتع هذه السلطة بمكافأة رفع الحصار.
وبمعنى آخر، على السلطة أن تدرك أنها ليست مطلقة اليدين للتصرف في الدولة والثروة كيفما تشاء في الفترة المقبلة.
مصير أحمدي نجاد في معركته الراهنة
قرار ترامب.. فرصة سانحة للفلسطينيين والعرب!