تواجه
المعارضة السورية مأزقا سياسيا كبيرا فرضه الاستحقاق القادم المتمثل بمؤتمر "الحوار الوطني السوري" المقرر أواخر كانون الثاني/ يناير المقبل في مدينة
سوتشي الروسية.
فمن جهة يعني حضور المعارضة في سوتشي قبولا بالرؤية الروسية لشكل الحل السياسي في
سوريا، ومن جهة أخرى فإن غياب المعارضة يعني إفساح المجال لروسيا حتى تتفرد بشكل الحل، وكذلك للنظام المستفيد الأكبر.
وبانتظار أن تحسم المعارضة السجال بإعلان مشاركتها في سوتشي من عدمها، أجرت "
عربي21" لقاء مع العديد من الناشطين السوريين لمناقشة الخسائر التي من الممكن أن تتكبدها المعارضة في حال قررت عدم المشاركة.
حوار بالإكراه
وعلى الرغم من إعلان جهات معارضة رفضها المشاركة في مؤتمر سوتشي، رأى الباحث السياسي والكاتب هشام منوّر أن "المعارضة الحالية بشقيها السياسي والعسكري لن تجرؤ على رفض الذهاب إلى سوتشي، لأن قرارها لم يعد وطنيا وإنما بيد الدول الداعمة لها"، على حد تعبيره.
واعتبر منور خلال حديثه لـ"
عربي21" من وارسو، أن بيانات الشجب والإدانة من المعارضة لسوتشي "متاجرة من قبل المعارضة"، وقال إن "معظم المعترضين سوف نجدهم في الصفوف الأولى، لأن من سيرفض سوف يهمش ويقصى من قبل الدول الصديقة والداعمة للنظام السوري".
وتابع بأن "المسألة ليست في بحث خسارة المعارضة، وإنما هي مسألة دولية مطلوب من المعارضة والنظام التوقيع عليها، لأنها حوار بالإكراه".
لكنه استدرك بقوله: "باعتقادي فإن خسارة
النظام أكثر من المعارضة في حال عدم مشاركة الأخيرة، لأن سوتشي سيقلص من صلاحياته رغم انتصاره العسكري".
خسارة مسار جنيف
من جانبه ذهب المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي بسام البني، إلى اعتبار أن عدم مشاركة المعارضة في سوتشي يعني "العودة إلى نقطة الصفر ويعني فشل جنيف".
واعتبر في حديث مع "
عربي21" من موسكو، أن عدم مشاركة المعارضة في مؤتمر تدعمه روسيا وتركيا وإيران يعني أنه "من غير الممكن الحديث عن نجاح جنيف"، موضحا أن "الغاية من سوتشي التحضير لنجاح جنيف، لأن التصريحات الروسية أكدت أن المؤتمر لن يكون بديلا عن جنيف، وإنما ورش عمل غايتها تيسير محادثات السلام في جنيف".
وقال البني: "في حال لم تشارك المعارضة، الحل سيبقى مؤجلا إلى حين عقد مؤتمر يجمع السوريين، وهذا من شأنه تضييع المزيد من الوقت وتثبيت النظام والرؤية الروسية المنفردة".
وأضاف، أن روسيا تقول للسوريين تعالوا إلى سوتشي لنناقش الدستور المطلوب، تحت ضمانة روسيا وتركيا وإيران، وتساءل: "لكن هل ستجرؤ المعارضة على رفض المشاركة في سوتشي؟".
ما من خيار للمعارضة
وفي تعليقه على ذلك، رأى الباحث بالشؤون الروسية التركية الدكتور باسل الحاج جاسم أنه "لا يجب تحميل الفريق الذي ما زال رافضا المشاركة في سوتشي أكثر ما يحتمل، لأسباب كثيرة من أهمها عدم وجود معارضة موحدة في ظل الظروف الخطيرة والمفصلية التي تمر بها الثورة السورية".
وقال لـ"
عربي21": "استغلت أطراف "متطرفة وانفصالية" الثورة الشعبية لتحقيق أهداف بعيدة عن تطلعات الشعب السوري، وهو الأمر الذي قلب حسابات الدول الإقليمية والعظمى في التعامل مع الحالة السورية".
وأضاف الحاج جاسم، أنه "من هنا نجد عدم وجود فريق عسكري وسياسي موحد للمعارضة ما أدى بالجميع إلى اللعب على هذا الوتر".
وبهذا المعنى قال: "في حال رفض فريق الحضور، فإنه ليس من الصعب على الأطراف الداعمة لسوتشي أن تعثر على فريق آخر".