تشغل مسألة توقف الدعم المادي تفكير العاملين في وسائل الإعلام السورية المعارضة، لا سيما أنه في الأيام القليلة الماضية اضطرت إدارة أكثر من وسيلة إعلامية إلى تسريح غالبية صحفييها بسبب مشاكل في التمويل.
ويبدو أن وكالة "سمارت" الإعلامية المعارضة المؤسسة في مدينة غازي عنتاب التركية في العام 2014 والتي توقفت عن العمل خلال اليومين الأخيرين، لن تكون الوكالة أو المنصة الإعلامية الأخيرة التي تضطر للتوقف عن النشاط الإعلامي بسبب توقف الجهة الداعمة.
وقبل أقل من شهر كانت "الهيئة السورية للإعلام" التي تتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرا لها أعلنت عن توقفها أيضا بسبب مشكلة في التمويل.
وطرح كل ذلك تساؤلات عن أسباب توقف الدعم الذي تقدمه منظمات أوروبية وغربية مهتمة في مجال دعم الإعلام، وعن مصير العاملين في وسائل إعلام المعارضة.
قرار دولي
رئيس تحرير صحيفة "صدى الشام" عبسي سميسم، حمّل مسؤولية توقف عمل بعض وسائل إعلام المعارضة، الجهات الداعمة وإدارة الوسيلة الإعلامية ذاتها، التي لم تعمل على تطوير مصادر التمويل.
وقال سميسم لـ"عربي21": لكن في الحالة الأخيرة أي في حالة "وكالة سمارت" فإننا أمام مؤسسة احترافية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، واستدرك قائلا: "يبدو أن ثمة قرارا دوليا بوقف الدعم عن بعض وسائل إعلام المعارضة دون النظر إلى مهنية عملها".
ورأى بالمقابل، أن هناك "تخبطا واضحا لدى الجهات التمويلية"، مشيرا إلى تلقي منصات إعلامية لا تمتلك القدرة على العمل الإعلامي لحجم كبير من الدعم، مقابل حجم الدعم عن مؤسسات تجيد العمل الإعلامي.
وقال سميسم: "أمر مربك ما نشاهده، فمقابل هدر الأموال عبر تقديمها إلى مشاريع غير قابلة للاستمرارية، نشاهد حجب الدعم عن مؤسسات حققت النجاح كما في حالة سمارت".
ورجح رئيس تحرير صحيفة "صدى الشام" أن تشهد الفترة القادمة قطع دعم مماثل عن وسائل إعلام معارضة أخرى، مشيرا إلى أن "الكثير من المنظمات الداعمة تتجه بعملها إلى مناطق أخرى في العالم بعيدا عن سوريا".
مسؤولية داخلية
رئيس تحرير"الوكالة السورية للأنباء" سامر العاني، حمل من جانبه إدارة الوسائل الإعلامية مسؤولية توقفها عن العمل، قائلا: "لم تحاول هذه الوسائل تطوير عملها الإعلامي، ولم تحرص على تطوير منتجها الإعلامي وتحويله إلى مادة صالحة للبيع للوكالات الإعلامية العالمية".
وأضاف العاني في تصريح لـ"عربي21"، أن غالبية الإدارات لم تفكر بالبحث عن مصادر تمويل ذاتي، بل اعتمدت على الدعم المادي المقدم لها، إلى أن وصلت للحظة الحاسمة، أي وقف الدعم.
وتابع بأنه كان من الواجب على المؤسسين أن يبحثوا عن طرق تمويلية أخرى، مثل توقيع اتفاقات مع بعض وسائل الإعلام العالمية.
لكن بالرغم من ذلك، وافق العاني سميسم حول وجود قرار دولي بتوقيف الدعم عن بعض وسائل إعلام المعارضة.
وبهذا المعنى، أكد العاني أن غالبية المنظمات الأوروبية الداعمة لإعلام المعارضة بدأت بالتوقف عن ذلك، مشيرا إلى أن ما يهم هذه المنظمات بالدرجة الأولى "محاربة الإرهاب"، وأضاف أنه "يبدو أن التوجه الثوري للإعلام لم يعد مشجعا للداعمين، الذين غيروا رؤيتهم مع مرور كل هذه السنوات على اندلاع الثورة السورية".
الدعم مؤقت أساسا
وفي تعليقه على توقف الدعم، قال الصحفي فراس ديب، العامل في مؤسسات إعلامية تركية، إن "توقف الدعم عن وسائل إعلام المعارضة أمر طبيعي لأن هذا الدعم من الأصل دعم مؤقت".
ورأى ديب في حديث خاص مع "عربي21"، أن هذا الدعم كان لغرض محدد وتم وقفه بعد أن أدى الدور المطلوب، موضحا أنه "بدأ ذلك من قطع الدعم عن غرف العمليات العسكرية ومن ثم المنظمات الإغاثية والآن جاء الدور على المؤسسات الإعلامية".
وقال: "كان الغرض من هذا الدعم هو تدجين المعارضة وشغل الشباب الثائر عن الثورة بالأمور المالية، تحت مسمى إعلام ثوري أو معارض، لتحييد هذه الشريحة عن العمل الثوري الفعال".
واستطرد ديب قائلا: "يبدو أن الأمر نجح، واليوم سيبحث هؤلاء الذين فقدوا عملهم عن فرصة عمل أخرى، أي إن هؤلاء تحولوا بالتالي من ثوار إلى عمال لا أكثر".
حقوق الصحفيين
رئيس رابطة الصحفيين السوريين علي عيد، اعتبر أن توقف بعض المؤسسات الإعلامية عن العمل أمر طبيعي في مسيرة العمل الإعلامي الدولي برمته، وليس حكرا على وسائل إعلام المعارضة السورية.
وأوضح عيد لـ"عربي21"، أن مسألة توقف الدعم من المنظمات غير واضحة، واستدرك بقوله: "لكن الأهم البحث عن حقوق الصحفيين".
وفي هذا الصدد، تطرق رئيس الرابطة، إلى المهام الأساسية التي تقع على عاتق الرابطة كجهة نقابية، وقال: "من مهامنا الأساسية في الحالة السورية الدفاع عن حقوق الصحفيين وحمايتهم ماديا ومعنويا، وضمان استقلاليتهم في العمل".
وكشف من جانب آخر، عن سعي إدارة رابطة الصحفيين السوريين التي حصلت على الاعتراف الدولي من "الفيدرالية الدولية" مؤخرا، بعد مرور حوالي خمس سنوات على تأسيسها، إلى ضمان حصول جميع الصحفيين السوريين خارج إطار إعلام النظام على عقود عمل تضمن لهم شيئا من حقوقهم.
هل باتت التسوية قريبة في عيون السوريين؟
لا آمال بتحقيق انفراج بمحادثات السلام السوري في جنيف
مصريون يثمنون لتركيا تنكيس أعلامها حدادا على ضحايا سيناء