الغارديان: هل تحمي "القوة الغاشمة" أهل سيناء من المهاجمين؟

خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحديث عن حادث مسجد الروضة في سيناء، الذي راح ضحيته أكثر من 300 شخص. 

وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن "الهجوم يمثل تصعيدا كبيرا من الجهاديين، وتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرد بـ(القوة الغاشمة)، لن يحل المشكلة".  

وتقول الصحيفة: "أن تصف الهجوم بالقنابل والبنادق على المسجد الصوفي في شمال سيناء في الحادث الذي نفذه متشددون (ليس الدولة)، بالأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث، تقليل من حجمه، فهو في الحقيقة الأكثر دموية في أي مكان في السنوات الأخيرة، حيث تقول الأرقام الرسمية إن أكثر من 300 شخص قتلوا في الهجوم، بينهم 27 طفلا، وكما هو الحال في مانشستر أو باريس أو برشلونة، فإن العائلات تمزقت، وأصبحت المجتمعات خائفة كما يريد المنفذون". 

وتصف الافتتاحية الحادث بأنه "غير مسبوق رغم تاريخ المنطقة المضطرب والدموي في الأوقات السابقة، وهو غير مسبوق من ناحية الهدف؛ ففي الماضي قتل المتطرفون رجال الشرطة وجنود الجيش، فيما شهد العام الماضي هجمات على الكنائس القبطية والحجاج المسيحيين، كما تم استهداف مزارات صوفية وإمام عمره 100 عام، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مسجد، مع أن شاحنة استهدفت موقعا في مقديشو الشهر الماضي، وقتل فيه أكثر من 300 شخص، وهو تذكير قوي بأن المسلمين هم الضحايا الرئيسيون للراديكاليين". 

وتجد الصحيفة أن "الكثير لا يزال غير واضح حول الحادث، وسيظل كذلك؛ لأن سيناء منطقة مغلقة منذ فرض قوانين الطوارئ عليها عام 2014، ومع أن أحدا لم يعلن مسؤوليته عن الحادث، إلا أن الفرضية هي أنه من عمل فرع تنظيم الدولة (ولاية سيناء)، حيث يقول المسؤولون إن المنفذين كانوا يحملون أعلام تنظيم الدولة، وربما كانت ردة الفعل والشجب الواسع للهجوم هما ما منع المتشددين من إعلان المسؤولية عن الهجوم، أما الدافع فهو ليس معروفا وربما كان متعددا، ويعد تنظيم الدولة الصوفية منحرفة، فقال أحد قادته في شريط دعائي إن معالجة مشكلة الصوفية هو أولوية، وأشارت تقارير أخرى إلى أن الهجوم هو انتقام ضد المجتمع الذي رفض التعاون مع المتشددين، أو أنه من عمل مجموعة مارقة داخل الجهاديين".

وتذهب الافتتاحية إلى أنه "مع زيادة عدد القتلى في سيناء، إلا أن هذه أزمة تتراكم منذ عقود، وتصاعدت في السنوات الأخيرة، حيث تعرضت المنطقة للتهميش والاضطهاد بشكل أدى إلى السخط والغضب، واستخدمت القوات الأمنية وجماعات المتشددين الأساليب الوحشية مع سكان المنطقة، فيما يشير آخرون إلى عوامل مساهمة، مثل المنافسة بين تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وانهيار دولة ليبيا المجاورة، التي تم طرد تنظيم الدولة منها، وتدمير (خلافة) التنظيم في كل من العراق وسوريا، وما ترتب على ذلك من خروج المقاتلين والأسلحة".

وتفيد الصحيفة بأن "تجربة الدول الأخرى تظهر أنه من الصعب تقديم تفسير للتطرف، وتقدم صورة عن رغبة الدولة للمسارعة من أجل القيام باتخاذ إجراءات قاسية، من فرض القيود على استخدام القوة المفرطة، وهجمات كهذه لا تتناقض مع القيم التي تحاول حمايتها فقط، لكنها تؤدي أيضا إلى نتائج سلبية من ناحية تغذية المظالم، وتقوية جماعات المتشددين".

وتشير الافتتاحية إلى أن الرئيس المصري كان سريعا بالتهديد باستخدام (القوة الغاشمة)، والانتقام لضحايا هجوم يوم الجمعة، وقامت طائرات النظام بعد ساعات من الهجوم بشن غارات على مواقع (إرهابية)، وقد أثارت سرعة الرد أسئلة بالنسبة للبعض: فإذا كان بالإمكان استهداف هذه المواقع بسرعة، فإنه ينبغي افتراض أنها قد حددت من قبل، فلماذا لم يتم منع الهجوم؟".

وتقول الصحيفة إنه "حتى حلفاء السيسي الأمريكيين، الذين صمتوا عندما قام بالإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، فإنه يعتقد أنهم أكدوا أهمية تطوير استراتيجية مكافحة التمرد، والذهاب أبعد من ضرب قواعد الجهاديين، رغم أنهم باعوه كميات من الأسلحة، وبدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب داعما له، وفي الوقت الذي كانت فيه بريطانيا واضحة في رسالتها، لكن لعدد من الأسباب فإنه من المحتمل ألا تضغط، وأشار رئيس ملف الشرق الأوسط في الخارجية أليستر بيرت، إلى أن مواجهة التطرف تتطلب معالجة لعدد من الأسباب؛ منها الدوافع التي تدفع الشباب نحو التطرف".

وتخلص "الغارديان" إلى القول، "إن كانت هناك إشارات عن تفكير جديد في القاهرة، إلا أن التغير لم يظهر على الأرض، وما هو واضح أن استخدام القوة المفرطة سيترك أثره على المدنيين في شمال سيناء، ولن يحميهم من المهاجمين مثل الذين هاجموا مسجد الروضة."