تبدو العملية العسكرية التركية المرتقبة في مدينة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، أقرب من أي وقت مضى، في ضوء التصريحات المتتالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكرر أردوغان السبت تصريحاته التي كان أدلى بها الجمعة حول عفرين، قائلا إن "تركيا ستكمل عمليتها العسكرية في إدلب شمال سوريا، حتى تتمكن من تحرير عفرين وتسليم منبج لأصحابها الأصليين".
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس التركي تفح الباب على تطورات كبيرة في الشمال السوري، وأن التحركات التركية ضد عفرين باتت محسومة، وقد تمتد لتشمل منبج بريف حلب الشرقي، الواقعة هي الأخرى تحت سيطرة ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري.
اقرأ أيضا: أردوغان يهاجم الدور الأمريكي في سوريا ويتوعد بـ"تطهير" عفرين
القرار اعتمد
وعن دلالة هذه التهديدات التركية، يرى الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، أن تركيا من خلال تحالفها وتنسيقها مع روسيا، "تعمل جاهدة على تحقيق حل جذري يضمن استقرار المنطقة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "نتيجة لتنصل الولايات المتحدة من وعودها التي قطعتها لتركيا بما فيها تسليم منبج للمعارضة، تحاول تركيا أن تحسم أمر بقاء حزب العمال الكردستاني في ريف حلب، وهي مصرة هذه المرة أكثر من كل المرات السابقة".
ويشير تركماني إلى أن "لتركيا الدور المحوري في فرض حل في شمال سوريا، والقوى الدولية راهنت على تحييد هذا الدور لكنها فشلت، ولذلك اليوم الحاجة تستدعي من كل الأطراف التنسيق مع تركيا".
وأوضح أن تركيا "لم تجن من علاقاتها السابقة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو إلا الوعود فقط، ولذلك اليوم نجدها في علاقة قوية مع روسيا التي تتقاطع مصالحها الاستراتيجية في سوريا معها".
وبالعودة إلى عفرين، أكد تركماني نقلا عن لسان مسؤول مقرب من أردوغان، أن "قرار العمل العسكري في عفرين قد اعتمد من قبل السلطات التركية"، واستدرك بالقول إن "التوقيت يبقى غير معروف للآن".
خيارات محدودة ولكن
بدوره، اعتبر الباحث بالعلاقات الروسية والتركية، باسم الحاج جاسم، أن أنقرة اليوم بفعل تنسيقها مع روسيا، "باتت تمتلك قوة أكبر وخيارات أفضل بكثير مما كانت عليه عندما كانت تنسق مع الولايات المتحدة، حيال الملف السوري".
اقرأ ايضا: قوات تركية جديدة تنتشر في إدلب وغرب حلب
وقال الحاج جاسم في حديثه لـ"عربي21": "قد تبدو خيارات تركيا محدودة اليوم في سوريا، لكن بالرغم من ذلك فهي خيارات أوسع من الفترة السابقة".
وأضاف أن أنقرة "تنظر إلى عفرين كملف منفصل عن باقي الملفات السورية الأخرى، وهي توليها أولوية واضحة لمواجهة المشروع الكردي الانفصالي"، مبينا أن "مواجهة هذا المشروع الانفصالي قربت أيضاً من وجهات النظر التركية الإيرانية".
ويلفت إلى أن "تصريحات أردوغان حيال عفرين تشير بوضوح إلى موافقة روسيا وإيران على العملية التركية العسكرية القادمة"، متابعا بأن "هذا التوافق هو قطع للطريق من هذه الدول الثلاث على التحركات الأمريكية التي لا تعجب هذه الدول، وأداتها المليشيات الكردية".
التقارب التركي مع روسيا.. خطوات تكتيكية أم رؤية استراتيجية؟
ماذا وراء استفزاز تركيا بحلف الناتو وإهانة أردوغان وأتاتورك؟
بين أستانا وجنيف.. ماذا استفاد السوريون حتى اللحظة؟