أسقط البرلمان
الجزائري، الجمعة، قرار حكومة
أحمد أويحي، فرض ضريبة على الثروة بالنسبة للأثرياء ورجال المال والأعمال بالجزائر، بإجراء شكل انتكاسة كبيرة بالنسبة للمعارضة، التي كانت خلف دعوة الحكومة لإقرارها الضريبة بقانون الموازنة العامة للعام المقبل 2018.
وأسقطت اللجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني (البرلمان) بالجزائر، البند المتعلق بفرض الضريبة على الثروة بقانون الموازنة العامة الخاص بالعام المقبل 2018، والذي يجري مناقشته في البرلمان بالوقت الحالي.
واستغرب قطاع واسع من النواب، سواء المنتمين للمعارضة أو الموالاة، قرار اللجنة المالية، إسقاط البند المتعلق بفرض الضريبة على الثروة بالنسبة للأثرياء و رجال المال في الجزائر.
والضريبة على الثروة، شكل، على مدار الشهور الماضية، أساس مطالبات حثيثة من طرف المعارضة بالجزائر، التي أقنعت الحكومة بحتمية إقرارها بقانون الموازنة العامة برسم عام 2018، وذلك بهدف تحسين موارد الخزينة العامة للدولة، التي تراجعت بشكل لافت جراء انهيار أسعار النفط.
وتراجعت الاحتياطات المالية بالجزائر إلى 93 مليار دولار حاليا، بعدما كانت 283 مليار دولار العام 2015.
وصوت غالبية أعضاء اللجنة المالية في البرلمان والتي يسيطر عليها حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، لصالح إلغاء البند المتعلق بالضريبة على الثروة، الجمعة، بعدما أقرتها وزارة المالية، وزكاها الوزير الأول أحمد أويحي، ما يعني أن هذا البند لن يكون محور مناقشات النواب بالجلسات العامة.
عجز بالقانون الضريبي !
وبرر البرلماني الجزائري، موسى كرجالي عن حزب جبهة التحرير الوطني، إسقاط الضريبة على الثروة، بالعجز الملحوظ بالقانون الضريبي.
وقال كرجالي بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة،" كانت هناك حماسة لفرض الضريبة على الثروة، حتى لا يشعر البسطاء من الجزائريين أن خطة التقشف التي تبنها الحكومة، يدفعون ثمنها وحدهم، لكن لاحظنا بالنهاية أننا لا نستطيع تطبيق الضريبة على الثراء بسبب عجز النظام الجبائي".
وتابع كرجالي" رأينا أنه لا طائل بتطبيق الضريبة على الثروة، وفكرنا بتأجيل إقرارها ريثما نضع قوانين ضابطة، بخصوص الحد الأدنى من الثراء بالنسبة للأغنياء (مبالغ بنكية، ممتلكات وغيرها) ورجال المال و الأعمال، ومن ثمة نصوغ القانون التنظيمي لهذه الضريبة".
وأضاف كرجالي قائلا " ستعيد الحكومة مقترح الضريبة على الثروة متى أنهت عملية تطوير النظام الجبائي حتى يسهل تطبيقها دون أن تستثني أحدا".
ضغوط رجال المال
غير أن المبررات التي ساقها برلماني الحزب الحاكم بالجزائر، لم تنطل على قطاع واسع من نواب المعارضة، بشأن الخلفيات الحقيقية التي دفعت البرلمان لإلغاء الضريبة على الثروة.
إذ يعتبر البرلماني بوجمعة زيواني، عن التحالف الإسلامي، أن " قرار إلقاء الضريبة على الثروة، كان مفاجئا، وأعتقد أن هناك يد خفية لمنتدى رؤساء المؤسسات (تجمع رجال الأعمال بالجزائر) ضغطت من أجل التراجع عن فرض هذه الضريبة".
وصرح زيواني لـ"
عربي21"، الجمعة " سبق لأعضاء منتدى رؤساء المؤسسات أن تدخلوا بتعديل العديد من القوانين التي لا تخدم مصالحهم، ومنها قانون الموازنة العامة للعام 2016 "، وأضاف " حتى الحكومة التي أيدت فرض هذه الضريبة يبدو أنها لم تكن مقتنعة بها، بل إنها أرادت فقط جبر خاطر المعارضة، التي يقف خلفها الملايين من الجزائريين الغلابى متسائلين عن القروض التي تمنح لرجال الأعمال دون أن تجد لها أثرا بالواقع التنموي بالبلاد وعن مصير 1000 مليار دولار صرفت خلال 15 عاما من حكم بوتفليقة".
وبالآونة الأخيرة، شنت أحزابا سياسية في الجزائر، حملة شعواء على "لوبيات المال" بخلفية " تدخلهم بالقرار السياسي وتغولهم في البلاد "، كما أفادت الأمينة العامة لحزب العمال، اليساري، لويزة حنون، الخميس، بتجمع شعبي في إطار الدعاية الانتخابية للانتخابات البلدية المزمع تنظيمها يوم 23 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري.
وقالت حنون " إننا نمر بالمرحلة ذاتها التي مرت بها مصر أيام الأخيرة لحكم مبارك، حيث تغول رجال الأعمال وتمكنوا من القرار السياسي".
ويوجد بالبرلمان ما لا يقل عن 62 رجل أعمال، تبوؤوا مناصبهم بموجب الانتخابات النيابية التي انتظمت في البلاد شهر مايو / أيار الماضي.
واتهمت حنون، النواب رجال الأعمال باتخاذ البرلمان، منبرا للدفاع عن مصالحهم المالية و السيطرة على المزيد من المشاريع والحصول على امتيازات و الاستفادة من الحصانة البرلمانية تفاديا للملاحقات القضائية".
إقالة تبون
وأقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، إثر دخول الأخير بخصومة مع منتدى رؤساء المؤسسات، شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأت بإجبارهم على تسديد القروض التي منحتها لهم البنوك.
وخلف قرار بوتفليقة، موجة تضامن واسعة النطاق مع المقال عبد المجيد تبون، وعزت أطرافا عديدة بالجزائر إلى أن رجال المال و الأعمال هم من ضغطوا لإبعاده.
وقال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، عن تبون دون ذكره بالاسم، خلال لقاء نظمته هيئته بداية الشهر الجاري بالعاصمة الجزائر" لقد اتهمنا بالمفترسين.. إنه هو المفترس".
و نفى بلعباس بلعباس رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي يرأسه الوزير الأول أحمد أويحي، أن يكون القرار بإلغاء الضريبة نزولا عن ضغوط جهة خارجية.
وقال بلعباس بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة، " القرار اتخذته اللجنة المالية بكل سيادية، و بدعم من نوابنا في التجمع".
وتابع بلعباس " إن التراجع عن فرض الضريبة لا يعد انتكاسة للحكومة وللوزير الأول الذي التزم بها في مخطط عمل الحكومة"، موضحا "هذا القرار، أي الإلغاء، ما كان ليتم دون موافقة الحكومة". متهما المعارضة " بتسويق الخطاب القائل بخضوع الحكومة لضغوط أصحاب المال"، وقال "حالها مثل ذلك الذي يطلق كذبة ثم يصدقها".
هروب المستثمرين
ويعتقد الخبير الجزائري بقطاع المصارف، أنور تيسيرة بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة "أن "الحكومة تراجعت عن فرض الضريبة على الثروة، على رجال المال و الأعمال، خشية هروبهم للخارج، حيث طبقت هذه الضريبة في بلدان أخرى، وأدى الأمر إلى تضرر الاستثمارات بشكل ملحوظ، خاصة بمجال العقارات".
و لم يعارض وزير المالية الجزائري، عبد الرحمن راوية، قرار اللجنة المالية بالبرلمان إلغاء فرض الضريبة على الثروة، وقالت مصادر من اللجنة المالية، لـ"
عربي21"، دون ذكر اسمها أن " الحكومة بمن فيها الوزير فضلت أن تكون اللجنة المالية بالبرلمان هي من يقرر إلغاء الضريبة على الثروة، حتى لا يقال إن الحكومة، رضخت لرجال المال".