ما زالت الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى السعودية، يحيطها الكثير من الغموض، في الوقت الذي يتم الدفع فيه نحو إتمام مصالحة.
من جهته حاول الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور، أن يقرأ أبعاد هذه الزيارة وأسبابها، قائلا إن "السعودية ربما تريد وضع لمسات خاصة بها بشأن ملف المصالحة الفلسطينية الذي يسير ببطء، في ظل التقارب الملحوظ بين حماس وطهران".
وقال لـ"عربي21"، إن "جميع الأطراف في الداخل الفلسطيني المحتل والمنطقة وفي مقدمتها إسرائيل ومصر والسعودية، ومعهم أمريكا، معنيون بإتمام المصالحة الفلسطينية التي جاءت بإشارة أمريكية"، وفق قوله.
ولكنه أوضح أن "كل طرف من هذه الأطراف صغر أم كبر، يريد من المصالحة أن تخدم أهدافه وتطلعاته في المنطقة".
"إبعاد حماس"
وأوضح شاور أن "السعودية تريد أن تبعد حماس قدر الإمكان عن إيران بالدرجة الأولى، وعن قطر وتركيا بالدرجة الثانية، وذلك عن طريق سعيها إبعاد تلك الدول عن خط التدخل في القضية الفلسطينية، رغم أنها القضية الأولى التي تهم المسلمين والعرب".
وحول الدور السعودي المستقبلي المتوقع تجاه القضية الفلسطينية، قال الكاتب الفلسطيني: "كل المؤشرات تؤكد أن الدور العربي خاصة الخليجي، يقف ضد المسار الصحيح للقضية الفلسطينية".
ولفت شاور إلى أن "شرط المبادرة العربية للسلام، أن تنسحب إسرائيل من المناطق التي احتلها عام 1967، أما الآن الشرط الخليجي أن تعلن تل أبيب نيتها عن الانسحاب، ومن ثم يأتي التطبيع معها، وهذا يعني البدء بالتطبيع قبل الانسحاب الإسرائيلي؛ وهو ما أدركه رئيس السلطة والقيادة الفلسطينية".
ونوّه إلى أن "إسرائيل تحاول أن تتجاوز الفلسطينيين وحل قضيتهم، عبر إنجاز مشروع سلام اقتصادي يتضمن المصالحة، ما يتيح لها المجال للانفتاح على العالم العربي، ونسج علاقات مباشرة وعلانية، والكل يرى هرولة بعض الدول الخليجية على إسرائيل".
وسبق أن أوضح مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، أن " الزيارة تمت بدعوة من الملك سلمان، وهي تعكس اهتمام السعودية للتعرف على آخر مستجدات القضية الفلسطينية، وعملية المصالحة الفلسطينية الداخلية، خاصة مع الجهود المصرية الكبيرة التي بذلت تجاه المصالحة".
وقال لـ"عربي21" إنه "تم عرض جميع الاتصالات والمستجدات التي تمت خلال الفترة الماضية، وتشاورنا مع خادم الحرمين والقيادات السعودية، حول مجريات الاتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الأطراف ذات العلاقة في العملية السياسية".
وأكد الخالدي، أن "لدى السعودية رغبة في دعم تطلعات الشعب الفلسطيني وصولا لتحقيق الاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية"، موضحا أن "هناك موقف سعودي داعم للخطوات والموقف الفلسطيني".
اقرأ أيضا: مسؤول فلسطيني يتحدث لـ"عربي21" عن زيارة عباس للسعودية
تحالف ضد إيران
من جهته، علق القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، النائب عاطف عدوان، على زيارة عباس، وقال إن زيارته المفاجئة للسعودية "ليس لها هدف واضح"، مضيفا: "لكنها كذلك ليست منفصلة عن تطورات الأحداث في المنطقة؛ من استقالة سعد الحريري وحصار اليمن، وسير المصالحة".
واعتبر في حديثه لـ"عربي21"، أن "الأحداث الأخيرة والتطورات في المنطقة تسير بخطى حثيثة نحو زيادة التوتر، الذي من الممكن أن يتطور من مواجهة سياسية لمواجهة عسكرية، قد تنفجر في أي لحظة"، وفق قوله.
وذكر عداون، أن زيارة عباس في هذا الوقت للسعودية، تحمل احتمالات عدة، منها "أن تكون فلسطين جزءا من تحالف سعودي ضد إيران، خاصة مع تطور الأحداث الأخيرة داخل وخارج السعودية، وربما توجد محاولات أيضا للضغط على عباس لتمرير سياسات ما في الداخل الفلسطيني"، مرجحا حدوث "أمر كبير يشمل كل المنطقة".
ورأى أن عملية المصالحة الفلسطينية "قد تسير قدما للأمام، خاصة وأن من يلعب بالمنطقة يريد أن تكون فلسطين وخاصة غزة غير ملتهبة، في ظل حالة التوتر التي تشهدها المنطقة".
ولفت القيادي في "حماس"، إلى أن "أي توتر في غزة من الممكن أن يوجه الأنظار نحوها بعيدا عن منطقة السخونة والتوتر في الخليج العربي؛ وهذا ما لا يريدونه، في الوقت الذي ربما يراد لإسرائيل أن تكون جزء من التحالف العربي ضد إيران".
الجهود المصرية
وحول موقع العلاقات بين إيران وحماس الآخذة في التطور من زيارة عباس للرياض، نوّه النائب عدوان إلى أنه "ربما يتم بحث التخفيف من العلاقة الجيدة والمميزة ما بين حماس وإيران، بأن تبتعد قليلا حتى انتهاء مرحلة المواجهة هذه، خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي ظهرت نتيجة زيارة الأخ صالح العاروري (نائب رئيس حركة حماس) لطهران".
يشار إلى أن عباس اجتمع الثلاثاء في الرياض، مع العاهل السعودي الملك سلمان، حيث رافقه في زيارته للسعودية، وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومستشار الشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، ومدير عام الادارة العامة للمعابر والحدود نظمي مهنا.
هل يفجّر الخلاف حول الملف الأمني المصالحة الفلسطينية؟
ماذا تحمل زيارة وفد "حماس" لإيران؟
رفع العقوبات عن قطاع غزة.. متى يدخل حيز التنفيذ؟