قال الصحفي البريطاني المعروف بيتر أوبورن إن إسرائيل ضبطت مجددا متلبسة بمحاولة التأثير على العملية السياسية البريطانية، مشيرا إلى تواتر أنباء عن عقد وزيرة التنمية الدولية البريطانية بريتي باتيل اجتماعات سرية في إسرائيل دون إطلاع وزارة الخارجية.
وأشار أوبورن، في مقال له، إلى ما حدث في وقت مبكر من هذا العام عندما ضُبط "مسؤول سياسي" غامض في السفارة الإسرائيلية اسمه شاي ماسوت متلبسا وهو يقول في مقطع فيديو مسجل إنه يرغب في الإطاحة بالوزير في وزارة الخارجية ألان دانكن.
وقال الصحفي البريطاني إن الوزيرة باتيل قد تجاوزت حدود السلوك المقبول بمراحل، وخالفت مدونة قواعد السلوك التي ينبغي لجميع الوزراء الالتزام بها واحترامها.
وأضاف: "تصور موجة الغضب التي كنا سنشهدها لو أن باتيل رتبت سلسلة من اللقاءات الخاصة مع رجال أعمال ومسؤولين سياسيين كبار في روسيا بينما هي في زيارة خاصة إلى موسكو ودون أن تخبر وزارة الخارجية بذلك. لو حصل مثل ذلك لانفتحت عليها كل أبواب الجحيم ولأجبرت باتيل بكل تأكيد على الاستقالة".
واستطرد: "نفس الشيء كان سيحصل لو أن باتيل فعلت نفس الشيء بينما كانت تقضي الإجازة في الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لبريطانيا. ولكان سلوكها قد اعتبر بحق انتهاكا فظيعا للعرف الدبلوماسي".
وقال إن "مدونة قواعد السلوك" تنص على أنه "يتوجب على الوزراء ضمان عدم نشوء أي تصادم، أو ما قد يعطي الانطباع بحدوث تصادم، ما بين واجباتهم العامة ومصالحهم الخاصة، سواء كانت مالية أو غير ذلك".
وكان الصحفي لانديل قد كشف أن باتيل كانت في إجازة خاصة وأنها دفعت تكاليفها من جيبها الخاص، وقال أوبورن: "لكن إذا كانت تقضي إجازة خاصة، فكان يتوجب عليها ألا تمزج بها عقد اجتماعات من الواضح أنها ذات علاقة بدورها كوزيرة في الحكومة".
وتابع أوبورن: "في وقت مبكر من هذا الأسبوع استقال وزير الدفاع مايكل فالون بعد نشر تقرير أفاد بأنه وضع يده على ركبة مراسلة سياسية قبل ما يزيد عن عشرة أعوام".
وأوضح أن الكثير من الناس سيرون أن التجاوز الذي صدر عن الوزيرة باتيل أخطر بكثير من قضية الوزير فالون. و"لذلك يحار المرء في مثل هذه الظروف إزاء موقف مكتب رئيسة الوزراء، والذي وصفه لانديل بالموقف المنافح عن المغامرة التي قامت بها الوزيرة".
وتابع: "تصور فقط لو أن الوضع كان معكوسا. لنفترض أن الوزيرة البريطانية سافرت إلى الضفة الغربية في إجازة خاصة ثم عقدت سلسلة من اللقاءات مع رجال أعمال ومع سياسيين فلسطينيين بارزين".
واستطرد: "فقط تصور الغضب المبرر الذي كانت ستعبر عنه الحكومة الإسرائيلية لو أن مثل هذا السلوك انكشف أمره للعامة. لنجم عن ذلك جدال دولي صاخب ولتبعه اعتذار رسمي من الحكومة البريطانية".
وأضاف: "ومع ذلك لم تحرك تيريزا ماي ساكنا، وتصرفت كما لو أن التدخل الإسرائيلي في شؤون السياسة البريطانية لا يعنيها. ونذكر هنا بأن وزارة الخارجية لم تكن قد أبدت أي اهتمام بإجراء تحقيق في الأدلة التي قدمتها قناة الجزيرة القطرية على أن شاي ماسوت كان يتدخل في شؤون السياسة البريطانية".
وعبر عن تخوفه من أن "هذه القضية تنبه إلى وجود مشكلة بنيوية بالغة الخطورة في المنظومة السياسية البريطانية"، مشيرا إلى إعلان الناطق باسم الخارجية البريطانية بأن القضية قد أغلقت خلال ساعات من تسليط الضوء عليها.
واعتبر أنه يسمح لإسرائيل في بريطانيا "بالعبث بالعرف الدبلوماسي وإجراءاته المعهودة، وتسمح لهم حكومة تيريزا ماي بكل سرور وانشراح بالإفلات من كل مساءلة ومحاسبة"، مشيرا إلى مساعدة السفير الإسرائيلي في لندن في ترتيب واحد على الأقل من سلسلة الاجتماعات التي عقدتها بريتي باتيل.
وقال إن هذا الأمر يثير تساؤلات مقلقة حول علاقة بريطانيا بإسرائيل، متسائلا: "إذ كيف يمكن لبريطانيا أن تلعب دور الوسيط النزيه في الشرق الأوسط إذا كان يسمح لوزرائها بالإفلات من المساءلة والمحاسبة على مثل هذا النوع من السلوك؟ وكيف يمكن للفلسطينيين بحال أن يثقوا ببريطانيا؟ والجواب هو أنه لا يسعهم ذلك".
وتابع أوبورن تساؤلاته: "هل تعرضت باتيل لضغوط حتى تقلص التمويل البريطاني للمشاريع الفلسطينية؟ وما الذي ناقشته بالضبط حينما التقت بزعيم حزب "ييش آتيد" ووزير المالية الإسرائيلية السابق يائير لابيد؟ ولماذا لم تخطر وزارة الخارجية؟ وهل جرى إبلاغ المسؤولين في الوزارة التي تترأسها؟ وهل كان مكتب رئيسة الوزراء على علم بذلك؟ وإذا كان الجواب بنعم، فهل أقرتها رئاسة الوزراء على فعلتها؟ ولماذا لم يرافقها موظفون من الوزارة؟ ولماذا كان السفير الإسرائيلي على علم برحلتها بينما لم تعلم بها وزارة الخارجية؟ ومن هم الأشخاص الآخرون الذين التقت بهم أثناء هذه الزيارة غير المصرح بها؟".
وطالب بإجراء تحقيق حكومي رسمي في خلفيات وتفاصيل زيارة الوزيرة باتيل إلى إسرائيل، وبإعلان نتائجه على الملأ.
وإذا ثبت وجود سوء تصرف، يقول أوبورن، فإنه سيتوجب على الوزيرة باتيل أن تؤنب، وإن كان ضروريا أن تعتذر على تجاوزها لمعايير وإجراءات الحكومة في هذا المجال.
واستدرك أن تيريزا ماي لم تعبر عن أي فضول في معرفة ما جرى، معتبرا أن الرسالة التي يوجهها الإخفاق في اتخاذ أي إجراء بهذا الشأن إلى الفلسطينيين مفادها: بريطانيا لا يمكن الوثوق بها ولا الاطمئنان إليها.
حزب العمال: في ذكرى "بلفور" على بريطانيا الاعتراف بفلسطين
زعيم "العمال البريطاني" يرفض دعوة احتفالية يحضرها نتنياهو
ماي: بريطانيا فخورة بتأسيس إسرائيل وسنحتفل بـ"وعد بلفور"