تتقاتل ثلاث قوى في
ريف حماة الشرقي وتتشابك أهدافها كما تتقاطع مصالح كل طرف مع الآخر بالرغم من العداوة الثابتة بين هذه القوى المحاربة، فهذه هي المرة الأولى التي تسجل هذه الوقائع في منطقة جغرافية لا تتجاوز مساحتها 20 كلم مربع.
فقد هاجم
تنظيم الدولة هيئة "تحرير الشام"، التي تشكل جيهة النصرة عمودها الفقري، في منطقة الرهجان لتقوم "تحرير الشام" بعدها بحشد قواتها واستعادة زمام المبادرة في قتال التنظيم.
وفي ظل الصراع بين التنظيمين هاجم النظام مناطق تحت سيطرة تحرير الشام في منطقتي جب الأبيض والشحاطية، ليشن تنظيم الدولة هجمات ضد قوات النظام.
ويسيطر التنظيم حاليا على قرى شم الهوى ووادي الزاروب وحسرات، وهذه المناطق تقع غرب وجنوب قوات النظام فيما تقع مناطق تحرير الشام إلى الغرب منها.
وفي هذا السياق، قال القيادي المقرب من تحرير الشام الملقب بـ"أبي أسيد الشامي": "في الأصل كان هذا الصراع ثنائيا بين النظام وتحرير الشام، ثم دخل تنظيم الدولة على الخط لأن النظام أراد ذلك كونه يستفيد من ذلك في محاربة تحرير الشام، كما يستفيد التنظيم من ذلك لنفس الهدف انطلاقا من عقيدته بغض النظر عن أي اتفاقات سابقة بينه وبين تحرير الشام، فالنظام يلعب أيضا على ورقة خلاف الاثنين السابقين، فتجده يقصف جبهات تحرير الشام المقابلة للتنظيم، لكي يضربهم ببعضهم".
وأكد أن هذا الصراع بين القوى الثلاث لا يعني أنها قوى فعلية متنافسة في
سوريا، فتنظيم الدولة في مراحله الأخيرة، معتبرا أن تحرير الشام ستتعامل مع الطرفين على أنهم عدو واحد يشكل خطرا عليها.
واستبعد الشامي حصول مصالحة بين تنظيم الدولة وتحرير الشام قائلا في حديث لـ"
عربي21": "محال أن تحدث مصالحة بين الاثنين أو حتى هدنة، أما عن مجيء عناصر من التنظيم من الشرق لقتال النظام دون أي أهداف أخرى فهذا أمر وارد، أما عن التشكيل أو الهيكلة التي ستخلف انهيار التنظيم فلا يمكن التنبؤ بها".
وفي هذا الصدد، يرى الناشط الإعلامي محمد خالد، أن كل طرف في هذا الصراع يستفيد من الآخر فتنظيم الدولة يريد أن يقوم النظام بضرب تحرير الشام لكي يضعفها من أجل أن يتسنى له وضع موطئ قدم في ريف حماة الشرقي بحيث يستقدم تعزيزات من الشرق عبر الصحراء.
وأكد أن النظام يريد أن يستغل هذا الصراع لكي يتقدم باتجاه الرهجان كجزء من العملية العسكرية التي سيطلقها النظام باتجاه مطار أبو الظهور الذي يبعد عن الرهجان أكثر من 30 كلم، ويأتي هذا عقب تسريب وسائل إعلامية مقربة من النظام بأن قواته كلفت اللواء محمد خضور بقيادة الحملة العسكرية في أبو الظهور.
وقال الناشط في حديث لـ"
عربي21": "تنظيم الدولة في هذه المنطقة لن يستمر لأنه محاصر وأعداده محدودة ولا يستطيع أن يصمد أكثر، كما أن هناك عناصر منه انشقوا وانضموا لتحرير الشام، ويمكن أن تطول معركته مع تحرير الشام المشغولة حاليا بصد قوات النظام، كما يمكن أن نرى التنظيم يستغل انشغال النظام بحربه ضد تحرير الشام ويهاجم مناطق مثل الشيخ هلال"، مستبعدا أية هدنة أو مصالحة بين التنظيم وتحرير الشام لأن كلا الطرفين يصر على الإثخان في عدوه.
واعتبر أن صراع هذه القوى يعبر عن حقيقة أن المتقاتلين أصحاب أيديولوجيا، كما يعطي صورة بأن القوى الدولية تستفيد من هذا الصراع وما هو إلا تجليا لسياساتها.
من جهته يعتبر فادي حسين المهتم بشؤون الجماعات الجهادية أن المستفيد من صراع تنظيم الدولة وتحرير الشام هو النظام، إذ أن تنظيم الدولة وتحرير الشام في حالة اقتتال مع النظام في محاولة لإثبات وجوده كقوة حقيقية على الأرض، وخاصة بعد تعرض الهيئة لعزلة داخلية ومحاولة الفصائل إنهاء الهيئة إعلاميا على الأقل، وبعد خسارة التنظيم للرقة والميادين فهو يحاول بشكل حثيث إثبات وفرض وجوده كقوة على الأرض ولو من خلال هجمات متفرقة تشبه حرب العصابات موقعا بالنظام أو الهيئة خسائر كبيرة.
وقال حسين في حديث لـ"
عربي21": "قراءة الصراع واضحة جدا، التنظيم ينظر للهيئة والنظام كعدو، ويجب محاربته، كما أن الهيئة ترى النظام كعدو قتاله أولى لذا فهي بغنى عن فتح أي جبهة ضد التنظيم، فنراها لا تبادر بفتح أي قتال مع تنظيم الدولة".