نشرت صحيفة "أوراسيا دايلي" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الولايات المتحدة وعلاقتها بالانقسام العربي. والمثير للاهتمام أن الولايات المتحدة تحاول في ظل تنافس حلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، المحافظة على التوازن وتسوية الصراعات القائمة لضمان استعادة مكانتها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في مطلع شهر حزيران/ يونيو، شهدت دول مجلس التعاون
الخليجي انقساما على خلفية أزمة
قطر. ففي البداية، كان هذا الحدث متداولا بشكل كبير في وسائل الإعلام الدولية، إلا أن الاهتمام به قد انخفض تدريجيا في الفترة الأخيرة على الرغم من أن الصراع لا يزال قائما.
وأكدت الصحيفة أن بعض الأطراف العربية تحاول تحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة، لأن استمرار هذا الصراع يعزز احتمال الانقسام في مجلس التعاون الخليجي، كما ينذر بإمكانية سقوط هذه المجموعة الإقليمية.
وأفادت الصحيفة بأنه لطالما حاولت
السعودية الضغط على قطر لتشجيع أعضاء العائلة الحاكمة القطرية على الإطاحة بالأمير تميم آل ثاني. ويعزى ذلك إلى أن السياسية الخارجية المستقلة لقطر تهدد وحدة دول مجلس التعاون الخليجي واستقرارها. كما تعدّ الرياض أن قطر تستخدم مواردها المالية لتعزيز نفوذها الإقليمي ضد الهيمنة السعودية السائدة في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن دعمت منذ بداية الأزمة الجانب السعودي وحلفاءه، وبعد أسبوع من اندلاع الأزمة استقالت السفيرة الأمريكية في قطر، دانا شل سميث. وقد قدمت السفيرة استقالتها على إثر الانتقادات التي وجهها ترامب إلى قطر في تغريدة له على موقع تويتر.
وأوردت الصحيفة أن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أكد في إحدى زياراته للشرق الأوسط، أنه على القادة العرب التصدي "للسلوك القطري"، خاصة بعد الاتهامات الموجهة نحوها بدعم الإرهاب. وهذا يشير إلى احتمال أن تكون القيادة الأمريكية على علم مسبق بنوايا السعودية والإمارات المبيتة ضد قطر. علاوة على ذلك، اتضح أن الرئيس الأمريكي يؤيد الهجوم على قطر، وبالتالي ساهم في تعميق الأزمة الدبلوماسية التي أدت إلى انقسام في صفوف دول مجلس التعاون الخليجي.
وبينت الصحيفة أنه عند اندلاع الصراع السعودي القطري، حاول وزير الخارجية الأمريكي، إلى جانب الكويت، التوسط لحل النزاع بين دول مجلس التعاون الخليجي. وفي نهاية شهر حزيران/ يونيو، أجرى تيلرسون محادثات مع وزيري الخارجية القطري والكويتي، حيث أكد أن الانقسام يعرقل عملية مكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أنه في شهر آب/ أغسطس أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، الجنرال أنتوني زيني، الذي أجرى اتصالات مكثفة في المنطقة على خلفية الأزمة القطرية. وفي بداية الأزمة، أوضح البنتاغون أن الإجراءات التي اتخذتها السعودية ضد قطر لن تؤثر على الوجود الأمريكي في المنطقة. ومع ذلك، في التاسع من حزيران/ يونيو، أشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن الانقسام بين قطر والسعودية، قد يؤثر سلبا على الخطط العسكرية الأمريكية في المنطقة.
وذكرت الصحيفة أنه في أواخر شهر آب/ أغسطس، أعلنت قطر عن علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، كما شاركت تركيا في المناورات العسكرية. ومن جانبها، أصرت القيادة القطرية على استكمال الحوار مع إيران، إذ التقى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالأمير تميم بن حمد آل ثاني.
وأفادت الصحيفة بأنه في الأسابيع الأخيرة، حاول ترامب التوسط في محاولة منه للتغلب على الأزمة الدبلوماسية في الخليج العربي. وفي السابع من أيلول/ سبتمبر، اجتمع ترامب في البيت الأبيض بأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، ليناقشا مسألة الانقسام بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وبعد يومين، أجرى ترامب اتصالا هاتفيا مع الأمير تميم آل ثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقد التقى الرئيس ترامب مع الأمير تميم آل ثاني في 20 أيلول/ سبتمبر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلا أنه لم تجر أي محادثات مباشرة جديدة بين الدول حول الأزمة القطرية.
وأكدت الصحيفة أنه في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، أشار تيلرسون إلى أنه لا يتوقع إيجاد حل للانقسام في الخليج العربي في المستقبل القريب. أما في 23 من الشهر نفسه، قال ريكس تيلرسون إنه "لا يمكن أن نرغم هذه الأطراف على التفاوض، حول أمور ليسوا مستعدين للتحدث حولها". وبناء على هذا التصريح، من الواضح أن الوزير الأمريكي لا يرغب في دفع السعودية للتفاوض بشأن خلافاتها مع قطر.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه ليس لدى إدارة ترامب الوقت الكافي لإظهار فعالية الوساطة الأمريكية. وفي هذه الحالة، تبقى القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي، التي من المقرر عقدها في أوائل كانون الأول/ ديسمبر في الكويت، الفرصة الوحيدة لإظهار فعالية الوساطة الأمريكية. ولكن، إذا لم يتم إيجاد حل لهذا الانقسام فلن تعقد القمة، وسيتم إلغاؤها في سابقة أولى من نوعها منذ 36 سنة على تأسيس المجلس.