يرى متابعون للشأن
اليمني أنه لا يبدو أي أفق لنهاية الحرب التي تقودها السعودية منذ أكثر من عامين، بعد تأكيدات ولي عهدها، محمد بن سلمان، نهاية الأسبوع الماضي، أن الحرب ستطول للحيلولة دون تحول جماعة "أنصارالله" (
الحوثيين) لحزب الله آخر على حدود بلاده الجنوبية.
تصريحات ابن سلمان الخميس الماضي، اعتبرها البعض "استهلاكية"، وتعكس مدى ارتباك القرار السعودي في إدارة الصراع الجاري بالبلد، بينما ذهب آخرون إلى أنها جاءت متأخرة في وقت ما يزال الحوثيون يحكمون أغلب محافظات الشمال.
وما يثير التساؤل أن ولي العهد السعودي لم يكن الوحيد الذي تحدث عن هذا الأمر، فقد سبق الرئيس عبدربه منصور هادي، أن أشار إلى ذلك، حيث تحدث عن دعم إيراني للحوثيين في محاولة لاستنساخ تجربة الحزب اللبناني، وكذلك وزير الدفاع الأمريكي، جميس ماتيس.
استهلاك وارتباك
وفي هذا السياق، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان، إن تصريحات محمد بن سلمان، للاستهلاك المحلي والإقليمي الجماهيري.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أنه بات واضحا الارتباك السعودي في إدارة الصراع مقابل وضوح إماراتي في تنفيذ أجندتها التي حتما ستؤدي إلى تأسيس "
حزب الله" ثان في اليمن، وبفائض قوة وأهداف عن حزب الله اللبناني.
وأشار شمسان إلى أن الإمارات تسعى لإطالة الاحتراب ليس بهدف تقويض ممكن لحزب الله في اليمن، بل لتهيئة المناطق الجنوبية لفك الارتباط عن الشمال. مؤكدا أن إضعاف السلطة الشرعية حد الاختفاء هو ما تقوم به "أبوظبي" في المحافظات الجنوبية والشرقية، وتؤسس لثنائية وطنية شمال وجنوب وأطراف نزاع "مجلس انتقالي جنوبي" و"تحالف انقلاب الحوثي وصالح".
وبحسب أستاذ علم الاجتماع السياسي، فإن هذه الاستراتيجية لا تقوض نموذج "حزب الله" اليمني، أي الحوثيين، بل تمنحه الشرعية وحشده الشعبي الذي يمتلك خبرة قتالية وأسلحة دولة منهوبة.
تصريحات متأخرة
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عباس الضالعي أن تصريحات ولي العهد السعودي عن استمرار الحرب في اليمن لمنع حزب الله آخر في الجنوب السعودي منبعها الأساسي الموقف الأمريكي المتشدد ضد ايران وحزب الله وفرض عقوبات جديدة، إلا أن هذا الموقف لم يغير من واقع القوة العسكرية التي بنتها إيران خارج حدودها، وتحت الحصار.
وقال في تصريح لـ"
عربي21" إن هناك فرق كبير بين حزب الله والحوثي، فالأخير أصبح دولة ويسيطر على مؤسساتها، ويمسك بزمام السلطة، أكثر من اختزاله في نموذج "حزب الله اللبناني"، ولذلك جاءت هذه التصريحات "متأخرة".
ووفقا للضالعي، فإن كلام ابن سلمان كان المفترض أن يترجم عمليا قبل أحداث 21 من أيلول/ سبتمبر خريف العام 2014، عندما كان الحوثيون يلتهمون محافظات الشمال نحو العاصمة صنعاء، في وقت كانت "الجماعة" مرحب بها في المملكة والتحالف الحالي الذي تشكل لضربها فيما بعد.
ولفت الكاتب اليمني إلى أن الحوثيين استفادوا من الدعم اللوجستي الذي قدمه حزب الله لهم، لكن المكاسب الأكبر تحققت من انحراف بوصلة دول الخليج وانحراف رؤيتها بتحديد الخطر ومصدره، في وقت لاتزال الرؤية لديهم مشوشة للتحالف الذي تقوده الرياض والذي يعيش حالة تخبط باليمن، بعدما تحول اليمن إلى مستنقع بعد ثلاث سنوات حرب لم تؤثر في قوة الحوثي، بل زادته تماسكا وقوة.
وبحسب السياسي الضالعي، فإن الحوثي الآن يمتلك منظومة صواريخ بالستية، وقوة عسكرية مدربة، وكل أسبوع يعلن عن تخرج دفعات عسكرية جديدة من مختلف التشكيلات العسكرية ويقيم الاحتفالات في وضح النهار، في تحدي معلن للتحالف العربي.
وذكر أنه بعد ثلاث سنوات حرب، توعد ناطق الحوثيين التحالف باستهداف العمق السعودي بمزيد من الصواريخ بعيدة المدى، وهدد بقصف "أبوظبي" عاصمة الإمارات، "وهو تحد ليس من فراغ، وإنما استثمار لانحراف أهداف تحالف دعم الشرعية، وتغيير وجهته".
وأكد الضالعي أنه لا يوجد خطوة جديدة بالنسبة للسعودية تجاه الحوثي، وكل ما تملكه من خطط وسلاح قد استنفذته في الحرب الحالية، وما تملكه حاليا هو استمرارها في الحرب التي يعني "استنزافها وهو الهدف الأساسي منها".
وأردف قائلا: "لو كان لدى النظام السعودي خطط حقيقية لاستخدمها، لكن انحراف مسار عملياته يفقده كل يوم حليف من حلفائه، ويتضاءل موقف المؤيدين له في الأوساط الموالية للشرعية بشكل ملحوظ".
الحوثيون يردون
وكانت جماعة الحوثي قد هاجمت تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ووصفتها بـ"الطائشة".
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية، بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن مصدر مسؤول في حكومة الانقاذ غير المعترف بها في صنعاء، القول بأنه "طائش وغير مسؤول".
وتوعد المصدر، وفقا للوكالة الحوثية، بأن المقاومة ضد ما اسماه بـ"العدوان" ستستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".. ولن يرفعوا راية الاستسلام، لعدالة قضيتهم.