كشفت وسائل إعلام
إسرائيلية النقاب عن تعاقد عدد من شركات الهايتك والبرمجة الإسرائيلية مع مهندسين ومختصين في البرمجة من قطاع
غزة في سابقة هي الأولى من نوعها في هذا المجال.
ووفقا لما نقله موقع (تايمز أوف إسرائيل) نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية ( أ ف ب) فإن شركة " ميلانكوس" الإسرائيلية المتخصصة في المجال الرقمي وصناعة قواعد البيانات، قد تعاقدت مع عشرة مبرمجين من غزة يعملون لصالح شركة فلسطينية دون أن تفصح عن بياناتها لاعتبارات أمنية وفقا لما نشرته الوكالة الفرنسية.
إختراق أمني
ويعتبر فتح الشركات الإسرائيلية الباب أمام
توظيف مبرمجين من غزة بمثابة اختراق للمنظومة الأمنية لحركة
حماس التي تحظر أي نشاط تجاري في هذا النوع من العقود خشية استغلال الموساد الإسرائيلي لهم وتجنيدهم لصالحها.
وبالرغم من عدم صدور أي تعليق من وزارة الداخلية في حكومة حماس بخصوص ما نقلته الوكالة الفرنسية إلا أن مصدرا أمنيا في وزارة الداخلية أخفى هويته لاعتبارات أمنية قال إن "الجهات المختصة في الحكومة الفلسطينية ليس لديها أي علم بوجود نشاط تجاري بين
شركات البرمجة الإسرائيلية وشركات فلسطينية من غزة".
وأكد المصدر في حديث لـ"
عربي21" أن "الجانب الإسرائيلي يحاول بترويج هذه الأخبار أن يضع حكومة حماس في غزة بموقف المنهزم كونها تحظر أي نشاط تجاري بين الشركات الفلسطينية من غزة ونظيرتها الإسرائيلية، وترويج هذه الأخبار يأتي في سياق إظهار إسرائيل بموقف المنتصر في تسجيلها لاختراق أمني في إيجاد بيئة للعمل بين شركات من غزة والجانب الإسرائيلي".
وتابع المصدر أن "قسم أمن المعلومات في وزارة الداخلية يقوم برصد ومتابعة كل التحركات الإسرائيلية التي تحاول تسجيل اختراق في المنظومة الأمنية للمقاومة في غزة، مؤكدا أن هنالك تعليمات واضحة من قيادة الداخلية بعدم الاستهانة عند رصد أي تحركات إسرائيلية في هذا الصدد، ومن يثبت تورطه في إبرام عقود مع شركات إسرائيلية فإن العقوبة قد تصل إلى الإعدام في حال ثبت تورطه في ذلك. وفق قوله.
إستغلال إسرائيلي لموارد غزة
وفي هذا الصدد يقول الخبير الإلكتروني ووكيل شركة آلفا لتوريد خدمة الإنترنت اللاسلكي جنوب قطاع غزة، ياسر البيوك، أنه وفي حال ثبات الرواية الإسرائيلية بوجود نشاط بين شركات إسرائيلية ومبرمجي غزة فإنه يأتي في سياق" الجهود الإسرائيلية للاستفادة من الموارد البشرية والمعلوماتية التي تتمتع بها غزة في مجال البرمجة".
وأوضح البيوك في حديث لـ"
عربي21" أن قطاع غزة يضم نخبة متميزة من أهم مهندسي البرمجة وتكنلوجيا المعلومات على مستوى الوطن ويمتلكون الكثير من الخبرات في هذا المجال خصوصا وأن الحصار الإسرائيلي على غزة منتصف العام 2007 ساهم بطريقة أو بأخرى في دفع الكثير من الشباب للالتحاق في تخصصات البرمجة والتكنلوجيا الرقمية وقاموا خلال هذه المدة في تنفيذ مشروعات فردية وتسجيل إنجازات فردية استحقت على الحصول على جوائز من مؤسسات دولية أشادت بهذه الجهود".
ويعتبر قطاع تكنلوجيا المعلومات أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نموا في الاقتصاد الفلسطيني حيث تقدر حصته السوقية بنحو 600 مليون دولار، ومعدل نموه يبلغ 25% سنويا وفق أحدث الإحصائيات الصادرة عن مركز التجارة الفلسطينيّ "بال تريد" للعام 2016.
ويضم قطاع غزة نحو 130 شركة متخصصة في مجال البرمجة توظف ما يقرب من 2800 مبرمج، فيما وتخرج جامعات غزة ما يقرب من 800 خريج بشكل سنوي من تخصصات تكنلوجيا المعلومات، أما عن نسبة البطالة بين هؤلاء الخريجين فيقدر بنحو 44% .
وعلى الجانب الأخر فإن عددا من شركات البرمجة في الضفة الغربية أبرزها شركة عسل ومقرها مدينة روابي تعمل بشكل مشترك مع الجانب الإسرائيلي في مجال تكنلوجيا المعلومات منذ العام 2012، وبحسب وكالة رويترز الفرنسية للأنباء فإن نحو سبعين مهندسا برمجيا من الضفة الغربية يعملون مع الشركات الإسرائيلية.
أهداف إسرائيلية
بدوره، أشار مدير قسم البرمجة في شركة "فيوجن" للاتصالات المهندس، بهاء الدين الأعوج، أن الجانب الإسرائيلي يحاول "إستغلال حالة الفراغ السياسي والأمني التي تعيشها غزة خلال فترة تسليم السلطة التي ستسغرق من شهرين إلى ثلاثة أشهر لإبرام عقود مع شركات برمجة من غزة لتحقيق مجموعة من الأهداف أهمها تسجيل إختراق في المنظومة الأمنية لحركة حماس ومحاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تحتفظ بها المقاومة".
وأضاف الأعوج في حديث لـ"
عربي21" أما "الهدف الثاني فهو اقتصادي بحت، حيث تدرك إسرائيل أن جيش المبرمجين في غزة الذي يعاني من بطالة في صفوفه متعطش للعمل في ظل الأجور المرتفعة التي تدفعها الشركات الإسرائيلية لمبرمجيها والتي تناهز 10 آلاف دولار شهريا، وهي نفس التكلفة للتعاقد مع عشرة مبرمجين في السوق الفلسطيني".