جاءت أحداث
الواحات الأخيرة، ومقتل قرابة 60 شخصا من رجال الشرطة، لتصنع حالة من الحزن والألم للمصريين، باعتبار أن ما جرى هو قتل ودماء طال
مصريين، وأن الموت والقتل والدماء مرفوضة بطبيعة الحال.. واشتعلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بالتنديد والرفض لما جرى والتعبير عن الحزن، وهناك من غيّر صورته الشخصية إلى اللون الأسود أو الكتابة على ألوان سوداء، بالإضافة إلى الشارات السوداء بالفضائيات.
التجاهل المريب
من جانبي، أتفهم هذه المشاعر ولا أقلل منها، لكن الغريب أنه لم يتم أي تعبير عن هذه المشاعر بشكل رسمي من جانب الدولة، وهناك تجاهل بشكل مريب، كإعلان حالة الحداد كما جرى في أحداث أخرى كثيرة، فضلا عن عدم خروج بيان من رئاسة الجمهورية أو مكتب رئاسة الوزراء، وحتى البيان الذي صدر عن وزارة الداخلية تأخر كثيرا ولم يكن مقنعا للكثيرين، بل وصل الأمر إلى أن السيسي حضر احتفال ذكرى "حرب العلمين" الـ75 ولم يشر للواقعة من قريب أو بعيد، وهو ما جعل الكثير يستغرب ذلك ويرفضه، وأكسب الضحايا وذويهم في الوقت نفسه قدرا من التعاطف.
قتل مع سبق الإصرار
لكن في المقابل، وفي اليوم التالي، صدر حكم على 11 شابا بتأييد الحكم عليه بالإعدام وعدة أحكام أخرى بالمؤبد والسجن على آخرين، ولكن لم يتم التفاعل مع هذه الأحكام كما ينبغي، وإن تم فكان بنسبة متواضعة جدا ومحصورة في فئة معينة، وتم رصد الفارق الكبير بين الحالتين. وقس على هذا العديد من الحالات من أحكام إعدام سابقة وظالمة، وهذا يعني قتلا مع سبق الإصرار والترصد، فضلا عن القتل بدم بارد لمختفين قسريين في إطار التصفية خارج القانون، ولم يتم التفاعل مع هذه الجرائم التي لا تقل عن قتل ضباط الجيش والشرطة، مع اختلاف الطريقة والظروف والدوافع.
الدم المصري كله حرام
هنا يقفز التساؤل: لماذا هذا التمييز في الدماء رغم التشابه في أمور عديدة، منها أن كل الدماء مصرية وأن النتيجة واحدة، وهي إزهاق روح إنسان في نهاية الأمر، وهذا ما يجب البحث فيه؛ لأن العالم الآن يرفض مجرد التمييز في الجنس أو الدين أو العرق او اللون، فما بالك إن كان هذا التمييز في الدم؟
هنا لا بد أن نتوقف ونعيد النظر فيما يجري حولنا؛ لأن استمرار هذا سيصيب البلد كله بما يسمى لعنة الدماء، التي سيدفع ثمنها الجميع، وعليه علينا أن نستفيق ونطبق المقولة التي نرددها كثيرا ولا نفعلها، وهي "الدم المصري كله حرام".