أعلنت وزارة النفط
العراقية، تشكيل لجنة وزارية لمتابعة وتقييم النشاط النفطي في محافظة
كركوك والوقوف على احتياجات المحافظة للإسراع في تقديم التوصيات والمقترحات اللازمة للنهوض بواقع الصناعة النفطية بالمحافظة.
وحذر وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، جميع الدول والشركات النفطية العالمية من التعاقد أو الاتفاق مع أية جهة داخل العراق من دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية أو وزارة النفط.
وكان اللعيبي، أعلن الثلاثاء الماضي سيطرة الجيش العراقي بالكامل على كل
حقول النفط في كركوك، مؤكدا اعتزام العراق التعاقد مع شركة نفط أجنبية لمضاعفة قدرة حقول نفط شمال كركوك الإنتاجية لتصل لأكثر من مليون برميل يوميا.
جاءت تحذيرات وزير النفط العراقي، بعد إعلان شركة "روس نفط" الروسية، توقيع اتفاقية مع إقليم
كردستان العراق للتنقيب عن النفط في خمسة مواقع مختلفة بالإقليم الواقع شمالي العراق.
اقرأ أيضا: "نفط كركوك" يشعل الأزمة بين الأكراد.. ما علاقة المالكي؟
وقالت الشركة، في بيان لها الخميس الماضي، إنها تتوقع وجود 670 مليون برميل من النفط في هذه المواقع الخمسة، مؤكدة أنه في حال اكتشاف النفط، فإنها ستبدأ الإنتاج التجاري من هذه المواقع عام 2021.
وأوضحت "روس نفط"، أنه بمقتضى الاتفاقية الموقعة مع إقليم كردستان العراق، ستتحمل تكاليف تقدر بــ400 مليون دولار لإجراء الدراسات والحفر، منها 200 مليون دولار قد تدفع من عائدات بيع نفط المشروع بعد استخراجه، لافتة إلى أنها ستحصل على 80% من أرباح المشروع، وأن الإنتاج التجريبي قد يبدأ العام القادم.
وأبرم إقليم كردستان العراق العديد من العقود مع شركات نفط عالمية دون موافقة الحكومة الاتحادية فضلا عن تصدير النفط خارج سلطة شركة (سومو) الحكومية والمكلفة حصريا بتصدير النفط العراقي.
وحول مستقبل الصورة النفطية في كركوك بعد إعلان العراق السيطرة عليه، قال الكاتب والخبير المتخصص في شؤون النفط والغاز، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ
"عربي21" إنه في ظل الوضع السياسي والعسكري الحالي، أصبحت الأمور غير واضحة تماما، "ولا أحد يعرف من يسيطر على حقول النفط في كركوك، هل هي بغداد أم أربيل، وإذا كانت بغداد هل سيكون هناك تقاسم في الحصص أم كيف سيكون الوضع؟".
اقرأ أيضا: ماذا يعني رفع علم إقليم كردستان العراق فوق محافظة كركوك؟
وأضاف إسماعيل: "الصورة النفطية في كردستان صعب جدا في الوقت الحالي التنبؤ بها بسبب التغيرات الجيوسياسية، والتغيرات المفاجئة في التحالفات"، مشيرا إلى أن أمريكا وتركيا كانتا تدعمان الإقليم، والآن أمريكا في نفس الخندق مع إيران ضد كردستان.
وأشار إلى أنه: "إذا كانت بغداد قد وضعت يدها بشكل كامل على حقول النفط في كركوك فيجب عليها ألا تحرم إقليم كردستان منه وإعطائها حقها ومستحقاتها من النفط والغاز"، مؤكدا أن خسارة إقليم كردستان في كركوك كبيرة، ليس فقط في النفط، بل هناك أيضا احتياطات غاز كبيرة في الإقليم.
وتابع: "كردستان كانت تجلس على احتياطات كبيرة من النفط تبلغ 45 مليار برميل وتجلس على حوالي 5 تريليونات متر مكعب من الغاز، وكان لها مستقبل كدولة نفطية ودولة منتجة للطاقة، وكان يمكنها حل الكثير من الأزمات الاقتصادية بالإقليم، لكن الصورة تغيرت الآن".
وأوضح إسماعيل أن "إقليم كردستان كان يبيع ما يقارب من 550 ألف برميل نفط يوميا من إنتاج كركوك (15 % من إجمالي إنتاج النفط العراقي) عن طريق ميناء جيهان التركي، وهذا كان يدر دخلا جيدا للإقليم (30 - 35 مليون دولار يوميا)، لافتا إلى أن إنتاج كركوك من النفط يعادل إنتاج الإكوادور وكذلك إنتاج قطر.
واستغرب الخبير النفطي ما وصفه بالموقف الغريب لأمريكا وروسيا من الأزمة، قائلا: "بقيت أمريكا صامتة وتدعو للحوار شفاهية رغم أنه من المفترض أنها كانت حليف للأكراد، وكذلك روسيا التي استثمرت 3 مليارات دولار في مشاريع طاقة بالإقليم تقف الآن موقف المتفرج".
اقرأ أيضا: لماذا اختارت أمريكا عدم التدخل بأزمة كردستان.. وما علاقة إيران؟
ولفت إلى أنه "من المثير للاستغراب أن الموقف الروسي يأتي بالرغم من أنه قبل الاستفتاء بأسابيع وقعت شركة روسية عقدا مع إقليم كردستان لتطوير آبار النفط ولمد أنابيب الغاز وقدمت لهم مبلغ ملياري دولار (مليار لمشروع الغاز والبنية التحتية الخاصة به، ومليار كدفعات لشراء مستقبلي كي يساهموا في تقليل عجز ميزانية الإقليم)"، متسائلا: " ماذا سيحدث لهذا المشروع هل سيتوقف المشروع أم يلغى؟
وأكد إسماعيل أنه "لا بد من حل سياسي وتفاهم كي تستفيد بغداد وتستفيد أربيل، وتستفيد تركيا أيضا لأنها تحصل بدورها على رسوم لقاء عبور النفط عبر موانئها، وسينطبق الحال نفسه على الغاز في المستقبل"، مؤكدا أن إقليم كردستان الآن هو الخاسر الأكبر، فهو حاليا لا أصدقاء له ولا حلفاء له.
وأردف الخبير النفطي خلال حديثه لـ
"عربي21": "كل شيء الآن يعتمد على الحل السياسي، ولا بد من إيجاد حل توافقي على مصير كركوك، ولا بد أن يحصل الأكراد على حصتهم العادلة".
وحول مصير العقود النفطية التي وقعها إقليم كردستان مع شركات دولية، قال إسماعيل إن الشركات التي استثمرت أموالا طائلة في مشاريع التنقيب والإنتاج لن تتخلى عن مصالحها واستثماراتها بسهولة، وستلجأ إلى
التحكيم الدولي بالطبع إذا تعقدت الصورة وفشلت في الحصول على حقوقها بالحوار أو بالدبلوماسية الدولية.
اقرأ أيضا: صادرات العراق النفطية تتراجع إلى 3.2 مليون برميل يوميا
وأوضح أن "الحكومة العراقية من مصلحتها التوصل إلى صيغة اتفاقية بطرق دبلوماسية وعقلانية دون اللجوء إلى التحكيم الدولي، لأن بغداد بحاجة إلى هذه الشركات مستقبلا في تطوير حقولها النفطية المتهالكة بعد عشرين عاما من الحروب"، مؤكدا أن العراق، الذي يمثل ثاني أكبر احتياطي عالمي بعد المملكة العربية السعودية، بحاجة إلى استقرار سياسي واقتصادي لإعادة بناء ثروته النفطية، وإعادة إعمار ما خلفته الحروب".
وتابع: "يجب أيضا على بغداد ألا تدمر فرصة تقوية اقتصاد إقليم كردستان، لأن وجود كردستان قوية يمكن العراق من فرض سيطرته على المتمردين".