فجرت المعارك الدائرة في محافظة
كركوك العراقية، الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسين، فقد تبادل الجانبان الاتهامات بـ"الخيانة"، في وقت تتقدم فيه
القوات العراقية داخل المحافظة.
وقال سعدي أحمد بيرة المتحدث باسم الاتحاد الوطني
الكردستاني (الذي كان يتزعمه جلال
الطالباني)، إن "بعض الفضائيات تقوم بشن حرب نفسية"، معتبرا إياها "خطوة تخدم الأعداء وتغطية لفشل الاستفتاء".
وأضاف في مؤتمر صحفي نقلت عنه وسائل إعلام محلية، أن "هناك بعض القنوات الفضائية تحاول شن حرب نفسية من خلال بث أخبار غير صحيحة"، لافتا إلى أن "هذه الخطوة تخدم الأعداء فقط".
وفي إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود
البارزاني، قال بيرة إن "هذه القنوات تحاول إحباط مواطني كردستان وتغطية فشل الاستفتاء"، مبينا أن "ما يحدث في كركوك جاء من خلال تحالف إقليمي ضد الكرد".
وعلى الصعيد ذاته، شنت القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني آلا الطالباني، هجوما لاذعا على الحزب الديمقراطي الكردستاني، متهمة إياه بسرقة آبار النفط طيلة الفترة الماضية.
وقالت الطالباني إن "قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني كانت دائما في مقدمة المدافعين عن أبناء كركوك وحمايتهم من الإرهاب والدواعش، وأعطينا آلافا من الشهداء والجرحى في سبيل ذلك".
وأضافت: "لن نضحي بقطرة دم واحدة منهم من أجل الحفاظ على آبار نفط مسروقة ذهبت أموالها إلى جيوب أحزاب وأشخاص"، لافتة إلى أن "بيشمركة الاتحاد سيبقون حماة أهل كركوك بكل مكوناتها".
دور إيراني
وردا على اتهامات النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، آلا الطالباني للحزب الديمقراطي، فقد قال النائب عن الحزب الديمقراطي سوران إسماعيل لـ"
عربي21" إن "هذا الخطاب يمثل رأس الفتنة، وكيف يتم سرقة الآبار وقوات الاتحاد الوطني متواجدة عندها؟".
وأضاف النائب عن الحزب الديمقراطي، أن "خطاب آلا الطالباني ومن يحمل نفس الفيروس هم من أوصل كركوك إلى هذا الحال، وما أدلت به من تصريحات عن سرقة النفط غير منطقي وغير ومعقول".
وبخصوص ما قيل أنه "خيانة" من الاتحاد الوطني مع الجانب الإيراني، قال إن "تحقيقات ستجري في موضوع خيانة أطراف من حزب الاتحاد الوطني، والأماكن التي حدثت فيها خلل أو تلكؤ".
وأضاف النائب الكردستاني أن "الكل يعرف أن قاسم سليماني يصول ويجول من السلمانية والموصل ويذهب إلى الرقة، هل أن تواجده فيه خير للمنطقة؟. بالتأكيد لا".
ولفت إلى أن "الاتحاد الوطني الكردستاني حدود مناطقه مع إيران كبيرة، وبالتأكيد يكون تأثير الجانب الإيراني عليهم أكبر".
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن "معظم قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل، جلال الطالباني، قد انسحبت أمام تقدم قوات الجيش العراقي جنوبي كركوك".
ونقلت عن مصدر أمني قوله إن "ضباطا في قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، ولا سيما قوة 70 أكدوا أن أوامر صدرت لهم من جهات عليا في الاتحاد بالانسحاب من مناطق جنوبي كركوك، وهي: مكتب خالد وتل الورد وغيرها.. وتركها للقوات العرقية المتقدمة".
وأوضح المصدر أن "قوات من البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني المعروفة بـ(الزيرفاني) وصلت إلى محافظة كركوك من أجل ملء الفراغ الذي تركته القوات المنسحبة".
خيانة كبرى
من جانبها، قالت القيادة العامة للبيشمركة قد أصدرت بيانا، إن "قوات الحشد الشعبي التابعة للحرس الثوري الإيراني بقيادة إقبال بور وبالتعاون مع القوات العراقية، قادت هجوما واسعا على كركوك والمناطق المحيطة بها، وهذا الهجوم يعتبر بشكل صريح إعلان الحرب على شعب كردستان".
وأضافت أن "الهجوم قبل الحكومة العراقية والحشد القوات التابعة لفيلق القدس بالحرس الإيراني، انتقامٌ من شعب كردستان الذي طالب بالحرية، وانتقامٌ من أهالي كركوك الأحرار الذين أبدوا موقفا شجاعا".
واتهمت قيادة البيشمركة "بعض مسؤولي الاتحاد الوطني بالتعاون في هذه المؤامرة ضد شعب كردستان وارتكبوا خيانة تاريخية كبرى ضد كردستان والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل كردستان تحت راية الاتحاد الوطني".
وأشار البيان إلى أن "هؤلاء المسؤولين أخلوا بعض المواقع الحساسة لقوات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني بدون مواجهة وتركوا الأخ كوسرت رسول لوحده".
وأردفت أنه "على الرغم من خيانة بعض المسؤولين ومؤامرة الحكومة العراقية والحرس الثوري الإيراني، لكن قوات بيشمركة كردستان تدافع بشكل بطولي ومعنويات عالية في كل المواقع ونؤكد أنه من غير الممكن كسر إرادة شعب كردستان والسماح بانتصار خصوم شعب كردستان من خلال تنفيذ هذه المؤامرة".
وطالبت "جميع بيشمركة الشعب والوطن الحقيقيين والجماهير الصامدة وقاهرة الأعداء بفعل كل ما يمكن للمقاومة وصد المعتدين، محملة "حكومة العبادي المسؤولية الأولى عن إثارة الحرب ضد شعب كردستان، وعليها أن تدفع ثمنا باهضا لهذا الاعتداء".
حرب اقتصادية
إلى ذلك قال شوان داودي النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي إن "الاتفاق الذي جرى في دوكان تضمن جانبين، الأول هو النقاط الخمسة التي أعلن عنها ولكن كان هناك اتفاق آخر بحضور أمريكي يخص كركوك".
وأضاف في تصريحات نقلها موقع "النور نيوز" العراقي أن "الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني وقعا اتفاقا أمنيا حول كركوك يتضمن إعادة سيطرة القوات الاتحادية على بعض المناطق في كركوك كما كان".
ولفت داودي إلى أن "الاتفاق وقع من نيجيرفان البارزاني عن الحزب الديمقراطي، وبافيل الطالباني من الاتحاد الوطني"، مبينا أن "الاتفاق تضمن السيطرة على محطة غاز الشمال وعلى آبار باي حسن والآبار النفطية وقاعدة كيوان العسكرية".
ووصف النائب الصراع الدائر في كركوك الآن بأنه "حرب اقتصادية وليس من أجل مصلحة الكرد"، متسائلا في الوقت ذاته: "لماذا لا يعلن الذين أجروا الاستفتاء الدولة بعد الأصوات الكبيرة التي حصلوا عليها".
وكانت القوات العراقية قد أعلنت الاثنين، أنها تواصل تقدمها في مدينة كركوك لفرض الأمن فيها، بعدما استعادت مناطق عدة، إضافة إلى قاعدة كي 1 العسكرية ومطار كركوك، ومنشآت نفطية.