ثلاثة أشهر مرّت تقريبا على بدء
المفاوضات، بهدف إنهاء التواجد العسكري لجميع الأطراف (النظام والمعارضة) في منطقة
القلمون الشرقي بريف دمشق، للوصول إلى ما يطلق عليه النظام السوري وحلفاؤه بـ"إعادة الأمان والاستقرار".
وتجري المفاوضات بين اللجنة المكلفة بالهدنة في القلمون الشرقي من جهة، لجنة
المصالحة الروسية من جهة أخرى.
ولعل ملف القلمون الشرقي يعد من أبرز الملفات حساسية، فامتداد المنطقة إلى البادية جعل منها محط صراع دولي تديره عدة أطراف، أولها النظام السوري وحليفه الروسي إضافة للمليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، والطرف الثاني قوات المعارضة ذات الدعم الأمريكي والأردني عبر غرفة بـ"الموك"، والطرف الثالث تنظيم الدولة الذي غادر المنطقة مؤخرا، باتجاه ريف دير الزور الشرقي وبالتحديد مدينة البوكمال، بعد توقيع هدنة مع حزب الله اللبناني.
ويقول أحمد أبو يونس، القيادي في كتائب "الشهيد أحمد العبدو" المتواجدة في القلمون الشرقي: "منذ أكثر من شهرين ونحن في مفاوضات مستمرة مع النظام بإشراف من لجنة المصالحة الروسية؛ حول إنهاء القتال في القلمون".
وأضاف: لـ"عربي21": "بعد الاتفاق على عدة شروط، أبرزها تسوية الأوضاع الأمنية لجميع النساء المطلوبات اللاتي ينحدرن من منطقة القلمون الشرقي، وفتح الحواجز التي تُحيط بالمنطقة أمام حركة دخول المواد الغذائية والطبية وحيادية مكان الاجتماع، أخل النظام بالاتفاق فقامت اللجنة بتعليق مشاركتها في المفاوضات".
وأشار إلى أنه "تم الاتفاق على مكان محايد لعقد الاجتماع، وقد طرح النظام بداية فكرة عقد الاجتماع في فرع حزب البعث بدمشق، إلا أن اللجنة اعترضت على ذلك، وقد تدخلت اللجنة الروسية لحل الخلاف حول الأمر، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع على أحد مدارج جامعة دمشق مع استبعاد أية تغطية إعلامية قد تجعل الاجتماع حدثا لصالح النظام، ولكن كان ذلك قبل أن تعلن اللجنة تعليق المفاوضات".
ولفت إلى أن
روسيا بدأت بممارسة الضغوط على اللجنة للقبول بالمفاوضات دون شروط مسبقة، حيث طالبت اللجنة الروسية من لجنة القلمون ترك شرط تسوية الأوضاع الخاصة بالنساء المنحدرات من القلمون الشرقي لمرحلة ما بعد الاتفاق، في حين ربطت فتح الطرقات وإدخال المساعدات إلى المنطقة بذهاب لجنة القلمون إلى دمشق، مهددة في الوقت نفسه بقصف المنطقة وشق طريق بالقوة في حال مواصلة الرفض من قبل المعارضة، وفق يونس.
واستطرد القيادي قائلا: "النظام وضع شروطا جديدة في المرحلتين الأخيرة وما قبل الاخيرة، وهي خروج مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم إلى إدلب، بعد ن كان الاتفاق ينص على خروجهم إلى التنف ومناطق المعارضة في البادية، وهو الأمر الذي رفضته اللجنة، فتم طرح حل بديل وهو خروجهم إلى جرابلس، لكن اللجنة رفضت من جديد وأصرت على خروجهم إلى البادية والتنف وليس إلى أي مكان آخر".
أما إبراهيم زيد الدين، وهو ناشط إعلامي في ريف دمشق، فقد أكد لـ"عربي21"؛ أن "المفاوضات وصلت لطريق شبه مسدود، واحتمالية عودة القصف إلى المنطقة أصبحت واردة جدا في ظل فرض شروط صارمة من روسيا، بل وسعيها لإجبار المعارضة واللجان المفاوضة على التخلي عن شروطها من أجل إتمام عملية تأمين الطوق حول دمشق"، موضحا أن لجنة القلمون "أصبحت أمام مفترق طرق وخيارين لا ثالث لهما: الرضوخ أو القصف"، بحسب قوله.