أصدر
القضاء اللبناني مذكرة توقيف غيابية بحق الرائد الليبي عبدالسلام جلود، أحد رفاق القذافي في انقلاب سبتمبر 1969.
وسبب المذكرة بحسب المصادر اللبنانية هو اتهام جلود بالمشاركة في خطف رجل الدين اللبناني موسى الصدر ومرافقيه في
ليبيا، عام 1987، استنادا إلى ما ورد في التحقيقات بشأن قضية الصدر.
وأثارت قضية اختفاء الصدر جدلا كبيرا وطويلا، وصل الأمر إلى مطالبة القضاء اللبناني عام 2008 بإنزال عقوبة الإعدام بحق العقيد الليبي السابق معمر القذافي وستة من معاونيه؛ بتهمة "التحريض على خطف، وحجز حرية" رئيس المجلس الأعلى في لبنان موسى الصدر ومرافقيه.
قضاء غير عادل
من جانبه، أكد عضو المؤتمر الوطني الليبي السابق، محمد دومة، أن "هذا القرار لن يكون له أي وزن؛ لعدة اعتبارات، من أهمها أن لبنان دولة ليست ذات وزن سياسي ولا اقتصادي، وتعاني كثيرا من التجاذبات الطائفية الآن".
وأضاف لـ"
عربي21": "كما أن جهازها القضائي يفتقد المصداقية، وخير دليل على ذلك طريقة اعتقال هانيبال القذافي، وما تعرض له من تعذيب وحبس، دون أن توجه له تهمه واضحة، وهذا إهدار لمبدأ شخصية العقوبة. وللعلم، فإن أغلب رجال النظام السابق يقيمون في دول أوروبية، ويحظون بحمايتها"، وفق قوله.
وقال الخبير الليبي في التنمية، صالح بوغرارة، إن "جلود لا قيمة له؛ لأنه مُبعد عن الحكم في ليبيا منذ بداية التسعينيات، وهو رجل مغيب الآن، ولا تراه إلا "مخمورا"، كما قال لـ"
عربي21".
الإنتربول
وأشار أستاذ القانون الدولي والمحامي المصري، السيد أبو الخير، إلى أن "قرار المحقق العدلي اللبناني سينفذ عن طريق شرطة "الإنتربول"، وبهذا القرار أصبح جلود الآن مطلوبا دوليا، ويمكن القبض عليه في أي دولة؛ ليحاكم أمام القضاء اللبناني".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21" أن "جلود كان مسؤولا عن إدارة أموال القذافي في الخارج، وأنه متهم أيضا بتحويل مبلغ 190 مليار دولار من أموال الدولة لحسابه الشخصي، والحقيقة أن ما يحدث الآن هو إعادة ترتيب المنطقة؛ لذلك يجب إزاحة كل رجال النظام العربي القديم"، حسب تقديره.
مكيدة سياسية
وقال الناشط السياسي الليبي، علي سعيد نصر، إن "جلود منذ فترة خروجه وهو مقيم في إيطاليا ومعتزل عن المشهد العام في ليبيا، ولا أظن أن له أي يد في إخفاء موسي الصدر".
وتابع في تصريح لـ"
عربي21": "أظن أن زجه في القضية هي مجرد مكيدة سياسية من قبل نجل القذافي (لم يحدده)، والحقيقة أن جلود كان مناصرا لثورة الليبيين، وليس هناك بحقه أي مطالبة من القضاء الليبي"، حسب كلامه.
لكن المحلل السياسي، أسامة كعبار، أوضح أن "عبدالسلام جلود كان له دور قذر في لبنان في الثمانينات خلال الحرب اللبنانية واقتتال المليشيات الطائفية؛ ولهذا لا أستغرب مذكرة الاعتقال اللبنانية، ولربما هناك شخصيات عديدة متورطة في العديد من مناطق التوتر في العالم أيام معمر القذافي".
وأضاف: "وفي تقديري أن هذه ستكون بداية لمذكرات قبض أخرى بحق أتباع القذافي، ولا تنس أن سيف القذافي مطلوب أيضا لدى محكمة الجنايات الدولية حتى الآن"، كما قال لـ"
عربي21".
من هو جلود؟
ولد
عبد السلام جلود في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1941، وهو أحد الضباط الوحدويين الأحرار، ورتبته رائد ركن، وشارك في انقلاب الفاتح من أيلول/ سبتمبر 1969، وتولى رئاسة الوزراء في الفترة من 16 تموز/ يوليو 1972 إلى 2 آذار/ مارس 1977.
وكان يعدّ الرجل الثاني في ليبيا بعد معمر القذافي حتى 1993، بعدها دب الخلاف بينه وبين القذافي، ليترك جلود المشهد الرسمي نهائيا. وبعد اندلاع ثورة الليبيين في 2011، هرب جلود خارج البلاد، وهاجم القذافي، وطالب برحيله.