نددت أحزاب وقيادات سياسية وناشطون في اليمن بحملة الاعتقالات التي شنتها القوات الأمنية المدعومة من دولة الإمارات في مدينة عدن، والتي تواصلت لليوم الثاني بحث كوادر وقيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح.
وارتفعت حصيلة المعتقلين الخميس إلى أحد عشر، حيث ذكر موقع "الصحوة نت" التابع لحزب الإصلاح، أن قوات أمنية داهمت فجر الخميس، منزل عضو المجلس البلدي في عدن، وهيب هائل، قبل أن تقوم باعتقاله.
وأعلن حزب الإصلاح الأربعاء، أنه "فوجئ بقيام عناصر أمنية تابعة لشرطة عدن التي يديرها، العميد، شلال شائع"، الذي يصنف بأنه "أحد رجالات الإمارات في عدن"، بمداهمة منزل الأمين العام المساعد للحزب - فرع عدن، محمد عبد الملك، في منطقة "القلوعة"، واعتقاله، وإغلاق المقر بعد طرد حراسته.
وشملت الاعتقالات، كلا من، عارف أحمد علي، عضو مجلس شورى الحزب، وأيمن شكيب، أحد القيادات التابعة له في المقاومة الشعبية، وسبعة آخرين.
من جهته، قال رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام، باسم الشعبي إن هناك صراعا معلنا بين دولة الإمارات وحزب الإصلاح، تبدو الأولى أكثر تطرفا تجاه وجود الحزب في السلطة الشرعية أو الحياة السياسية برمتها.
وأضاف الشعبي في حديث لـ"عربي21" أن أبو ظبي "لديها مخاوف غير واقعية ربما تقود البلاد إلى كارثة"، لافتا في ذات الوقت إلى أن حزب الإصلاح "فشل في الدفع بالسلطة الشرعية إلى إيجاد سلطة دولة في مدينة عدن، ولذلك يدفع ثمن سكوته وتعايشه مع إخفاقات الشرعية التي أدت إلى خلق سلطة موازية لها وتتحكم بالمدينة أمنيا".
ويرى الشعبي أن هناك "أبعادا خطيرة قد تفضي إليها حملة الاعتقالات والمداهمات، إذا لم تعالج، والتي تنفذها وحدات أمنية تفتقر للخبرة والمهنية وتنطلق في تنفيذ مهامها من دوافع سياسية صرفة".
وعن أفق هذه التطورات ودلالاتها، يشير الشعبي إلى أنها "من الخطورة بمكان لتستهدف الحياة السياسية والمدنية في عدن، بل تعمل على تجريفها لصالح منطقة العصبية والفوضى والتوجه الواحد".
أما من ناحية توقيتها، فينوه الشعبي إلى أنها تأتي "تزامنا مع احتفالات عدن بالذكرى السنوية لثورة 14 أكتوبر، في ظل مخاوف لدى المجلس الجنوبي الانتقالي من تنفيذ أعمال إرهابية قد تستهدف مكان الاحتفال".
بدوره، اتهم القيادي في حزب المؤتمر (الجناح المؤيد للشرعية) ياسر اليماني، السلطات الإماراتية بالتورط في حملة الاعتقالات التي طالت قيادات الإصلاح في مدينة عدن، معتبرا أن "الميليشيات التي نفذت عمليات الاعتقال ما هي إلا مجرد أدوات فقط".
وفي تصريح خاص لـ"عربي21" قال اليماني إن الإمارات "مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الاعتقالات، كما هي مسؤولة عن الاغتيالات التي تجري بين الفينة والأخرى في عدن"، واصفا ما تقوم به أبو ظبي في عدن والجنوب عموما بأنه احتلال واضح ومفروض على الجميع".
وكانت أحزاب وقوى سياسية يمنية عبرت في وقت سابق عن قلقها البالغ إزاء حملة الاعتقالات التي طالت قيادات حزبية وناشطين بالإصلاح بمحافظة عدن.
وقال بيان مشترك صادر عن حزب المؤتمر (الجناح المؤيد للرئيس عبدربه منصور هادي) والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب العدالة والبناء وحركة النهضة للتغيير السلمي، وحزب الرشاد، حزب التضامن الوطني، إنها "ترفض بشكل مطلق كل مظاهر الاستهداف السياسي وأعمال التضييق على الحقوق والحريات المكفولة في عدن".
وأعرب البيان المشترك عن أسفه "من تبعات هذه الحملة التي تتعرض لها قيادات بحزب الإصلاح"، محذرة من "تبعاتها على الحياة السياسية والتعددية الحزبية التي تعد أهم ركائز النظام السياسي في البلاد".
وأدانت الأحزاب الموقعة على البيان الاعتقالات، وقالت إنها "خارجة عن القانون (..) وكذا ممارسات وخطابات الشحن والتحريض المناطقية"، وحثت القوى السياسية الوطنية على "رص الصفوف لمواجهة الانقلاب والمخاطر التي تهدد الكيان الوطني والعمل من أجل استعادة الدولة".
كما دعا البيان إلى "إطلاق سراح القيادات التابعة لحزب الإصلاح فورا، ورد اعتبارهم وإخلاء مقر الحزب - فرع عدن، ومحاسبة من يقف وراء استغلال السلطات واستهداف الابرياء خلافا لأحكام القانون".
وتعيش مدينة عدن، وضعا أمنيا صعبا، في ظل سيطرة قوات ما تسمى بـ"الحزام الأمني" المدعومة إماراتيا على الملف الأمني فيها، حيث يقول سياسيون إنها "تقف حائط صد أمام تحركات الحكومة الشرعية، التي تبدو عاجزة عن إحداث أي تغيير في ملامح الحياة هناك".