أعلن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، الأحد، أنه لا يستبعد تعليق العمل بالحكم الذاتي في
كتالونيا إذا لم يتراجع قادة هذا الإقليم عن تهديداتهم بإعلان الاستقلال، وذلك في وقت شهدت البلاد، السبت، تظاهرات دعت إلى وحدة إسبانيا.
وفي رد منه على سؤال صحيفة "ال باييس" حول تطبيق المادة 155 من الدستور، التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كتالونيا، قال راخوي: "لا أستبعد شيئا، لكن يجب أن أفعل الأشياء في وقتها".
وأضاف راخوي: "أرغب في أن يتم بأسرع وقت ممكن سحب التهديد بإعلان استقلال" كتالونيا.
وكان عشرات آلاف المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع في أنحاء إسبانيا السبت، داعين إلى وحدة البلاد، ومطالبين بتحرك لحل الأزمة السياسية على خلفية خطط
الانفصاليين في كتالونيا إعلان استقلال إقليمهم الغني.
وتجمع متظاهرون يرتدون الأبيض أمام مباني البلديات في أنحاء إسبانيا؛ للمطالبة بعقد حوار لإنهاء الأزمة في كتالونيا.
وملأ حشد، جميعهم بلباس أبيض أيضا، ميدانا قريبا خارج مبنى بلدية مدريد، داعين إلى حوار ينهي الأزمة.
وقالت الستينية مارتي مورو: "أنا حزينة لرؤية وضع بلادنا، والرداءة التي تتعامل بها الحكومة".
كذلك، انضم نحو 50 ألف شخص إلى مسيرة "وطنية" نظمها ناشطون دفاعا عن وحدة إسبانيا، بحسب حكومة إسبانيا المركزية.
وهتفت مجموعة من المتظاهرين الشباب الذين ساروا نحو ساحة كولون متوجهين إلى رئيس الحكومة ماريانو راخوي بالقول: "راخوي أيها الوغد، دافع عن الوطن"، ولوحوا بأعلام إسبانيا وأخرى تحمل شعار نسر أسود يعود إلى حقبة الديكتاتور فرانثيسكو فرانكو.
وبعيدا عن هذه المجموعة، قال الكولونيل خاكوان بيناس (52 عاما) الذي كان يشارك في تظاهرة: "لقد وصل الوضع إلى نقطة تحول، وعلينا المشاركة بفاعلية في الدفاع عن قيم إسبانيا كأمة".
وظهرت بوادر خلال الأيام الأخيرة لمساع محتملة يبذلها الطرفان لنزع فتيل أسوأ أزمة تعصف بالبلاد منذ جيل، بعدما قدمت مدريد أول اعتذار الجمعة للكتالونيين، الذين تعرضوا لإصابات جراء محاولة الشرطة منع الاستفتاء.
لكن الضبابية لا تزال مهيمنة على البلاد، إذ لم يتراجع قادة كتالونيا عن خططهم لإعلان استقلال المنطقة.
في هذا السياق، أكد رئيس إقليم كتالونيا كارليس بوتشيمون أنه لم يجر "أي اتصال" بالحكومة الإسبانية لحل الأزمة.
وتعهد راخوي منع أي تحرك نحو الاستقلال، ورفض كل دعوات الوساطة في النزاع، الذي أثار قلقا في كل أنحاء إسبانيا، بما في ذلك في صفوف لاعبي كرة القدم من فريقي برشلونة وريال مدريد.
وقال راخوي، في مقابلة نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة "ال باييس"، إن "إسبانيا ستظل إسبانيا، وهي ستبقى كذلك فترة طويلة".
وشدد لاحقا أنه في حال تم إعلان استقلال كتالونيا، فإنّ "هذا الإعلان لن يؤدي إلى شيء".
وواصلت الشركات والحكومة ضغوطها الاقتصادية على كتالونيا، وأعلنت شركات كبرى عدة نيتها نقل مقارها إلى أنحاء أخرى من إسبانيا.
وكان بوتشيمون سيلقي كلمة أمام برلمان الإقليم الاثنين، إلا أنه أرجأها يوما واحدا.
ولم يتضح مضمون خطابه، إلا أن بعض المسؤولين أملوا في أن يستغل الفرصة لإعلان الاستقلال.
وفي حال أعلنت كتالونيا استقلالها، فيمكن لمدريد الرد عبر تعليق الوضع الحالي للإقليم كمنطقة حكم ذاتي، وفرض سلطتها عليها في شكل مباشر.
وواصلت الحكومة في مدريد ممارسة الضغوط على كتالونيا اقتصاديا؛ لثنيها عن مخطط الانفصال، إذ مررت الحكومة مرسوما يجعل من السهل على الشركات نقل مقارها من إقليم إلى آخر.
ونشرت الحكومة الكتالونية، الجمعة، النتائج النهائية للاستفتاء، والتي أشارت إلى دعم 90 بالمئة من الناخبين فكرة الانفصال عن إسبانيا، في اقتراع بلغت نسبة المشاركة فيه 43 بالمئة.
وأشارت استطلاعات صدرت في الآونة الأخيرة إلى أن الكتالونيين منقسمون حيال الاستقلال، رغم أن القادة أكدوا أن العنف الذي حصل أثناء الاستفتاء زاد حجم المعارضة للسلطات المركزية.
وتعود مطالبات كتالونيا، التي تملك لغتها وتقاليدها الخاصة، إلى قرون. إلا أن هذه المطالبات ازدادت خلال الأعوام الأخيرة على خلفية الأزمة الاقتصادية.