حذر
مؤرخ إسرائيلي من وقوع
أزمة بين الرياض وشركائها، وهو ما يستوجب استعداد "إسرائيل" لإمكانية نشوء ظروف جديدة في البحر الأحمر والمنطقة، على حد قوله.
ساحة صراع
وبعيدا عن الاهتمام السياسي والإعلامي، أوضح المؤرخ الإسرائيلي الخبير شاؤول شاي، الذي يتولى رئاسة قسم الأبحاث في "مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات" الإسرائيلي، أن "مسيرة جغرافية استراتيجية ذات آثار بعيدة المدى، تجري على الساحة الدولية والإقليمية؛ بمن فيها إسرائيل".
فخلال الفترة الواقعة ما بين أيلول/ سبتمبر 2014 وآذار/مارس 2015، "تمكن الحوثيين المدعومين من إيران، من السيطرة على صنعاء وميناء عدن، ومضيق باب المندب، إضافة لمناطق أخرى في اليمن".
وقامت
السعودية في آذار/ مارس 2015 بـ"الدخول في معركة ضد الحوثيين، جعلت من اليمن حتى اليوم ساحة صراع على الهيمنة الإقليمية، بين إيران وحلفائها والتحالف السني بقيادة السعودية"، بحسب شاي الذي أكد أن "العنصر المركزي في هذا الصراع؛ هو السيطرة على البحر الأحمر، باعتباره أحد أهم المسارات التجارية في العالم".
ولفت في مقال له بصحيفة "إسرائيل اليوم"، إلى أن مضيق باب المندب "يعتبر من مسارات الإبحار المكتظة في العالم، ففي كل يوم يمر عبره نحو 3.3 مليون برميل نفط من دول الخليج إلى أوروبا، كما يمثل أهمية للتجارة بين أوروبا ودول آسيا، وفي مركزها الصين، اليابان والهند".
مسار الابحار
وفي الوقت الذي تعتبر قناة السويس، "هي إحدى مصادر الدخل الأساسية لمصر، من المؤكد أن حرية الإبحار من البحر الأحمر لقناة السويس، هي مصلحة استراتيجية بالدرجة الأولى، كما أن المخرج للبحر الأحمر حيوي للعلاقات الاقتصادية بين إسرائيل ودول آسيا"، وفق المؤرخ الإسرائيلي.
وأشار إلى أن "إيران حاولت عبر الحوثيين السيطرة على مضيق باب المندب، وبالتوازي عملت على وجود مراكز تأثير سياسية واقتصادية بل عسكرية، في عدة دول تقع على الشواطئ الغربية للبحر الأحمر؛ مثل السودان ارتيريا".
وخلال الثلاث سنوات الماضية من حرب اليمن، أشار "شاي"، أن "التحالف السعودي نجح في السيطرة على منطقة باب المندب، وعلى الميناءين الهامين الواقعين شمالي مضيق باب المندب"، موضحا أن "المعركة العسكرية ما زالت بعيدة عن الحسم، ولا زال الحوثيون يهددون مسار الابحار؛ بالصواريخ والقوارب المتفجرة والألغام بحرية".
ورأى الخبير، أن التحالف السعودي في الساحة السياسية "حقق انجازات هامة، فمعظم الدول الأفريقية على شواطئ البحر الأحمر قطعت علاقاتها مع إيران (السودان، ارتيريا، جيبوتي والصومال)، في الوقت الذي أقامت السعودية والإمارات قواعد وموانئ عسكرية لها في هذه الدول، والتي تستخدمها في حربها باليمن".
عيون القوى
ومع توقيع الاتفاق عام 2016 بين الرياض والقاهرة، والذي قضى بعودة جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية، أشار المؤرخ الإسرائيلي أن "واقع جغرافي استراتيجي جديد بدأ بالتكوين في حوض البحر الأحمر، وهذا يعني سيطرة مباشرة وغير مباشرة من التحالف بقيادة السعودية – مصر شريك مركزي - على طول البحر الأحمر؛ من قناة السويس وتيران شمالا وحتى باب المندب جنوبا".
وأضاف: "يبدو أن بعض المقدرات الهائلة التي تستثمرها السعودية والإمارات ومصر في تعزيز أساطيلها، يستهدف ضمان السيطرة في المجال الاستراتيجي على البحر الأحمر"، مؤكدا أن "الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، لا تخفى عن عيون القوى العظمى، والمنطقة اليوم هي مركزا للمواجهة بين تلك القوى العظمى".
وقال شاي: "بينما تقيم أمريكا في جيبوتي القاعدة الأكبر لها في أفريقيا، أقامت الصين قاعدتها الأولى خارج حدودها في ذات الدولة، إضافة لقواعد فرنسية ويابانية"، معتبرا أن "الأفضل لإسرائيل أن يكون مجال البحر الأحمر، منطقة نفوذ للتحالف السني بقيادة السعودية ومصر على التهديدات الفورية الناشئة عن السيطرة الايرانية".
وذكر المؤرخ الإسرائيلي، أن "اليوم توجد مصالح مشتركة بين إسرائيل والتحالف العربي السني في جملة من المسائل الاستراتيجية؛ منها منع السيطرة الايرانية على حوض البحر الأحمر".
ومع وجود تلك العلاقات الاستراتيجية، شدد "شاي" على وجوب أن "تستعد إسرائيل لإمكانية نشوء وضع أزمة مع السعودية وشركائها، والمخاطر الناشئة عن تلك الظروف الجغرافية الاستراتيجية الجديدة".