نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا للسفير الأمريكي في الأمم المتحدة في إدارة جورج دبليو بوش،
جون بولتون، تحدث فيه عن تهديدات
ترامب بالانسحاب من
الاتفاقية النووية الموقعة مع
إيران.
ويبدأ بولتون مقاله بالإشارة إلى ما نصح به السيناتور بول لاكسالت، رئيس الفلبين فرديناند ماركوس عام 1986، يحثه على الاستقالة والهروب من مانيلا؛ بسبب الاضطرابات المدنية الواسعة في البلاد، حيث قال له: "اقطع واقطع جيدا"، لافتا إلى أن "هذا السيناتور الجمهوري عن نيفادا كان أفضل أصدقاء الرئيس رونالد ريغان في الكونغرس، وعرف ماذا يريد رئيسه، وقالها بشكل مباشر، كما هي حال سكان غرب أمريكا".
ويقول بولتون إنه يمكن للرئيس ترامب الاستفادة من نصيحة لاكسالت اليوم، بخصوص الصفقة التي توصل إليها سلفه باراك أوباما عام 2015 مع إيران، "فرجال الدين الإيرانيون يستخدمون إبداعات أوباما لشرعنة دولتهم الإرهابية، ويسهل (ويخفي) برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، والحصول على موارد مهمة من شركائهم المغفلين في المفاوضات".
ويرى الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "القرار الحقيقي الذي يجب أن يتخذه ترامب يتمحور في أن يفي بوعده الانتخابي ويخرج أمريكا تماما من هذه الهزيمة الاستراتيجية، حيث قام ترامب الأسبوع الماضي بتجريح الصفقة ووصفها بأنها (محرجة)، وبأنها (واحدة من أسوأ الصفقات التي دخلتها الولايات المتحدة وأكثرها أحادية)".
ويتهم بولتون مؤيدي الاتفاقية بالتعتيم على هذه الحقيقة المركزية، بالقول إن الانسحاب التام منها صعب ومعقد، لكنهم يعتمدون على فقرة في الاتفاقية، وهي أنه يجب على الرئيس أن يصادق كل 90 يوما للتأكيد بأنها تخدم المصالح الأمنية الأمريكية، للقول بأن على الرئيس البقاء داخل الاتفاقية، دون أن يصادق عليها في المرة القادمة في تشرين الأول/ أكتوبر.
ويعلق الكاتب قائلا: "هذه الاستراتيجية هي عبارة عن خدعة لم يحسن أصحابها إخفاءها، تستخدم لتسمح لهم بأن تمر رئاسة ترامب ليحيوا الاتفاقية فيما بعد، والتناقض في الموضوع أن المؤيدين لا يدعون أن الاتفاقية تعود بالفائدة، بل إنهم يعترفون بأن فيها أخطاء كثيرة، لكنهم يحتجون بأن بالإمكان جعلها أقوى وقابلة للمتابعة والتطبيق الدقيق، أو إن كانت هناك رغبة بالمزيد فإنها يمكن أن توسع أو ترمى للكونغرس، أو تؤجل خلال أزمة
كوريا الشمالية".
ويشير بولتون إلى ما قاله ريتشارد نيكسون خلال "ووترغيت": "أريدكم أن تغطوها (الخطة)، ودعوهم يلجأون للبند الخامس، غطوها أو قوموا بأي شيء آخر إن كان سينقذها (الخطة)".
ويقول الكاتب: "من هنا، فإن على ترامب ألا يخدع، فالقضية ليست قضية مصادقة، إنما القضية هي إن كنا سنحمي المصالح الأمريكية ونحطم الوهم بأن صفقة أوباما تحقق أهدافها، أو بدلا من ذلك نتمنى الأفضل بخوف، ونتعامل في الوقت ذاته مع العدو، كما يفعل الأوروبيون، ومن الذكاء الزائد توظيف الجدل في القضايا قليلة الأهمية لتجنب مواجهة الواقع".
ويلفت بولتون إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2231 يتضمن الاتفاقية، ويتضمن ملحقين: خطة العمل الشاملة المشتركة ذاتها، وبيان من الأطراف المفاوضة الأخرى حول "الشفافية.. وخلق جو مساعد"؛ لتطبيق بنود الخطة كلها، مشيرا إلى أنه تمت كتابة القرار 2231، وخطة العمل الشاملة المشتركة، والبيان بالكلمة مع إيران، "حيث عملت كل من روسيا والصين ككاتبي عدل لطهران في البيان".
ويقول الكاتب: "ومثل سياسة المال مقابل إطلاق سراح الرهائن، التي سعى أوباما جاهدا ليخفيها، فإن هذا الإخراج للاتفاقية ليس مجرد مجاملة دبلوماسية، بل إنه يعني أن برنامج الصواريخ الباليستية متضمن في الاتفاقية، خاصة أن تلك الصواريخ ستستخدم لحمل الرؤوس النووية".
ويقول بولتون إن "رجال الدين الإيرانيين ليس لديهم استعداد لمناقشة حتى فاصلة في الاتفاقية، لماذا يفعلون ذلك عندما تكون لصالحهم تماما؟ فكل من القرار 2231 والبيان، مثلا، (يدعوان) إيران لأن تتخلى عن الأنشطة المتعلقة بـ(الصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على حمل الأسلحة النووية)، وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير له إن إيران تخرق هذا البند ضمنيا وتكذب بخصوصه، لكن لغة الاتفاقية تسمح لإيران بالادعاء رسميا بأن صواريخها ليست (مصممة) لحمل رؤوس نووية، وهو ادعاء يحتاج إلى أجهزة كشف كذب وخبراء نفسيين، وليس تفيش أسلحة، وهذه ثغرة نصية واحدة من بين الكثير".
ويضيف الكاتب: "إن فسدت الاتفاقية فإن طهران لن تكون أكثر حرية مما هي الآن للسعي نحو تطوير أسلحة نووية وصواريخ باليستية، وليس فقط لأن نظام الالتزام الدولي هو أبعد ما يكون عما وعد به أوباما من تفتيش (في أي زمان وأي مكان)، فاللغة ملتبسة وغامضة، بل إن مفاوضي أوباما شلوا أي تحقق دولي بتسليمهم مسبقا بخصوص ما سمي بحساسية (أبعاد عسكرية محتملة) لبرنامج إيران النووي".
ويتابع بولتون قائلا إن "المنطق الاقتصادي البسيط يقول إن علماء طهران النوويين ربما يتمتعون بضيافة بيونغ يانغ أبعد مما تسمح إمكانيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحسسه، ويمكن للمخابرات الأمريكية أن تكون في الظلام إن كانت إيران تستأجر مرفق تخصيب لليورانيوم تحت جبل من جبال كوريا الشمالية، ومن الزيف القول إن أزمة كوريا الشمالية النووية يجب أن تؤجل التصرف تجاه الصفقة مع إيران؛ لأن الاستنتاج يجب أن يكون العكس تماما، فالفشل في التحرك بحزم تجاه إيران يجعل من تهديد انتشار الأسلحة النووية على نطاق عالمي أوسع أكثر سوءا".
ويبين الكاتب أن "وكالة الطاقة الذرية فسرت تنازل أوباما بخصوص الأبعاد العسكرية المحتملة، بأنه يجب توفر أدلة جديدة قبل محاولة زيارة القواعد العسكرية في طهران، التي قد تكون العمل الحقيقي للتسليح وصناعة الصواريخ -إن لم يكن تحت جبل في كوريا الشمالية- وتسبب أوباما بتنازله بعجز الوكالة عن قيامها بواجبها في التفتيش".
ويختم بولتون مقاله، بالقول: "ربما تكون أتفه حجة هي أن يترك الأمر للكونغرس للبت في مستقبل الاتفاقية، وما إذا كان يجب فرض العقوبات ثانية على إيران، فإن كان الرئيس غير قادر على حل مثل هذه المشكلة، فإنه ما كان يجب عليه التقدم إلى هذه الوظيفة".