علاقة توتر متصاعدة بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين "الأونروا"، وبين ممثلي اللاجئين في الضفة الغربية، في ظل قرار الوكالة الأخير بإغلاق بعض أقسام مستشفى قلقيلية، واستمرار تقليصها لخدمات اللاجئين وبرامجها الإغاثية، علما بأن العلاقة كانت مشحونة في فترات وسنوات سابقة، لكن العلاقة مؤخرا أضحت تصادمية.
الوكالة أرجعت تقليص خدماتها إلى تراجع دعم الدول المانحة لبرامجها الإغاثية، وهو المبرر الذي رفضه عضو اللجنة المركزية لمواجهة سياسات وكالة الغوث، أحمد شامخ، الذي يرى أن "هناك مشروعا لتصفية قضية اللاجئين عبر محاولات استهداف تعبيراتها وشواهدها، وهذا المشروع قديم وجديد لكنه الآن في أخطر محطاته".
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن "مطالب جموع اللاجئين هي العمل على استعادة كل ما سلب، وتطوير مستوى ونوعية وجودة الخدمات في مجالاتها المختلفة".
وطالب شامخ، مدير العمليات في "الأونروا" سكوت أندرسون بالاستقالة، وأوضح قائلا: "طالما لم يعلن عن سحب وإلغاء كافة قراراته وسياساته التي هي ترجمة حرفية لإملاءات حكومة الاحتلال، وما لم يتقدم بخطة متكاملة لتطوير الخدمات في كافة مناحي خدمات الوكالة وما لم تكن لديه الجاهزية، فليرحل".
وشدد شامخ على أن "جميع اللاجئين متمسكون بالثوابت الوطنية المتعلقة بحق العودة، والتأكيد على حقهم في استرداد ما سلب من حقوقهم كلاجئين، والعمل على تطوير مستوى الخدمات المقدمة من الوكالة كما ونوعا".
بدوره أبدى الناطق الرسمي لـ"الأونروا" سامي مشعشع تفهمه للاحتجاجات، وقال لـ"
عربي21": "هذه الإشكاليات حقيقية، ونتفهم قلق الشارع حول بعض سياسات الوكالة (...) نعاني من ظروف صعبة للغاية".
وأرجع السبب إلى العجز المالي، الذي اعتبره "أكبر عجز يصيب الوكالة منذ سنوات طويلة، والسبب أن عدد المستفيدين من هذه الخدمات يزداد بشكل كبير بسبب حالة الفقر التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني، كما أن التبرعات لا تتساوى مع هذه الاحتياجات، لذلك ندرك غضب الجماهير الفلسطينية"، مؤكدا أن الوكالة تعمل على إيجاد حلول مالية للتخلص من العجز.
وأوضح أن الوكالة "تعمل منذ فترة طويلة مع جهات دولية مثل البنك الدولي، وجهات أخرى، وأيضا مع الدول المتبرعة لإيجاد حلول متوسطة إلى بعيدة المدى للأزمة المالية للوكالة.. في نهاية العام سنلتمس هذه النتائج".
إلا أن منسق اللجنة الوطنية لعودة اللاجئين الفلسطينيين "سنعود"، عماد اشتيوي، اتهم الوكالة باتباع سياسات وصفها بـ"الظالمة"؛ وقال في حديثه لـ"
عربي21": "وكالة الغوث الدولية بسياساتها الظالمة تستهدف اللاجئين الفلسطينيين، وصولا لتسليم الوكالة تحت وصاية وإدارة شخوص منحازين تماما للسياسة الأمريكية التي تقف بوجه حقوق الشعب الفلسطيني".
ودعا إلى "مقاطعة مدير عمليات الوكالة في الضفة الغربية بصفته وشخصه، وحرمانه من دخول المخيمات والمدن الفلسطينية، ومواجهة السياسة الجديدة القديمة لوكالة الغوث، والالتزام بالتفاعل الوطني والشعبي حول البرامج والخطوات والقرارات التي تتخذها وتحويلها إلى ترجمات حقيقية على الأرض".
ووجه رسالة بأن "الحراك الوطني والشعبي في الشارع الفلسطيني سيتصاعد وسيستمر حتى تعود الوكالة عن خطواتها وقراراتها الظالمة"، وفق تعبيره.
ونوه إلى أن اللجنة الوطنية، أقرت برنامجا بالتعاون مع فصائل العمل الوطني ودائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية بالمخيمات والمدن، برنامج فعاليات وطني وشعبي في مواجهة ما سماها "المؤامرة الدولية الخطيرة التي تقف من ورائها إسرائيل وأمريكا".
وفي بيان لاحق لـ"الأونروا"، وصل "
عربي21" نسخة عنه، استنكرت فيه ما سمتها "الاتهامات الباطلة الموجهة لها والتهديدات المرفوضة بحق عامليها".
وأضافت: "ترافق مع تلك الاتهامات في بعض الأحيان، استخدام لغة التخويف ضد العاملين ودعوات لإلحاق الإضرار بممتلكات الأونروا. وقد تضمنت بعض من هذه البيانات الإعلان عن إجراءات هدفها عرقلة عمل الأونروا وخدماتها الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية".
وقالت إن أي "محاولة لعرقلة أعمال الأونروا ومنعها من تقديم خدماتها للمستفيدين منها بين جموع اللاجئين تشكل مخاطر جدية بحق اللاجئين المعتمدين على الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية، بحسب ولاية الأونروا الخاصة والممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وسرعان ما ردت اللجنة المركزية لمواجهة سياسات وكالة الغوث في الضفة الغربية، في بيان وصل "
عربي21" نسخة عنه، اعتبرت ما جاء في بيان الوكالة "ادعاءات كاذبة" ومحاولة لحرف النظر عن حقوق اللاجئين، و"تحريض" ضد الشعب الفلسطيني، ومحاولة للمساس بوجهه الحضاري.
وأضافت، "إن ممارستنا لحق الاحتجاج والتصدي لسياسات الوكالة التي لا تقف عند حدود استهداف الخدمات بشكل ممنهج بل وتتعداها لمحاولة المساس بحقوقنا الوطنية، لهي حق مشروع لن نتراجع عنه، وستتوالى خطواتنا التصعيدية وصولا لنيل حقوقنا، وإحباط مخطط تذويب قضية اللاجئين". وتابع البيان: "أبسط حقوقنا هي حقنا في رفض استقبال أو لقاء أو حتى السماح بزيارة أي مسؤول في الوكالة سمح لنفسه بأن (يُستَخدَم) لتمرير أهداف وسياسات تتناقض تماما مع ما يفترض أن يحمله من رسالة إنسانية، مع تأكيد حرصنا على تعبيرات وجود الوكالة، وأن معركتنا ليست مفتوحة على دورها ووجودها بقدر ما هي معركة ضد من يحاولون المساس بحقوقنا الوطنية والخدماتية".
وأشارت إلى أن "تهديدات" الوكالة بإمكانية استنكاف الوكالة عن أداء دورها، هي "محاولة ابتزازية لتركيعنا".
وكانت إسرائيل والولايات المتحدة مارستا ضغطا في تموز/ يوليو الماضي، أسفر عن إحباط مشروع في الأمم المتحدة لزيادة "الأونروا"، ونتج عن ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة شطبت من جدول أعمالها مشروع قرار قدمه الفلسطينيون وتحالف الدول النامية لزيادة موازنة (الأونروا)، بحيث يتم استقطاع هذه الزيادة من الموازنة العامة للمنظمة لتمكين "الأونروا" من القيام بأنشطتها في مناطق عملياتها الخمس لصالح اللاجئين الفلسطينيين.
ولطالما دعت الحكومة الإسرائيلية صراحة ومرات عدة إلى تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".