تتجه الحكومة
التونسية إلى فرض ضرائب جديدة وزيادة نسب ضرائب حالية، مطلع العام المقبل، لتعزيز إيراداتها المالية، أمام ضعف مؤشرات النمو الحالية، وتفاقم
العجز التجاري، والانحدار المستمر للدينار التونسي.
ويقترح مشروع الموازنة العامة لسنة 2018 زيادة في الضرائب، ويشمل ذلك ضريبة القيمة المضافة، والضرائب على الأجور والدخل، إلى جانب إقرار مساهمة اجتماعية عامة توظف على الدخل.
ووفق إحصائيات رسمية، بلغ معدل نمو
الاقتصادي التونسي 1.9 بالمائة نهاية النصف الأول من العام الحالي، وسط توقعات ببلوغه 2.5 بالمائة على مدار العام بأكمله.
وتشير مسودة الموازنة إلى نفقات جارية بحدود 36 مليار دينار تساوي نحو 14.5 مليار دولار، أي بزيادة مليار دولار عن الموازنة السابقة، فيما يتوقع أن يبلغ الدين العام 70 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويزداد الوضع في تونس سوءا مع زيادة عجز
الميزانية إلى مستوى 5.7 بالمائة مع نهاية أغسطس/ آب الماضي من الناتج المحلي.
العجز التجاري
وتفاقم عجز الميزان التجاري، الذي وصل إلى مستويات قياسية، عند 10 مليارات دينار بما يعادل 4.1 مليارات دولار، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، بزيادة 22 بالمائة عن الفترة المقابلة.
ومع زيادة كتلة الأجور بشكل لافت، بات الوضع أكثر صعوبة، فضلا عن فقدان قيمة الدينار التونسي ما نسبته 20 بالمائة من قيمته منذ بداية العام الجاري.
وتستعد الحكومة بقيادة يوسف الشاهد، إلى فرض ضرائب جديدة تمس تقريبا كل الشرائح دون استثناء، ما قد يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين وغلاء الأسعار، بحسب خبراء اقتصاديين.
ووفقا للوثيقة الأولية لمشروع الموازنة الجديدة، فإن العام المقبل سيشهد زيادة في ضريبة القيمة المضافة، من 12 إلى 19 بالمائة بزيادة 7 نقاط كاملة.
وتهم هذه النسبة العمليات والخدمات من قبل أصحاب المهن الحرة والسيارات السياحية الشعبية وبعض المنتجات البترولية.
زيادة الضرائب
وتعد الضرائب الجديدة والزيادة على الضرائب الحالية، منفرة للاستثمارات الحالية والجديدة، ما يضع الاقتصاد المحلي أمام أزمة جذب الاستثمارات، والاعتماد على الجباية الضريبية، لتحسين الإيرادات، وفق خبراء.
واستنادا إلى الوثيقة الأولية للموازنة، ينتظر تسجيل زيادة في الأداء على القيمة المضافة بنقطة من 6 إلى 7 بالمائة مع تسجيل زيادة في الأداء على القيمة المضافة من 18 إلى 19 بالمائة، إذ أن أغلبية المنتجات ستخضع إلى 19 بالمائة.
وينتظر أيضا للعام الثاني على التوالي، زيادة نسبة الجمارك على الاستهلاك الموظف على بعض المنتجات، التي ستشمل المشروبات الكحولية والتبغ والسيارات السياحية وبعض المنتجات الأخرى.
ومن ضمن الإجراءات الأخرى المقترحة، التي سيكون لها تأثير مباشر على المواطن، الترفيع في الرسوم المستوجبة على أصحاب السيارات الخاصة وذات النفعية بنسبة 25 بالمائة.
كما تتجه النية إلى إحداث رسم إضافي على السفر 60 إلى 80 دينارا (من 25 إلى 33 دولارا).
ولم تستثن الإجراءات المزمع اتخاذها ضمن المشروع الجديد، قطاع التأمين من 5 إلى 6 بالمائة لأخطار الملاحة الجوية والبحرية، ومن 10 إلى 12 بالمائة بالنسبة للأخطار الأخرى.
مساهمة اجتماعية
ومن الإجراءات الهامة المقترحة ضمن مشروع قانون المالية، إحداث مساهمة عامة اجتماعية بنسبة 1 بالمائة على الدخل الخاضع للضريبة.
وسيقع توظيف هذه المساهمة على أساس سد العجز في الصناديق الاجتماعية التي تشكو عجزا ماليا هاما فاق 1900 مليون دينار تساوي نحو 791 مليون دولار.
وبحسب تصريحات إعلامية لرؤساء المنظمات المهنية في تونس - وبخاصة المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف - الذين تم إعلامهم بمحتوى الإجراءات الجبائية الجديدة المقترحة، فقد أبدوا تحفظات كبيرة على المقترحات الجديدة وأبلغوا ممثلي الحكومة رفضهم القطعي لعدد منها.
وتظهر المؤشرات الأولية أن الجدل والنقاش سيكون محتدما وقويا بين الحكومة والمنظمتين، بشأن الضرائب المفروضة خاصة تلك المتعلقة بالمساهمات الاجتماعية.
ودستوريا، فإن الحكومة مطالبة بإيداع مشروع الموازنة الجديدة يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام إلى البرلمان، للشروع في دراستها ثم المصادقة عليها يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر.