ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش وهي أكبر منظمة حقوقية دولية في تقريرها الأخير والمعنون بـ"نحن نفعل أشياء غير معقولة هنا" والضمير عائد على السيسي وقوات الأمن المصرية أن السيسي قد منح قوات الأمن المصرية الضوء الأخضر لممارسة بممارسة التعذيب ضد المعتقلين في مصر.
وأكدت المنظمة أنه توفر لديها من الأدلة ما يرجح أن ما قام به النظام يرقى لجريمة ضد الإنسانية، ثم طالبت المنظمة بتدخل المدعي العام الدولي لفتح تحقيق في الموضوع بعد أن امتنعت النيابة المصرية المتواطئة حسب ما جاء في تقرير المنظمة عن القيام بمهمتها بل إنها أي النيابة المصرية متورطة في بعض حالات التعذيب.
ثم جاء تقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بعد يومين أو ثلاثة من تقرير هيومن رايتس ووتش ليدين ولأول مرة النظام الانقلابي في مصر بارتكاب جريمة التعذيب وفق منهجية واضحة المعالم من حيث المكان والزمان.
هذه أول مرة تقوم فيها منظمة أممية بإدانة نظام السيسي في قضية محددة وهي التعذيب الذي أصبح وباء محليا على حد وصف تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، وهذه هي ثاني مرة تخرج هيومن رايتس ووتش مطالبة بمحاكمة السيسي وقيادات الجيش والشرطة.
بالمناسبة فتقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة قدمت في تقريرها ما يفيد بتورط العسكريين جنبا إلى جنب مع الشرطة ومسؤولي السجون المصرية وهذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش أو بعض قياداته في التعذيب من قبل منظمة أو لجنة تابعة للأمم المتحدة.
ماذا يعني لي على الأقل ما جاء في التقريرين السابقين؟
استعرضت مع ضيوفي في برنامجي "مع زوبع" وعلى مدار ثلاث حلقات في الأسبوع الماضي كيفية استثمار ما حدث لتحريك القضية أمام المحاكم في خارج مصر ثم خرجت وبتوفيق الله فكرة نتمنى أن ترى النور وهي إنشاء مفوضية أو صندوق مصري لمكافحة التعذيب في مصر ـ فلأول مرة يتم إدانة النظام ووضعه في قفص الاتهام دون أن يقدم للمحاكمة ولأول مرة يجد الحقوقيون في الصف الثوري الفرصة سانحة للتحرك كصف واحد خلف قضية كما يقولون جاهزة ومضمونة مائة في المائة.
والحقيقة أن المشاهدين قد أبهروني برسائلهم وتضامنهم وتفاعلهم مع الفكرة لكونها فكرة إنسانية راقية وعمل قد ننتصف به للمظلومين في مصر والواقعين تحت سيف التعذيب ليل نهار، وبالمناسبة فالأمر مكرر ومعاد في بعض الدول العربية وخصوصا الداعمة للإنقلاب.
وصلتني رسائل تبعث على القول بأن الشعب المصري والعربي لا يزال بخير وأستطيع القول إن الشارع المصري الذي تعاطف وأعلن جاهزيته للتبرع ولا يزال يلاحقنا في البرنامج صباح مساء طلبا لمعرفة كيفية المساهمة وتقديم الدعم للفكرة الجديدة (المفوضية أو الصندوق) أن الشارع كان أسبق وأكثر وعيا من كثير من النخب الثورية والسياسية التي تلكأ بعضها عن إصدار بين يعلق فيه على تقريري هيومن رايتس ووتش ولجنة مكافحة التعذيب.
وخلال الفترة القليلة الماضية عكفت مع مجموعة من المعنيين بالشأن الحقوقي من أجل العمل والتعاون مع الجميع لكي تظهر المفوضية المصرية لمكافحة التعذيب إلى النور ولأول مرة كما قال كثيرون ممن تواصلوا معي يكون هناك إجماع أو شبه إجماع على فكرة دون خلاف سياسي كما يحدث في كل مرة.
الآن ما هي المفوضية وما الدور المطلوب منها؟
المفوضية هي مؤسسة حقوقية غير ربحية معنية بملاحقة مرتكبي جريمة التعذيب في مصر وجلبهم بقدر المستطاع إلى ساحات المحاكم الإقليمية والدولية أو محكمة الجنايات الدولية، ولكي تصل إلى ذلك فستقوم المفوضية بالتواصل مع المؤسسات الحقوقية والمنظمات الإنسانية في عواصم العالم الكبرى وستقدم للعالم المزيد من الأدلة والشهادات الموثقة من أصحابها الذين نالهم قسط هائل من التعذيب في مصر قبل أن يتمكنوا من الخروج منها.
تقوم المفوضية بالتواصل مع الحكومات والمنظمات الزميلة في بعض دول العالم، وتشجع الضحايا على البوح بما لديهم من تجارب على مرارتها من أجل وقف هذه الجريمة وجلب مرتكبيها لساحات العدالة إن لم يكن اليوم فغدا إن شاء الله.
ماذا نريد منك عزيزي المواطن المصري والعربي؟
نريد منك التواصل مع المنظمة فور إشهارها وتقديم شهاداتك إن كنت من أصحاب التجارب المريرة مع النظام المصري في أي لحظة من لحظات حياتك.
نريد منك أن تدعم المنظمة وتوفر لها ما تحتاجه من دعم تقني وإعلامي ومالي ولوجستي حتى تتحول الفكرة إلى واقع، وتتحول قضايا التعذيب إلى قضية الجميع، تتحول إلى قضية تهز الضمير، قضية يستحيل دفنها بل يتم ملاحقة مرتكبيها وحصارهم حين تطأ أقدامهم أرض مطارات العالم.
لقد أوضح كل من الشيخ المحترم والعالم الجليل د. محمد عبد المقصود والدكتور عطية عدلان والشيخ محمد الصغير والشيخ عصام تليمة أهمية ووجوب دعم مثل هذا الصندوق أو المفوضية، كما أبدى الدكتور صفي الدين حامد رئيس مركز العلاقات المصرية الأمريكية دعم المركز لتقديم الدعم اللازم للفكرة. ناهيك عن العديد من الحقوقيين وعلى رأسهم الأستاذ علاء عبد المنصف رئيس المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان والناشط الحقوقي هيثم أبو خليل عن وقوفهم مع المشروع ودعمه حتى يرى النور.
بقي دور السياسيين وعلى رأسهم المنصات الثورية وبرلمان الخارج وتحالف دعم الشرعية ومنصات الإخوان المختلفة لكي يدلوا بدلوهم حتى لا يفوتهم شرف الدفاع عن المظلومين خلف القضبان أو الضحايا الذين ينتظرون لحظة القصاص ولو القانوني.
المفوضية المصرية لمكافحة التعذيب حلم سيتحقق إن شاء الله تعالى.