سياسة عربية

منظمّات دولية وتونسية ترفض قانون المصالحة وتطالب بسحبه

أرشيفية
طالبت منظمات دولية وتونسية بسحب قانون المصالحة الإدارية الذي صادق عليه البرلمان التونسي، الأربعاء، معتبرة أنّه يُكرس انتهاكا لمبدأ المساواة، ومطالبة بطرح أسس مصالحة أخرى.

ونددت منظمة الشفافية الدولية بمصادقة مجلس نواب الشعب في تونس على قانون المصالحة الإدارية، الذي "يمنح عفوا عن أفراد ارتكبوا جرائم نهب للمال العام والثروات"، مطالبة بـ"طرح أسس مصالحة أخرى".

وتابعت بأن المستشارة الإقليمية للشفافية الدولية في المنطقة العربية، كندة حتر، اعتبرت أن "إصدار عفو في قانون المصالحة الجديد يعطي أملا للفاسدين أينما كانوا بأن الإفلات من العقاب وارد وممكن".

ضد محاسبة الفاسدين

كما طالبت المنظمة بالشروع في "فتح حوار وطني واسع بين الجهات الرسمية وغير الرسمية الفاعلة؛ من أجل تحقيق العدل والمحاسبة والسلم المجتمعي".

ودعت في بيان نقلته وكالة أفريقيا للأنباء الرسمية، الخميس، إلى "سحبه (القانون) وصياغة قانون آخر يحقق العدل للشعب التونسي".

واعتبرت المنظمة أنّ "المصادقة على قانون المصالحة سيوقف ويمنع محاكمة المسؤولين وشركائهم الفاسدين عندما يفصحون عن الثروات التي نهبوها"، مُذكرة بأنها كانت ضد هذا القانون منذ اقتراحه.

وبينت أن "التونسيين خسروا في هذه الخطوة إحدى أهم ركائز حربهم ضد الفاسدين"، ملاحظة أن "البرلمان التونسي صوّت ضد محاسبة الفاسدين كأحد أهم أسباب ثورة 2011 ومطالبها"، وفق نص البيان.

وأوضحت المنظمة أن هذا القانون "سيعيق مجرى التحقيقات وتحديد القيمة الحقيقية للأموال المنهوبة، وسيسمح للفاسدين بإخفاء ثرواتهم وعدم إحقاق العدالة".

خطأ جسيم

وفي سياق متصل، دعا مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس أعضاء مجلس نواب الشعب إلى "تدارك ما صدر عنهم من خطأ جسيم في حقوق الشعب ومكتسباته، والطعن في القانون المعني".

وعبّرت الهيئة عن رفضها للقانون الأساسي المتعلق بالمصالحة الإدارية، لافتة في بيان وقعه عميدها عامر المحرزي، ونشرته في فيسبوك، الخميس، إلى أنّ منظمات المجتمع المدني يبقى لها الحقّ في التصدي لهذا القانون عبر كافة الوسائل القانونية المتاحة.

ووصفت هيئة المحامين المصادقة على مشروع القانون "بالانتهاك الواضح لمبدأ المساواة أمام القانون بين عموم أفراد الشعب، باقتصاره على فئة معينة، فضلا عن انتهاكه مبدأ سيادة القانون بإقرار تعطيل قوانين جزائية نافذة".

تبييض الفساد

وانتقدت ما اعتبرته "عدم احترام القانون لأسس العدالة الانتقالية، وتكريسه الإفلات من العقاب، وعدم محاسبة الفاسدين على نهب ثروات البلاد، بالإضافة إلى أنه لا يدعم ثقة المواطن في القانون وفي مؤسسات الدولة، ويشجع على سلوك النهج ذاته".

واعتبرت تمرير القانون والإصرار على ذلك "تبييضا للفساد، والتفافا على مسار العدالة الانتقالية، وانتكاسة لمسار الانتقال الديمقراطي"، وفق نص البيان.

وأشارت إلى أن القانون المصادق عليه من مجلس نواب الشعب لا يكرس الفصل بين السلط، ولا يحترم السلطة القضائية.

وقالت إن لجنة المصالحة تسيطر عليها السلطة التنفيذية، "ما يعني خضوعها إلى المصالح السياسية وللأطراف الحاكمة، وهو ما يعتبر خرقا خطيرا للدستور"، بحسب البيان.

خذلان للثورة

من جانبها، أكّدت الجمعية التونسية للمحامين الشبّان رفضها القطعي لقانون المصالحة في المجال الإداري، "باعتباره خرقا صارخا للدستور ولقانون العدالة الانتقالية ولمنظومة كشف الحقيقة".

واعتبرت في بيان وقعه رئيسها ياسين اليونسي، ونشرته على صفحتها الرسمية في فيسبوك، أن المصادقة "خذلان للثورة ومبادئها، وخيانة لدماء الشهداء، ويدل على غياب أي إرادة جدية لمقاومة الفساد، وخطوة إلى الوراء في مسار الإصلاح والمحاسبة".

وجدّدت رفضها القطعي لهذا القانون، "باعتباره خرقا صارخا للدستور ولقانون العدالة الانتقالية ولمنظومة كشف الحقيقة، وحرمانا للشعب من فرصة تاريخية للوقوف على حقيقة الفساد في الإدارة ومؤسسات الدولة، علاوة على كونه يؤسس لسياسة الإفلات من العقاب".

إسقاطه دستوريا

وقالت الجمعية إنها تضع جميع كفاءاتها وخبراتها القانونية على ذمة كافة القوى الحية؛ للتصدي لهذا القانون، والسعي لإسقاطه دستوريا بشتى الوسائل القانونية، معتبرة أنّ الهيئة المديرة للجمعية بحالة انعقاد دائم.

وصادق البرلمان التونسي، الأربعاء، بعد جلسة صاخبة، على قانون المصالحة في المجال الإداري، المثير للجدل، كان اقترحه الرئيس الباجي قايد السبسي، في 2015.

ويسمح القانون لنحو 1500 موظف في الدولة وأشباههم التمتع بالعفو في قضايا حصلت بين حزيران/ يوليو 1955 وكانون الثاني/ يناير 2011، وتتعلّق هذه القضايا بـ"الفساد المالي؛ جرّاء تنفيذ تعليمات سلطة العهد البائد".