شهدت الشهور الأخيرة تخلص قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي من أهم رجال الفريق أحمد
شفيق، الذي يعد أبرز منافسيه المحتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بحسب مراقبين.
وكانت البداية بالإعلامي المثير للجدل وعضو البرلمان توفيق
عكاشة، الذي تعرض لانتقام شرس من جانب النظام، بعد أيام من تقدمه بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء شريف إسماعيل العام الماضي، حول أسباب منع شفيق من العودة للبلاد على الرغم من عدم إدانته في أي قضية.
واستغل النظام استقبال عكاشة للسفير الإسرائيلي في بيته في شباط /فبراير 2016، ليطيح به من البرلمان ويغلق قناته الفضائية، ويمنعه من الظهور العلني منذ ذلك الحين فيما يشبه الإقامة الجبرية.
ومنذ ثلاثة أشهر تقريبا، انتقم السيسي أيضا من الإعلامي وائل
الإبراشي الذي استضاف شفيق في برنامجه في حزيران/ يونيو الماضي، ومنحه الفرصة لمهاجمة السيسي واتهامه بالخيانة بسبب تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير، وبعد هذه الحلقة تم وقف برنامجه ومنع من الظهور الإعلامي إلى الآن.
ومؤخرا، جاء الدور على الضحية الثالثة من الإعلاميين المؤيدين لشفيق، وهو الصحفي وعضو البرلمان
عبد الرحيم علي، المقرب من جهاز المخابرات العامة، الذي يتعرض لحملة تشويه غير مسبوقة في وسائل الإعلام المؤيدة للسيسي، بالإضافة إلى حملة توقيعات داخل مجلس النواب لإسقاط العضوية عنه، استغلالا لتقرير هاجم فيه النظام بسبب السماح لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالهرب من حكم قضائي.
محاولات يائسة
وفي محاولة للاحتماء بالأجهزة الأمنية التي يتبعها، كتب عبد الرحيم علي في سلسلة مقالات في صحيفة "البوابة نيوز" التي يترأسها، استعرض فيها تاريخه المهني والسياسي والخدمات التي قدمها لجهاز المخابرات، ناقلا عن أحد قادة الجهاز قوله إن عبد الرحيم علي يستحق أن يقام له تمثال في مبنى المخابرات.
وبعد أن أدرك عبد الرحيم علي، أن رقبته أصبحت تحت المقصلة، أقدم "عبد الرحيم علي" على محاولة يائسة للإفلات من مصير عكاشة والإبراشي، حيث تقدم باعتذار واضح ومكتوب للبرلمان ورئيسه علي عبد العال يوم الاثنين الماضي، عما نشرته صحيفته "البوابة نيوز" الأسبوع الماضي من اتهامات لعشرات النواب بالفساد والجهل وعدم الجدارة بالعمل النيابي.
كما أصدر عبد الرحيم علي بيانا آخر نفى فيه تأييده للفريق أحمد شفيق أو اتصاله به، مؤكدا دعمه الكامل لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووقوفه بقوة مع النظام في وجه معارضيه، وأنه سينتخبه لفترة ثانية لأنه مرشح الضرورة.
لكن تقارير صحفية أكدت أن النظام لم يغفر لعلي تجاوزه الخطوط الحمراء، مؤكدة أن البرلمان سيشرع في إجراءات رفع الحصانة عنه خلال أيام بعد عودة مجلس النواب للانعقاد قريبا.
السيسي خائف
أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية قال، إن التخلص من كل رجال شفيق، وخاصة الإعلاميين الذين يمكنهم حشد الرأي العام ضد السيسي، هي خطة مدروسة من جانب النظام قبل انتخابات الرئاسة المقبلة.
وأضاف عطية، في تصريحات لـ "
عربي21"، إن الهجوم الأخير على الصحفي عبد الرحيم علي نموذج واضح لهذه الخطة، مشيرا إلى أن النظام يدرك جيدا أن شفيق يمثل خطرا حقيقيا عليه ولا زال لديه فرص جيدة للفوز بالرئاسة إذا خاض الانتخابات ضده.
وأكد أن هذه التصرفات تعكس خوفا واضحا من جانب النظام وقلقا من تعرضه للهزيمة في انتخابات الرئاسة المقبلة، لأنه كان يتوقع أن يتم تعديل مواد الدستور لزيادة مدة الرئيس، لكن رفض الغرب لهذه الخطوة أربك السيسي، ودفعه للإسراع بالتخلص من كل من يهدد استمراره في الحكم حتى لو كان عبد الرحيم علي، الذي كانت الأجهزة الأمنية تسرب له تسجيلات سرية لشباب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 كي يذيعها ويقوم بتشويه الثورة.
"شعبية شفيق كبيرة"
من جانبه، قال الباحث السياسي محمد شوقي إن هناك صراع أجنحة يدور بقوة بين الأجهزة الأمنية في السلطة، مشيرا إلى أن بعض الأجهزة، مثل المخابرات العامة، يدعم الفريق أحمد شفيق لأنه كان رجلا عسكريا ذا ثقل كبير في نظام مبارك، فيما يدعم البعض الآخر السيسي.
وأوضح شوقي، لـ "
عربي21"، أن ظهور شفيق مع وائل الإبراشي وقوله إن تيران وصنافير مصرية وأن السيسي يفرط في أرض الوطن، جعل النظام يستشيط غيظا، ويقرر التخلص من كل أتباع شفيق خوفا من ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة، لافتا إلى أن عبد الرحيم علي هو أحد أهم رجال شفيق في مصر، كما أنه يحصل على تمويل مباشر وسخي لمشروعاته الإعلامية من الإماراتيين.
وأضاف أن شفيق ما يزال يتمتع بشعبية كبيرة في المجتمع، فكثير من المصريين من أنصار نظام مبارك يؤيدون شفيق، كما أن هناك جزءا كبيرا من المواطنين الذين يسخطون على نظام السيسي بسبب سياساته الاقتصادية والاجتماعية، أصبحوا يجدون في شفيق منقذا وأنه الرجل القوي الذي يمكن أن يحكم البلاد، ويضمن ولاء الجيش والأجهزة الأمنية له.