هاجم
الرئيس الكيني أوهورو كينياتا المنتهية ولايته بشدة السبت
القضاء بسبب إبطاله نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 8 آب/أغسطس، رافضا مطالب
المعارضة بتبديل اللجنة الانتخابية المثيرة للجدل على خلفية الشكوك في قدرتها على تنظيم عملية اقتراع جديدة.
وفيما جدّد كينياتا قوله إنه يحترم قرار المحكمة العليا الذي أبطل إعادة انتخابه لولاية جديدة، قال في اجتماع مع ممثلين عن حزبه في القصر الرئاسي: "في كل مرّة نفعل شيئا، يأتي قاض ويصدر حكما. الأمور لا يمكن أن تسير بهذا الشكل، هناك مشكلة لا بد من تصحيحها".
وأضاف: "أعتقد أن ثوب القضاة الذي يرتدونه يجعلهم يظنّون أنهم أذكى من سائر الكينيين".
وندد رئيس نقابة المحامين إسحق أوكيرو بهذه التصريحات ووصفها بأنها "تهديدية" و"غير لائقة".
وركز كينياتا هجومه على القاضي ديفيد ماراغا رئيس المحكمة العليا، قائلا: "مارغا يعتقد أن بإمكانه تغيير الإرادة الشعبية (...) إرادة الشعب لا يمكن أن يغيّرها بضعة أشخاص".
ورفض كينياتا أي تعديل على اللجنة المشرفة على الانتخابات، والتي اتهمها القضاء بأنها "فشلت وأهملت أو رفضت" تنظيم العملية الانتخابية بما يتوافق مع الدستور.
وقال: "ليس لدينا الوقت لأي تعديلات إضافية"، علما أن اللجنة أعلنت الجمعة أنها ستجري تغييرا في أعضائها استعدادا للانتخابات الجديدة.
واتهم خصمه زعيم المعارضة رايلا أودينغا بأنه يريد التلاعب بالانتخابات "ليصل إلى الحكم من الباب الخلفي".
وقال: "لندع اللجنة تقوم بعملها، وليعلنوا موعد (الانتخابات)، ولنتواجه في الاقتراع".
وكان أودينغا انتقد بشدة اللجنة، قائلا إنه لا يثق بتاتا في قدرتها على تنظيم انتخابات جديدة. وأضاف: "ينبغي أن يرحل هؤلاء المفوضون، ومعظمهم ينبغي أن يكونوا في السجن".
"يوم كبير"
ومنذ صدور قرار المحكمة العليا بإبطال نتائج الانتخابات بعد ظهر الجمعة، رحّب عدد كبير من المحللين بما اعتبروه نموذجا لدول إفريقيا التي تشهد أزمات سياسية، ودليل على "نضج ديموقراطي".
واحتفل أنصار المعارضة بهذا القرار تحت أنظار وحدات الشرطة التي كانت تعمل بانضباط.
ووصفت الصحافة الكينية يوم صدور قرار المحكمة بأنه "يوم كبير"، وبدا المشهد هادئا مع إعلان كينياتا الجمعة احترامه للقرار، في اختلاف تام عما جرى يوم إعلان النتائج بفوزه بنسبة 54,27 % من الأصوات، حين قمعت الشرطة التظاهرات وأعمال الشغب بعنف وسقط فيها 21 قتيلا على الأقل.
لكن التصريحات التي أدلى بها السبت أوحت بانطلاق معركة قاسية حول اللجنة الانتخابية.
أخطاء بشرية
في العام 2013، واجهت المحكمة العليا انتقادات حين رفضت طلبا مماثلا تقدم به أودينغا، مستندة إلى اجتهاد قانوني غير حاسم.
وبسبب ذلك، رفض أودينغا البالغ 72 عاما، والذي لم يحالفه الحظ في انتخابات الأعوام 1997 و2007 و2013، تقديم طعن إلى المحكمة هذه المرة أيضا.
لكنه عاد واستجاب لضغوط من الائتلاف المعارض والمجتمع الدولي.
وقال محامو المعارضة في المحكمة إن العملية الانتخابية "جرت بشكل سيّئ وشابتها مخالفات بحيث لم يعد من المهم معرفة من فاز أو من أُعلن فائزا"، وأن فرز النتائج شابته أخطاء "مقصودة ومحسوبة" لتضخيم عدد الأصوات الذي ناله كينياتا، وتقليل نتائج خصمه.
وأقرت اللجنة بوجود "أخطاء بشرية سببها عدم الانتباه"، لكنها أكّدت أنها صححتها ووصفتها بأنها بسيطة جدا بحيث لا يمكن أن تؤثر على النتائج الإجمالية.
وينتظر أن تصدر المحكمة قرارها كاملا في الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر، مع توضيح الاتهامات الموجّهة للجنة الانتخابية.
نهاية الإفلات من المحاسبة
وهي المرة الأولى التي يلغي فيها القضاء نتائج انتخابات في القارة الإفريقية. وقد سجّلت أحكام مماثلة في أماكن أخرى من العالم، في النمسا وهايتي وأوكرانيا وصربيا وجزر المالديف.
ولكينيا تاريخ طويل في الانتخابات التي تطعن المعارضة بنتائجها. وما زال البلد يتذكر أعمال العنف الدامية التي وقعت بعد الانتخابات في 2007 و2008 وراح ضحيتها أكثر من 1100 قتيل.
وكتبت صحيفة "نايشن" في عددها الصادر السبت أن قرار المحكمة "يؤشر على نهاية عهد من الإفلات من المحاسبة عانت منه البلاد لوقت طويل".
وخلصت صحيفة "ذي ستاندارد" إلى أن ما تحتاج إليه
كينيا في هذا الوقت هو انتخابات شرعية عادلة ونزيهة".