زعم الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، يوني بن مناحيم، أن الرئيس
الفلسطيني محمود عباس يعمل على "إحداث حالة من القضاء التدريجي على سلطة حماس في
غزة، كما حصل في نموذج الربيع العربي، بحيث تُسقط حكومة حماس في غزة، رغم قوتها العسكرية".
وادعى بن مناحيم، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أن الرئيس أبا مازن "يتلقى تقارير أمنية من جهاز المخابرات العامة الذي يقوده ماجد فرج، يبلغه فيها أن تذمر الجمهور الفلسطيني في غزة يتزايد؛ بسبب الضائقة الاقتصادية والنقص في
الكهرباء والمياه".
وكان مدير المركز (الإسرائيلي) للبحوث والدراسات الفلسطينية، جيرشون باسكين، حذر القيادة الإسرائيلية من خطورة استمرار الرئيس محمود عباس بإجراءاته العقابية ضد غزة، بقوله: "إنه لا يمكن الضغط على حركة حماس أكثر من ذلك، في ظل هذه الإجراءات لا يوجد لدى إسرائيل أي استراتيجية لمواجهة تدهور أمني قد يحدث في القطاع بسبب هذه الإجراءات".
لم تكن هذه التحذيرات هي الأولى التي يطلقها قادة أمنيون وسياسيون إسرائيليون من مغبة انفجار الأوضاع في غزة، خصوصا بعد الإجراءات المالية التي اتخذها الرئيس عباس، والتي تمثلت بإحالة عشرات الآلاف من موظفي
السلطة في غزة نحو التقاعد وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عن مدن القطاع، ما زاد من حدة الاحتقان في الشارع، الذي لم يعد قادرا على تحمل هذه الأوضاع المعيشية أكثر من لك.
خيارات حماس
ويدرك الجانب الإسرائيلي أن انفجار الأوضاع في غزة لن يكون حدثا عابرا، وأن استمرار تردي الأوضاع المعيشية في غزة بهذه الصورة سيدفع حماس إلى البحث عن جبهة جديدة تحاول من خلالها الخروج من الأزمات التي يعيشها سكان القطاع، إما "لخيار المواجهة العسكرية المباشرة مع الجانب الإسرائيلي (سيناريو الفوضى)، وهو الأقرب للواقع"، بحسب الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، آفي يسخاروف.
وأضاف يسخاروف في مقاله بموقع "ويلا" العبري أن السيناريو الآخر أمام حماس هو "الرضوخ لمطالب عباس؛ بتنازلها عن الحكم، وتسليمه القطاع (سيناريو الانحناء للعاصفة)"، وهذا الخيار مستبعد كون القيادة (العسكرية) الجديدة لحماس ترفض أن يسجل عباس انتصارا على حسابها.
إسقاط حماس
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، أن "الإجراءات التي صادق عليها الرئيس محمود عباس تهدف بشكل أساسي إلى الضغط على حركة حماس؛ لقبولها بشروط المصالحة"، نافيا في الوقت نفسه أن يكون من أهداف هذه الإجراءات "الضغط على الشارع الغزي وإحداث الفوضى في القطاع، كما تتحدث إسرائيل وحلفاؤها في المنطقة".
وأضاف مجدلاني في حديث لـ"
عربي21" أنه في "ظل إصرار حماس على التمسك بدولة غزة، ورفضها المتكرر للجلوس على طاولة المصالحة، فإن عليها تحمل كافة الأعباء الاقتصادية والمالية التي كانت تخصصها السلطة الوطنية لقطاع غزة".
وعن المخاوف الإسرائيلية من أن استمرار الرئيس بهذه الإجراءات قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى في القطاع، قال المجدلاني إن "كل الخيارات مفتوحة أمام الشارع في غزة؛ لإجبار حماس على التنازل عن الحكم للسلطة في رام الله، التي سُلبت منها على يد مليشيات مولتها إيران وقطر قبل عشر سنوات"، مضيفا أن "القيادة الفلسطينية ستؤيد وبقوة مطالب الشارع إذا خرج، مطالبا بإسقاط حكومة حماس".
سيناريو سابق
يشار إلى أنه وفي بداية هذا العام شهد قطاع غزة أكبر موجة احتجاج شعبي؛ رفضا لأزمة الكهرباء منذ سيطرة حماس على القطاع قبل عشر سنوات، ما دفع بالأجهزة الأمنية في غزة إلى فض هذه الاحتجاجات عن طريق الأجهزة الأمنية، واتهمت حماس في وقتها شخصيات قيادية في رام الله، من بينها قائد المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، بدعم هذه المظاهرات، التي كانت تهدف إلى زعزعة استقرار القطاع تحت ذريعة تردي الأوضاع المعيشية.
بدائل حماس
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة فلسطين سابقا، المقربة من حماس، مصطفى الصواف، أنه ورغم تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، إلا أنه "من المبكر الحديث عن سيناريوهات إسقاط حكم حماس في غزة، كما يخطط لها الرئيس عباس استنادا إلى مجموعة من الافتراضات، أهمهما أن الأجهزة الأمنية في غزة لن تقبل بحدوث احتجاجات شعبية، كما حدث سابقا في أزمة الكهرباء بداية هذا العام"، منوها إلى أن "الأجهزة الأمنية امتلكت الكثير من الخبرة في التعامل مع هذه الأزمات". على حد قوله.
وأضاف الصواف في حديث لـ"
عربي21": "أما على المستوى السياسي، فإن قيادة حماس في غزة تحاول البحث عن بدائل سياسية؛ للتقليل من آثار إجراءات الرئيس الانتقامية بحق القطاع، من خلال الذهاب لخيار المصالحة مع القيادي محمد دحلان، الذي يمتلك علاقات قوية مع النظام المصري، والتي من خلالها تستطيع حركة حماس إدارة شؤون القطاع".