مع اقتراب موعد إجراء
انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل، تتسابق الكثير من الأحزاب والقوى السياسية ونواب البرلمان المؤيدين للنظام في
مصر لإعلان دعمهم لاستمرار قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في منصبه.
لكن اللافت للنظر أن هذه الحملات تتصاعد على الرغم من عدم إعلان السيسي نفسه الترشح للانتخابات، ما أثار تساؤلات حول أهداف هذه الحملات التي تأتي تزامنا مع انخفاض حاد وملحوظ في شعبية السيسي في الشارع المصري.
وحتى الآن لم يعلن أي مرشح عزمه خوض انتخابات الرئاسة بشكل واضح، فيما ترددت أسماء بعض الشخصيات المحتمل خوضها السباق الانتخابي، شريطة توافر معايير النزاهة والشفافية فيها، منهم المرشح الرئاسي الأسبق الفريق أحمد شفيق، ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير معصوم مرزوق، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة، والمرشح الرئاسي الأسبق خالد علي.
حملات تأييد بالجملة
وأعلن رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب النائب كمال عامر، أن مجلس النواب بأكمله سيزكي السيسي لولاية رئاسية ثانية بسبب ثقته غير المحدودة فيه.
كما أعلن نواب ائتلاف "دعم مصر"، الذي يمثل الأغلبية البرلمانية داخل مجلس النواب، تأييد السيسي لفترة رئاسة جديدة، وأكد المتحدث باسم الائتلاف صلاح حسب الله، أن نواب الائتلاف سيتحركون في المحافظات المختلفة لشرح إنجازاته للمواطنين وحثهم على المشاركة في الانتخابات.
وعلى المستوى الحزبي، أعلن عدد من الأحزاب المؤيدة للانقلاب بدء تحركاتها في الشارع لدعم السيسي، وذلك من خلال عقد لقاءات جماهيرية لشرح الإنجازات التي تحققت في فترته الرئاسية الأولى وحث المواطنين على انتخابه لفترة جديدة.
ودشن حزب "الغد" حملة بعنوان "مؤيدون" لمساندة السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال رئيس الحزب موسى مصطفى موسى، إن خطة الحملة تتضمن تنظيم 120 مؤتمراً جماهيرياً على مستوى الجمهورية لدعم السيسي وشرح ما حققه من إنجازات.
وأعلن رئيس حزب "المصريين الأحرار" عصام خليل أن الوحدات الحزبية للمصريين الأحرار بدأت فعلياً في توعية المواطنين بالجهود التي بذلها الرئيس في المجال الاقتصادي ومكافحة الإرهاب، لافتا إلى أنه سيتم عقد مؤتمرات حاشدة لدعمه مع اقتراب الانتخابات.
كما أعلن رئيس حزب "التجمع" سيد عبدالعال ورئيس حزب "الوفد" السيد البدوي تأييدهم للسيسي لفترة رئاسية ثانية لاستكمال المسيرة التي بدأها في الدفاع عن الدولة المدنية وحمايتها من الإرهاب.
وقال رئيس حزب "مستقبل وطن" أشرف رشاد، أن الحزب سيكون في أول الصفوف التي تدعم السيسي لفترة رئاسية ثانية لأنه لا يرى شخصاً أجدر من السيسي بحكم مصر في هذه المرحلة العصيبة التى تمر بها.
وفي هذا الإطار، أعلن حزب "شباب مصر" عن إطلاق حملة بعنوان "معك من أجل مصر"، معتبرا أن السيسي هو الشخص الوحيد القادر على تحمل مسؤولية وطن يضم تلالا من المشكلات والتحديات والفساد والفوضى.
موت الحياة السياسية
وتعليقا على هذا الكم الكبير من حملات الدعاية الانتخابية لدعم السيسي، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي إن السبب الرئيسي وراء ظهورها هو وجود فراغ سياسي حقيقي في البلاد، مشيرا إلى عدم وجود مرشح آخر، حتى الآن، يمكنه إقناع الناخبين أو الأحزاب السياسية بقدرته على حكم البلاد.
وأضاف علوي، في تصريحات لـ
"عربي21"، أن النظام نجح خلال السنوات الماضية في تفريغ الحياة السياسية تماما من مضمونها وحصرها في شخص السيسي فقط، وأن النتيجة المترتبة على ذلك هو أن اختفاء جميع المرشحين من الساحة السياسية باستثناء السيسي.
واستبعد أن يكون هناك علاقة بين حملات دعم ترشيح السيسي للرئاسة وبين تراجع شعبيته، مشيرا إلى أنه مهما تراجعت شعبيته فسيفوز بالانتخابات بسبب عدم وجود منافس قوي قادر على إقناع الناس باختياره بديلا للسيسي.
ثلاثة أسباب
لكن الباحث السياسي جمال مرعي رأى أن التراجع الجارف في شعبية السيسي هو أحد أسباب تزايد حملات التأييد المبكرة له، حتى لا يظهر أمام الرأي العام في صورة الرئيس ذي الشعبية الضعيفة.
وأضاف مرعي، لـ
"عربي21"، أن هناك أيضا سببان آخران لزيادة هذه الحملات، وهو التوقيت نفسه حيث من المقرر أن تعقد الانتخابات الرئاسية بعد ثمانية أشهر تقريبا، ومن الطبيعي أن تنشط الدعاية الانتخابية وحملات التأييد لدعم السيسي الآن.
وأشار إلى أن هناك سبب ثالث وجوهري، وهو الدعوات التي يتبناها النظام لإجراء تعديلات على بعض مواد الدستور وزيادة مدة الرئاسة لـ 6 سنوات بدلا من 4، وهذه التعديلات سوف يتم البدء في طرحها داخل البرلمان في تشرين/ أكتوبر المقبل، لذلك تنشط حملات دعم السيسي منذ الآن كي تقدم السيسي في صورة الرئيس المؤيد من الأحزاب والنواب الذي لا يحتاج هذه التعديلات لنفسه بل من أجل الصالح العام ، وبذلك تشكل ضغطا على الرأي العام والبرلمان لتمرير التعديلات الدستورية.