أكدت وسائل إعلام أمريكية أن الولايات المتحدة تملك أدلة جديدة على تورط مسؤولين
مصريين في تعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، في القاهرة، قبل أكثر من عام ونصف.
وكانت
إيطاليا قد اتخذت قرارا منذ أيام بإعادة سفيرها إلى القاهرة، بعد سحبه في نيسان/ أبريل 2016، احتجاجا على عدم التعاون المصري في التحقيقات حول قضية ريجيني.
دليل لا يقبل الشك
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير مطول لها نشرته يوم الأربعاء الماضي، أن واشنطن حصلت على معلومات استخبارية من داخل مصر تؤكد أن ضباطا مصريين خطفوا ريجيني وعذبوه حتى الموت.
اقرأ أيضا: روما تعيد سفيرها إلى القاهرة.. هل انتهت أزمة مقتل ريجيني؟
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين سابقين بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما؛ أكدوا المعلومات الاستخبارية، ووصفوها بأنه "دليل لا يقبل الجدل أو الشك على المسؤولية الرسمية المصرية حول مقتل ريجيني"، وأوضحوا أن الولايات المتحدة مررت هذه المعلومات إلى الحكومة الإيطالية وفق توصية من وزارة الخارجية والبيت الأبيض.
ونقلت "نيويورك تايمز"عن مسؤول بارز في إدارة أوباما قوله: "الإدارة الأمريكية السابقة لم يراودها أي شك في أن تفاصيل القضية كانت معروفة من أعلى القيادات السياسية والأمنية المصرية"، رافضا الجزم إذا ما كانوا يتحملون المسؤولية عن هذه القضية أم لا. لكن مسؤولا آخر أضاف أن الأمريكيين أخبروا الإيطاليين بأن القيادة المصرية تدرك تماما تفاصيل وملابسات مقتل ريجيني، بحسب الصحيفة.
أسرة ريجيني: لدينا أسماء
من جهتها، أعربت أسرة ريجيني عن رفضها وغضبها من قرار الحكومة الإيطالية إعادة السفير الإيطالي لمصر، مشددة على أن هذا القرار يفتقر إلى أدنى درجات التعاطف مع مصابهم.
وتعارض أسرة ريجيني بشدة إعادة تطبيع العلاقات مع مصر، قائلة إن هذا سيزيل الضغوط المفروضة على مصر لمعرفة ومحاسبة الضالعين في مقتل الطالب الإيطالي.
اقرأ أيضا: بعد احتجاج عائلة "ريجيني".. روما ترسل خبيرا قضائيا للقاهرة
وقالت الأسرة، في بيان لها الأربعاء الماضي: "لا يمكن إعادة السفير إلا بعد الحصول على حقيقة أسباب مقتل ريجيني، ومن هو قاتله، وتسليم الجناة للعدالة على قيد الحياة، لكن إذا أعيد السفير قبل ذلك فإنهم يهدرون كرامتنا".
وذكرت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية؛ أن والدة جوليو ريجيني أعلنت اعتزامها زيارة القاهرة مطلع تشرين الثاني/ أكتوبر المقبل، في إطار سعيها للكشف عن حقيقة مقتل نجلها، وأنها طلبت من وسائل إعلام إيطالية وعالمية مرافقتها إلى القاهرة لمطالبة السلطات المصرية بالكشف عن هوية المسؤولين عن الجريمة.
وأكد والد ريجيني أن لدى العائلة أسماء ثلاثة من الضباط المصريين الذين شاركوا في الجريمة، مشيرا إلى أن ممارسة ضغوطات أكبر على السلطات المصرية ستمكن الأسرة من الوصول إلى الحقيقة.
صراع على النفوذ
وتعليقا على هذه التطورات، قال الباحث السياسي جمال مرعي إن "الولايات المتحدة توصل رسالة للنظام المصري مفادها أننا لسنا مع مصر على طول الطريق، كما توصل أيضا هذه الرسالة للعالم؛ لأن التقارب الشديد بين عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب كان واضحا للجميع، خصوصا في مجال مكافحة الاٍرهاب، وأصبح هذا التقارب واضحا بعد زيارة ترامب الأخيرة للسعودية، كما قال.
وأضاف مرعي، في حديث لـ "عربي21": "هناك استراتيجية تتبعها المخابرات الأمريكية، وهي ضرورة وضع الأنظمة العربية تحت سيطرتها الدائمة، وعدم السماح لها بالتقارب مع أي دولة أخرى، ومن الوارد أن يكون هذا هو السبب وراء تصعيد الإعلام الأمريكي بشأن قضية ريجيني التي وصل فيها الطرفان المصري والإيطالي لحلول بعد استجابة القاهرة للضغوط الإيطالية الكبيرة والموافقة على تسليمها معلومات هامة"، وفق قوله.
وأشار إلى أن قضية ريجيني لا تزال قضية غامضة وشائكة، مؤكدا أنه "على الرغم من التفاهمات الأخيرة بين مصر وإيطاليا، إلا أن الجميع يعلم أن أجهزة الأمن المصرية لها يد في تلك القضية، لكن الخلاف حول درجة التورط الرسمي المصري فيها".
قضية حقوق إنسان
لكن أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل؛ رأى أن التصعيد الأمريكي حول قضية جوليو ريجيني لا علاقة بالتنافس الغربي على النفوذ في مصر، أو التقارب الواضح بين القاهرة وروما الذي أسفر عن عودة السفير الإيطالي إلى مصر مؤخرا، مؤكدا أن الصحف الأمريكية تتناول هذه القضية باعتبارها قضية حقوق إنسان عالمية متورط فيها مسؤولون مصريون.
اقرأ أيضا: مصر.. مكافأة المتهم الأول بقتل الإيطالي ريجيني بمنصب رفيع
وأوضح كامل، لـ"عربي21"، أن "قضية تعذيب وقتل ريجيني تعد نموذجا واضحا للحالة المتدهورة التي وصلت إليها حالة
حقوق الإنسان قي مصر بصفة عامة"، معتبرا أن "هذا هو السبب الرئيسي لتصعيد الإعلام الأمريكي حول هذه القضية مرة أخرى"، على حد قوله.
وتابع: "إذا كان ترامب يتفق مع مصر في أمور عديدة، إلا أنه يعرف جيدا أيضا الحالة المتردية لحقوق الإنسان، والتي تتسبب في ضغوط قوية يمارسها الكونجرس عليه يوميا، وهي الضغوط التي أسفرت عن تدخله للإفراج الناشطة آية حجازي التي كانت محتجزة في القاهرة، على الرغم من العلاقة القوية بين ترامب والسيسي وقتها".