تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدون للنظام، من باب التفاخر، صورا لمبانٍ حكومية ومقرات للوزارة
المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة التي أعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي عام 2015 عن مخطط لإنشائها.
لكن هذه الصور استفزت كثير من النشطاء والسياسيين، بعدما كشفت عن بذخ هائل لا يتناسب مع دولة يعاني اقتصادها من أزمة حادة، وويعيش جزء كبير من شعبها تحت خط الفقر. وعلى رأس هذه الصور مبنى وزارة الدفاع الجديدة ثماني الأضلاع، والذي يحمل كل ضلع منه شعار إحدى أسلحة القوات المسلحة المصرية، وأطلق عليه اسم "الأكتاغون"، على غرار "البنتاجون" الأمريكي، بالإضافة إلى أحياء فهمة والفنادق الفاخرة.
اقرأ أيضا: عاصمة السيسي الجديدة في مهب الريح.. وخبراء: مشروع فاشل
وقالت صحيفة "المصري اليوم" يوم الجمعة الماضي؛ إن الحكومة اتفقت مع شركة صينية لبدء تنفيذ ثلاث مناطق كبرى، سكنية وصناعية وخدمية، كما ستقوم شركات عربية ومصرية كبرى، من بينها مجموعة المملكة القابضة السعودية التى يملكها الوليد بن طلال، وإيجل هيلز
الإماراتية التى يديرها محمد العبار، والإسكندرية للإنشاءات التي يملكها هشام طلعت مصطفى، بتسريع تنفيذ المشاريع التنموية فى العاصمة الجديدة عبر تمويلات من صناديق سيادية سعودية وإماراتية.
"عاصمة سيساوية جديدة"
وفي هذا الإطار، قال الرئيس السابق للحزب المصري الديمقراطي، محمد أبو الغار، إنه "أمر غريب أن تكون هناك دولة تعاني ظروفا اقتصادية غاية في الصعوبة، ويكون لديها مبانٍ لجميع الوزارات، ورغم ذلك تذهب لبناء مبان جديدة، مضيفا، عبر فيسبوك: "الأوكتاجون لا يختلف عن "البنتاجون" سوى في عدد الأضلع فقط، فهل هذه هي الطريقة المثلى لاستثمار أموال المصريين؟! حاجة تجنن".
كما سخر الناشط السياسي حازم عبد العظيم من المقر الجديد لوزارة الدفاع؛ قائلا عبر تويتر: "أوعى مقر وزارة الدفاع الجديد الأوكتاجون، اللي النظام هايعمله في العاصمة السيساوية الجديدة عشان يناطح البنتاجون ينسيك إن إحنا فقراء قوي يا مواطن يا عرة!".
واستنكر ناشط يدعى أحمد؛ الاهتمام بأمور ثانوية على حساب حل المشكلات الأساسية التي يعاني منها المواطنون، فقال: "إحنا كنا في أمس الحاجة لمبنى جديد لوزارة الدفاع عشان الفقرا أوي ياكلوا ويتعالجوا وننشط السياحة والاقتصاد".
وكتبت "خنفشار": "بلحة محول كل موارد البلد لبناء قلعة وحصن ليه ولباقي المافيا تحت مسمى العاصمة الإدارية، بيعملوا فيها مطار ومبنى الأوكتاجون بمليارات!"، بينما قال محمود: "مبنى البنتاجون خمس أضلع، والسيسي عايز يزايد ويعمل واحد له ثمانية أضلع ويسميه الأوكتاجون؟ كيد عوالم والله".
البحث عن لقطة
وتعليقا على هذه الصور، قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة؛ إن كثيرا من المشروعات القومية التي يتم تنفيذها مؤخرا، وعلى رأسها "العاصمة الإدارية الجديدة"، لم يتم دراسته بشكل كافٍ.
وأضاف عطوة، في حديث لـ"عربي21"، أن هدف السيسي من إنشاء هذه المشروعات هو التقاط الصور التذكارية له وهو يفتتحها، تماما كما فعل في "قناة السويس الجديدة التي تكلفت مليارات الدولارات والكثير من العمل والعرق من أجل صورة يلتقطها السيسي على متن يخت المحروسة، لكن عندما نبحث عن جدواها الاقتصادية وأرباحها لا نجد شيئا"، كما قال.
وتابع: "العاصمة الإدارية لا يوجد دراسة جدوى لإنشاءاتها، وكل مسؤول جزء من المشروع يهدف فقط لإخراجه في صورة نهائية ترضي غرور السيسي، لذلك لا أستغرب حالة البذخ الشديد في الإنشاءات، فهم يبحثون عن إبهار قائدهم فقط، ولا أحد يهتم بجدوى المشروع أو محتواه".
وأضاف ساخرا: "أخشى أن يأتي وقت ويقول السيسي أن إنشاء العاصمة الإدارية كان هدفه رفع الروح المعنوية للشعب، مثلما قال على قناة السويس الجديدة بعدما سبق وزعم أنها ستجلب للبلاد 200 مليار دولار سنويا"، وفق قوله.
مشروعات وهمية
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية؛ إن العاصمة الإدارية الجديدة لن يتم الانتهاء من إنشائها قبل 10 سنوات على أقل تقدير، مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يكون السبب الذي يجعل النظام يروج لتلك الصور الفاخرة لمباني الوزارات ومن بينها "الأوكتاجون"؛ لأنه يعرف أن كل هذه الصور لن يتم ترجمتها إلى إنجازات حقيقية على أرض الواقع، وفق تقديره.
وأكد عطية، لـ"عربي21"، أن السيسي تسرع في البدء في إنشاء بعض المباني في العاصمة الإدارية؛ "لأنه يخشى أن تنتهي فترة رئاسته دون أن يقدمها للناس باعتبارها أحد بذلك إنجازاته القليلة".
وحول أسباب البذخ في التخطيط العمراني للعاصمة الجديدة، قال عطية إن "تلك المشروعات يقوم على تنفيذها مستثمرون عرب وخليجيون، وهم تعودوا على الاستثمارات الضخمة والإنشاءات التي تحمل درجة عالية من الترف، مثل المراكز التجارية الضخمة أو الملاهي الترفيهية، ولذلك عندما تقوم شركات الإنشاءات الإماراتية بشكل خاص" والتي تتولى تصميم كثير من مباني العاصمة الجديدة" تكون لديها أيضا لمحات من هذا الترف"، لافتا إلى أن النظام لم يدفع "مليما واحدا" في معظم هذه المشروعات حتى الآن؛ لأنها تتم وفقا لبروتوكولات تعاون ويتكفل بها مستثمرون عرب، كما قال.