نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى التصعيد الكوري الشمالي، ردا على التهديدات التي صدرت عن الرئيس الأمريكية دونالد
ترامب، والعقوبات الجديدة التي تم فرضها على بيونغ يانغ.
وكشفت
كوريا الشمالية عن خطة مفصلة حول عزمها على إطلاق صواريخ على القواعد الأمريكية في جزيرة غوام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب، وفي إطار استمرار التصعيد الكلامي الخطير ضد كوريا الشمالية، لم يتوان عن التباهي بالترسانة النووية الأمريكية. وفي هذا الإطار، أكد ترامب من خلال تغريدة على تويتر أن أول قرار له على اعتباره رئيسا للولايات المتحدة، كان بشأن تجديد وتحديث هذه الترسانة.
ولم تزد تغريدات ترامب سوى الطين بلّة، حيث ما فتئ النظام في بيونغ يانغ يؤكد أن البلاد مُعرّضة لهجوم من قبل الولايات المتحدة، مما يستدعي تكثيف الجهود لتطوير قوة ردع نووية. من جانب آخر، ساهم ردّ الرئيس الأمريكي شخصيا على بيان للمتحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الشمالية في إرضاء غرور بيونغ يانغ، التي لطالما رغبت في أن تُعامل على قدم المساواة مع واشنطن.
ونقلت الصحيفة عن "وكالة الأنباء المركزية الكورية"، تصريحات الجنرال كيمراك غيوم، قائد القوة الإستراتيجية للجيش الشعبي الكوري، الذي قال إن "إجراء حوار بناء يعتبر أمرا غير وارد مع رجل فقد صوابه"، وذلك في إشارة إلى ترامب. وأضاف الجنرال غيوم أن الجيش الكوري الشمالي بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروعه المُوجّه ضد جزيرة غوام، الذي من المقرر الانتهاء منه بحلول منتصف شهر آب/ أغسطس والذي سيخضع لتقييم الزعيم الكوري الشمالي الشاب.
وأوردت الصحيفة على لسان وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، في أعقاب الزيارة التي قام بها إلى جزيرة غوام يوم الأربعاء الماضي، أنه "من المستبعد أن نتعرض إلى تهديد وشيك. لا شيء مما شاهدته أو أعرفه يشير إلى تطور في الوضع بطريقة دراماتيكية خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية".
والوتيرة السريعة التي ينتهجها النظام الكوري الشمالي في إطار تطوير ترسانته النووية، خاصة منذ وصول كيم جونغ أون إلى سدّة الحكم، قد ساهمت في إثارة مخاوف البيت الأبيض. وإن دلّ ذلك على شيء فهو يدل على أن واشنطن غير مستعدة، في الوقت الراهن، للتورط في نزاع نووي مع بيونغ يانغ. كما أثار وقوف بكين وموسكو في صف واشنطن حفيظة بيونغ يانغ تجاه البلدين الصديقين؛ حيث هدّدتهما أيضا بتحمل عواقب مواقفهما.
وأضافت الصحيفة أن العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية ستحول دون السماح لها بتصدير العديد من المنتجات لمدة شهر، من قبيل الحديد والرصاص والأسماك، التي كانت تُرسل أساسا إلى
الصين، بما تقدّر قيمته بنحو مليار دولار، أي ما يعادل ثلث الصادرات الكورية الشمالية.
لكن تحوم الشكوك حول العديد من الثغرات التي تشوب هذه العقوبات، وهو ما أكدته الباحثة يون سون في مركز ستيمسون بواشنطن.
وقالت يون سون: "يبقى السؤال المطروح حول مدى جدية بكين في تنفيذ العقوبات، نظرا إلى أن الجارة الصينية لن تتوان عن مدّ كوريا الشمالية بالنفط والوقود والمواد الغذائية الأساسية، وهو ما كان سيحدث الفارق على صعيد العقوبات".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الأموال السرية" التي تمتلكها كوريا الشمالية، يعود مصدرها بالأساس إلى الأعمال التي تديرها في الخفاء في الصين. فضلا عن ذلك، تمتلك بيونغ يانغ احتياطيا هاما من العملة الصعبة الذي يأتى جزئيا من بعض الأعمال التجارية غير المشروعة، على غرار شبكات تجارة المخدرات. وفي هذا السياق، أكد الباحث الأمريكي في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، جون بارك، أن بيونغ يانغ نجحت في التهرب من العقوبات المفروضة عليها على امتداد عقود طويلة.
وتستمر هذه "الأموال السرية في تأمين موارد ضخمة للنظام الكوري الشمالي، بغية تمويل حاجياته من المعدات والمستلزمات المستخدمة ضمن برامجه البالستية والنووية"، وذلك وفقا لبارك. وأكد بارك أن البرنامج الكوري الشمالي لن يتأثر بالعقوبات والاتفاقيات الدبلوماسية على حد سواء.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان الخيار العسكري المطروح من قبل دونالد ترامب، سيغير من طبيعة الوضع الحالي مع كوريا الشمالية. وفي هذا الصدد، قد تؤدي أي ضربات وقائية أمريكية إلى تأجيج خطر التعرض إلى انتقام شامل من قبل كوريا الشمالية على القوات الأمريكية، فضلا عن حليفتيها الكورية الجنوبية واليابانية.
والهدف من العقوبات، وفقا لتيلرسون، يتمثل في ممارسة جملة من الضغوط بغية فتح الطريق أمام المفاوضات، إلا أن ذلك يبدو أمرا صعب المنال. ويعزى ذلك إلى أن المطالب الأمريكية، سواء المتعلقة بنزع السلاح النووي أو بتجميد نسبيّ للأنشطة البالستية والنووية، غالبا ما تواجه بالرفض القاطع من قبل بيونغ يانغ.
وقالت الصحيفة إن العقوبات والشتائم التي يتسلح بها ترامب في مواجهة كوريا الشمالية، لن تجدي نفعا في ردع بيونغ يانغ عن مواصلة السعي وراء طموحها النووي والبالستي. ففي الواقع، توشك كوريا الشمالية على تحقيق هدفها المتمثل في امتلاك قوة ردع معترف بها دوليا.